الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معلولة، وإن صحَّحها ابن حبَّان وابن حزم، فقد رواه سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولي زائدة، عن أبي هريرة. قلت: إسحاق مولي زائدة أخرج له مسلم، فينبغي أن يصحّح الحديث، قال: وأمّا رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فإسناد حسن، إِلَّا أنَّ الحفاظ من أصحاب محمد بن عمرو رووه عنه موقوفًا، وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا. فإنكار النّوويّ على الترمذيّ تحسينه معترض، وقد قال الذّهبيّ في "مختصر البيهقيّ":"طرق هذا الحديث أقوى من عدّة أحاديث احتجّ بها الفقهاء، ولم يعلوها بالوقف، بل قدّموا رواية الرّفع، والله أعلم". انتهى كلام الحافظ.
قلت: انظر كلام الذّهبيّ في "المهذّب في اختصار سنن البيهقيّ"(1/ 301)، وقد نقل الشوكاني في "النّيل"(1/ 356) بعض فقرات الحافظ وأقرّه.
وقال الحافظ ابن القيم: "وهذه الطّرق تدل على أنَّ الحديث محفوظ". "تهذيب السنن".
ولكن قال أبو داود عقب إخراج الحديث: "هذا منسوخ، سمعتُ أحمد بن حنبل وسئل عن الغسل من غسَّل الميت، فقال: يُجزئه الوضوء". ومثله قال ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(38، 39) وقال: "ناسخه حديث ابن عباس الآتي". انظر فقه هذا الباب في "المنة الكبرى"(3/ 24 - 25).
وفي الباب عن عائشة، وعليّ، وأبي سعيد الخدريّ، وحذيفة بن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وفي الجميع مقال، وإن ثبت بمجموع الشواهد فهو منسوخ كما سيأتي. انظر تخاريج هذه الأحاديث في "البدر المنير"
(2/ 524).
27 -
باب من لم ير الغُسل من غُسل الميت
• عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس عليكم في غُسل ميتكم غُسل إذا اغتسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم".
حسن: رواه الدَّارقطنيّ في سننه (2/ 76) وعنه الحاكم في "المستدرك"(1/ 386)، عن أحمد ابن محمد بن سعيد، عن أبي شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، عن خالد بن مخلد، عن سليمان ابن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
قال الحاكم: "صحيح على شرط البخاريّ، ولم يخرجاه، وفيه رفض لحديث مختلف فيه على محمد بن عمرو بأسانيد: "من غسَّل ميتًا فليغتسل" انتهى.
وتعقبه الذّهبيّ على قوله "وفيه رد لحديث "من غسل ميتًا فليغتسل" بل نعمل بهما فيستحب الغسل. انتهى.
قلت: وإسناده حسن من أجل الكلام في عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، وهو الذي ذهب إليه الذّهبيّ نفسه في "الميزان" بعد أن ساق أقوال أهل العلم فيه.
ولكن قال البيهقيّ (1/ 306) بعد أن أخرج الحديث عن الحاكم من الطريق نفسه: "هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة، كما أظن".
ونبَّه ابن الملقن في "البدر المنير"(4/ 659) فقال: "أبو شيبة هذا هو إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، وهو ثقة كما سلف، والمطعون فيه الواهي هو أبو شية إبراهيم بن عثمان الكوفي قاضي واسط، فتنبّه لذلك". انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر معقبًا على كلام البيهقيّ: اقلت: أبو شيبة، هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتجّ به النسائيّ ووثَّقه الناس، ومن فوقه احتجّ بهم البخاريّ، وأبو العباس الهمداني هو ابن عقدة حافظ كبير، إنّما تكلّموا فيه بسبب المذهب، ولأمور أخرى، ولم يضعفه بسبب المتون أصلًا، فالإسناد حسن، فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة، بأنَّ الأمر على النَّدب، أو المراد بالغسل غسل الأيديّ، كما صرَّح به في هذا. قلت: ويؤيّد أن الأمر فيه للندب، ما روي الخطيب في ترجمة محمد بن عبد الله المخرميّ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قال لي أبي كتبتَ حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: "كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل"؟ قال: قلت: لا، قال: في ذلك الجانب شاب يقال له محمد بن عبد الله يحدِّث به عن أبي هشام المخزوميّ عن وهيب فاكتبه عنه، قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث، والله أعلم". انتهى كلام الحافظ من "التلخيص الحبير" (1/ 138).
• * *