الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعقوب البصري تكلم فيه كبار النقاد، فقال البخاري:"في حديثه مناكير"، وقال أحمد:"رجل صالح ليس بقوي في الحديث لم يكن صاحب حديث"، وقال ابن سعد:"كان ضعيفًا منكر الحديث"، قال أبو أحمد:"منكر الحديث"، وقال ابن حبان:"كانت فيه غفلة ورداءة حفظ، فكان يرفع المراسيل وهو لا يعلم، ويُسند الموقوف من حيث لا يفهم، فبطل الاحتجاج به"، وقال النسائي:"ليس بثقة". ومشَّاه ابن معين وابن عدي.
وقلت: فمثله لا يُستبعد أن يخطئ في الإسناد، فيجعل جابر بن يزيد محل ابن جريج، مع أن جابر بن يزيد إن كان هو الجعفي، فهو أضعف من ابن جريج، والله المستعان.
وأما ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: "من زار قبر أبويه، أو أحدهما كل جمعة غفر له، وكتب برًا" فهو ضعيف جدا.
رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير""مجمع البحرين"(1329) عن محمد بن أحمد بن النعمان بن شبل البصري، ثنا أبي، حدثني عم أبي محمد بن النعمان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن العلاء البجلي، عن عبد الكريم أبي أمية، عن مجاهد، عن أبي هريرة فذكره.
وفيه سلسلة الضعفاء والمجهولين محمد بن النعمان، وشيخه يحيى بن العلاء البجلي، وشيخه عبد الكريم أبي أمية، كلهم ضعفاء، بل وقد أُتهِم البجلي.
وقد ضعَّفه أيضًا الهيثمي في "المجمع"(3/ 59 - 60) من جهة عبد الكريم أبي أمية.
2 - باب ما جاء من النهي عن زيارة القبور للنساء
• عن أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّارات القبور.
حسن: رواه الترمذي (1056)، وابن ماجه (1576) كلاهما من طريق أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل عمر بن أبي سلمة وهو: عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قاضي المدينة، حسن الحديث. قال فيه ابن معين:"ليس به بأس"، وقال أبو حاتم:"هو عندي صالح صدوق"، وقال البخاري:"صدوق"، وقال ابن عدي:"حسن الحديث".
قال الترمذي: "حسن صحيح"، وصحَّحه أيضًا ابن حبان (3179)، ورواه الإمام أحمد (8449) كلاهما من هذا الوجه.
وأما كون شعبة تركه فكما قال أحمد: "لم يسمع شعبةُ من عمر بن أبي سلمة".
قال الترمذي: "وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يُرخِّص النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور، فلما رخَّص دخل في رخصته الرجال والنساء، وقال بعضهم: إنما كُرِه زيارةُ القبور للنساء لقلة صبرهن، وكثرة جزعهنَّ"، انتهى.
وفي الباب حديثان آخران عن ابن عباس وحسان بن ثابت.
أما حديث ابن عباس فقال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج". رواه أبو داود (3236)، والترمذي (320)، والنسائي (2045)، وابن ماجه (1575) كلهم من طريق محمد بن جحادة، قال: سمع أبا صالح، يحدث عن ابن عباس فذكر الحديث، ولفظهم سواء غير أن ابن ماجه رواه مختصرًا، وأبو صالح هو باذام، ويقال: باذان مولى أم هانئ بنت أبي طالب ضعَّفه أَكثر الأئمة منهم أبو حاتم قال: "يكتب حديثه ولا يحتج به"، وقال النسائي:"ليس بثقة"، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه تفسير، وما أقل ما له من المسند، وفي ذلك التفسير ما لم يتابعه عليه أهل التفسير، ولم أعلم أحدا من المتقدمين رضيه"، وقال الجوزجاني:"إنه متروك"، ونقل ابن الجوزي عن الأزدي أنه قال:"كذاب" وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقوي عندهم"، وقال ابن حبان:"يحدث عن ابن عباس ولم يسمع منه"، وقال أحمد:"كان ابن مهدي ترك حديث أبي صالح".
وأما ابن معين فقال: "ليس به بأس، وإذا روى عن الكلبي فليس بشيء"، وقال ابن المديني عن القطان:"لم أر أحدًا من أصحابنا تركهـ، وما سمعت من الناس يقول فيه شيئًا"، ووثَّقه العجلي، وقد صحَّح حديثه هذا ابن حبان (3179، 3180) وحسَّنه الترمذي، وأخرجه الحاكم (1/ 374) كلهم من هذا الوجه.
وقد زعم ابن حبان أن أبا صالح هو: "ميزان، وهو ثقة"، وقال أيضًا:"أبو صالح: اسمه ميزان بصري ثقة، وليس بصاحب محمد بن السائب الكلبي"، انتهى. واستغربه الحافظ في "التلخيص" (2/ 137) وقال:"ضعيف" وقال في التقريب: "ضعيف مدلس".
وأما الحاكم فأَكَّد أنه باذان، ونفى أن يكون السمان الزيات ذكوان أبو صالح من رجال الشيخين ثم قال:"لكن حديث متداول فيما بين الأئمة، وقد وجدت له متابعا من حديث سفيان الثوري في متن الحديث فخرجته" انتهى.
فالذي يظهر من أقوال أهل العلم في أبي صالح أنه ضعيف، فإن من علم حجة على من لم يعلم.
وأما حديث سفيان الذي أشار إليه الحاكم فهو ما رواه ابن ماجه (1574)، والحاكم (1/ 374)، وأحمد (15657) كلهم من طرق، عن سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيِم القارئ، عن عبد الرحمن بن بهمان، عن عبد الرحمن بن حسان، عن أبيه حسان بن ثابت قال:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوّارات القبور"، وعبد الرحمن بن بهمان لم يرو عنه سوى ابن خُثيم، ولم يُوثر فيه توثيق من أحد غير أن ابن حبان أورده في "الثقات"، وكذا العجلي، فهو مجهول على رأي أهل العلم، وأما الحافظ فجعله "مقبولًا" لتوثيق ابن حبان له كما هو معروف من تتبع "المقبولين" في "التقريب"، ولذا حسَّنه بعض أهل العلم في الشواهد، ومنهم الحاكم.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن علي بن أبي طالب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا نسوة جلوس فقال: "ما يُحبسكن؟ " قُلن: ننتظر الجنازة، قال:"هل تغْسِلْن؟ " قُلن: لا، قال:"هل تحملن؟ " قلن: لا، قال:"هل تُدلين فيمن يُدلي؟ " قلن: لا، قال:"فارجعن مأزوراتٍ غير مأجورات" فهو ضعيف جدًّا، رواه ابن ماجه (1578) عن محمد بن المصفي، قال: حدثنا أحمد بن خالد، قال: حدثنا إسرائيل، عن إسماعيل بن سلْمان، عن دينار أبي عمر، عن ابن الحنفية، عن علي بن أبي طالب فذكر الحديث.
وفيه إسماعيل بن سلمان بن أبي المغيرة التيمي قال النسائي: "متروك"، وضعَّفه أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود والدارقطني وغيرهم، ودينار بن عمر الأسدي، أبو عمر البزَّار قال فيه الحافظ:"صالح الحديث رمي بالرفض".
قلت: هذا الرجل مختلف فيه، فقد وَثَّقه وكيع -على ما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه- وقال أبو الفتح الأزدي:"متروكٌ"، وقال الخَلِيلي في "الإرشاد":"كذَّاب"، وقال البخاري:"كان مختاريًا من شُرط المختار بن أبي عُبَيد (الكذاب)، ونحن نخشى أن يكون وكيع إنما وَثَّقَ غير الراوي عن محمد بن الحنفية، فإذا كان ذلك كذلك -وهو المرجح- فهو متروك" والله تعالى أعلم.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قَبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني ميتًا- فلما فرغنا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفنا معه، فلما حاذى بابه وقف فإذا نحن بامرأة مقبلة، قال: أظنه عرفها، فلما ذهبت إذا هي فاطمة [عليها السلام] فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟ " فقالت: أتيت يا رسول الله، أهْلَ هذا البيت فرحَّمْت إليهم ميتهم، أو عزيتهم به، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فلعلَّك بَلغتِ معهم الكُدَى" قالت: معاذ الله! وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر، قال:"لو بلغت معهم الكُدَى" فذكر تشديدًا في ذلك، فسألت ربيعة عن الكدى، فقال: القبور فيما أحسب.
رواه أبو داود (3123)، والنسائي (1880) كلاهما من طريق ربيعة بن سيف المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو فذكره.
وأخرجه ابن حبَّان في صحيحه (3177)، والحاكم (1/ 373 - 374)، والإمام أحمد (6574) كلهم من هذا الطريق. قال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين".
والصواب: أنه ليس على شرط أحدهما، وفي إسناده ربيعة بن سيف المعافري ضغَّفه النسائي في "السنن"، وقال البخاري:"عنده مناكير"، وقال المنذري:"ربيعة بن سيف المعافري من تابعي أهل مصر وفيه مقال".
وأما ابن حبان فإنه وإن كان أخرج الحديث في صحيحه ولكنه قال في "الثقات": "يخطئ كثيرًا"، وتساهل فيه العجلي فقال:"ثقة".