الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني في مس الأجنبي فرج الخنثى المشكل
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• مس الأجنبي فرج الخنثى المشكل يجري على قواعد النقض بالملامسة، وستأتي إن شاء الله تعالى.
[م-199] اختلف العلماء في وجوب الوضوء فيما إذا مس أجنبي فرج خنثى مشكل:
فقيل: لا ينقض مطلقًا، وهو مذهب الحنفية
(1)
.
وأما المالكية فيجرون حكمه حكم الملامسة لبدن الأجنبي، إن وجد اللذة أو قصدها انتقض وإلا فلا
(2)
.
(1)
سبق أن بينت عند تحرير الخلاف في مس الإنسان ذكره أن الحنفية لا يقولون بالنقض مطلقًا، سواء كان الفرج أصليًا أم مشكلًا، وسواء مس فرجه أم فرج غيره، وسواء كان ذلك بشهوة أم بغير شهوة، وذكرت مصادر هذا القول من مذهب الحنفية في تلك المسألة فارجع إليها إن أردت الرجوع إلى مذهب الحنفية من كتبهم المعتمدة.
(2)
مواهب الجليل (1/ 299)، الخرشي (1/ 156)، حاشية الدسوقي (1/ 121).
• وأما الحنابلة والشافعية فيقسمون المسألة إلى حالات:
الأولى: أن يمس أحد فرجي الخنثى المشكل بدون شهوة، فهذا لا ينقض عندهم؛ وعللوا ذلك بعدم علمهم، هل هو فرج أصلي أو زائد؟
فإن كان زائدًا فلا نقض؛ لأن مس بدن المرأة يشترط أن يكون بشهوة، وإن كان أصليًا نقض، ومع الشك فلا تنتقض الطهارة المتيقنة بالشك، لحديث عبد الله بن زيد في الصحيحين:(فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا).
الثانية: مسهما جميعًا؛ وهذا ناقض للوضوء؛ لأن أحدهما فرج أصلي يقينًا، ومس فرج الغير ينقض وضوء اللامس عندهم، وقد ذكرنا أدلته في مسألة مستقلة.
الثالثة: أن يمس الذكر ذكر الخنثى المشكل بشهوة، فهذا ناقض للوضوء؛ لأنه إن كان الذكر أصليًا فقد انتقضت الطهارة للمسه الذكر، ومس ذكر الغير عندهم ناقض للوضوء، وإن كان الذكر زائدًا فقد مس بدن المرأة بشهوة، ومسها بشهوة حدث ناقض للوضوء، كما سيأتي إن شاء الله تعالى ذكر الخلاف في مس المرأة بشهوة.
الرابعة: أن يمس الذكر قبل الخنثى المشكل بشهوة، فلا نقض عندهم؛ لأننا لا نعلم هل الخنثى المشكل رجل أو امرأة، فإن كان رجلًا فمس الرجل الرجل لا ينقض الوضوء عندهم، ولو كان ذلك بشهوة، وإن كان امرأة فإن الوضوء ينتقض، ومع الشك في حقيقة الحال لم يكن ذلك ناقضًا للطهارة المتيقنة.
الحالة الخامسة: أن تمس الأنثى فرج الخنثى المشكل بشهوة، فهنا ينتقض الوضوء؛ لأن الخنثى إن كان رجلًا فقد مست بدنه بشهوة، ومس المرأة بدن الرجل بشهوة حدث ناقض للوضوء، وإن كانت أنثى فقد مست فرجها، ومس فرج الغير عندهم ينقض الطهارة.
الحالة السادسة: أن تمس الأنثى ذكر الخنثى المشكل بشهوة، فلا ينتقض الوضوء؛ لأننا لا نعلم هل هو أنثى أم رجل؟ فإن كان أنثى فلا نقض؛ لأن مس المرأة المرأة
بشهوة لا ينقض الوضوء عندهم، وإن كان الخنثى رجلًا فإن الوضوء ينتقض، ومع الشك فلا تنتقض الطهارة المتيقنة
(1)
، فصارت الحالات باختصار كالآتي:
الأول: مس الفرجين معًا من الخنثى المشكل ناقض للوضوء عندهم مطلقًا بشهوة أو بغير شهوة.
الثاني: مس أحد الفرجين بدون شهوة لا ينقض مطلقًا.
الحالة الثالثة: مس أحد فرجي الخنثى المشكل بشهوة له أربع حالات:
حالتان ينتقض الوضوء منهما، وهما:
الأولى: أن يمس الذكر ذكر الخنثى المشكل.
الثانية: أن تمس الأنثى فرج الخنثى المشكل.
وحالتان لا ينقض الوضوء، وهما:
الأولى: أن يمس الذكر قبل الخنثى المشكل.
الثانية: أن تمس الأنثى ذكر الخنثى المشكل، وقد ذكرنا تعليلهم لكل حالة من هذه الحالات.
• والراجح في هذه المسألة:
أن مس فرج الغير مطلقًا لا ينقض الوضوء، سواء أكان أصليًا أم مشكلًا؛ لأن الأدلة الواردة إنما وردت في مس الإنسان ذكره، وفي مس المرأة فرجها، ولا يوجد دليل على النقض بمس فرج الغير، وما ورد في ذلك فهو ضعيف كما بينته في مسألة مستقلة، والقياس على مسه لفرجه لا يصح؛ لأن العلة غير معقولة المعنى، وقد بينت خطأ من تصور أن العلة مظنة خروج الخارج في مسألة متقدمة، وعلى التنزل أن العلة هي مظنة خروج الخارج فإنه ينبغي أن يقال بعدم النقض للامس؛ لأن ذكره
(1)
انظر في مذهب الشافعية: روضة الطالبين (1/ 76)، المجموع (2/ 49)، مغني المحتاج (1/ 36)، وانظر في مذهب الحنابلة: كشاف القناع (1/ 127) شرح منتهى الإرادات (1/ 72).
في هذه الحالة لم يقع عليه مس حتى يكون المس سببًا في خروج حدث منه، وأن يقال بنقض الوضوء من الملموس لوجود المظنة المتوهمة، وهم لا يقولون بنقض الملموس، فتناقضوا في طرد العلة، وهكذا القول الضعيف يحمل تناقضه في ذاته، والله أعلم.
* * *