الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فناداهم فقال: "يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة ابن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعد ربّكم حقًا؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًا"، فسمع عمر قول النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! كيف يسمعوا، وأنَّى يُجيبوا وقد جيَّفوا؟ قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا" ثم أمر بهم فسُحبوا فأُلقوا في قليب بدرٍ.
صحيح: رواه مسلم في الجنة (2874) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس ابن مالك فذكره.
وأما ما رُوي عن عبد الله بن مسعود قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل القَليب فقال: يا أهل القَليب! هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًّا"، قالوا: يا رسول الله هل يسمعون؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، لكنهم اليوم لا يجيبون" فهو ضعيف.
رواه الطبرانيّ في "الكبير"(10/ 198) من طريق أشعث بن سوار، عن أبي إسحاق، عن عمرو ابن ميمون، عن عبد الله فذكره. وأشعث بن سوار الكندي وإن كان رواه مسلم في المتابعات فالأكثر على تضعيفه، ولذا أطلق عليه الحافظ في "التقريب" لفظ "ضعيف" وتناقض في "الفتح" (7/ 303) فقال:"وللطبراني من حديث ابن مسعود مثله بإسناد صحيح".
وقول الحافظ الهيثمي في "المجمع"(6/ 91): "ورجاله رجال الصحيح" صحيح، لأن أشعث ابن سوار من رجال مسلم كما سبق.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن سيدان، عن أبيه، قال: أشرف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أهل القَليب، فقال:"يا أهل القليب! هل وجدتم ما وعد ربّكم حقًا؟ " فقالوا: يا رسول الله! وهل يسمعون؟ قال: "يسمعون كما تسمعون، ولكن لا يجيبون" رواه الطبراني في "الكبير"(7/ 197).
قال الهيثمي في "المجمع"(6/ 91): "وعبد الله بن سِيدَان مجهول".
قلت: وهو كما قال، وقد جهَّله ابن عدي واللالكائي وغيرهما، وقال البخاريّ:"لا يتابع في حديثه". وله الترجمة في "الكامل" و"الميزان" وهو عبد الله بن سِيدان المطرودِي.
4 - باب ما جاء من إنكار عائشة على سماع الموتي
• عن عروة بن الزبير قال: ذكر عند عائشة أن ابن عمر برفع إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إن الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله عليه" فقالت: وَهِل، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه لَيُعذَّب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليكون عليه الآن" وذلك مثل قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلي بدر من المشركين فقال لهم ما قال:"إنهم يسمعون ما أقول" وقد وَهِل، إنّما قال: "إنَّهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم
حق" ثمّ قرأت: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] يقول: حين تبؤوا مقاعدهم من النار.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (3978)، ومسلم في الجنائز (932) كلاهما من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه فذكره.
• عن ابن عمر قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب يوم بدر فقال: "يا فلان يا فلان! هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا؟ أما والله! إنهم الآن يسمعون كلامي" قال يحيى: فقالت عائشة: غفر الله لأبي عبد الرحمن، إنه وَهِل، إنّما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"والله! إنهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم حق" وإن الله تعالى يقول: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22].
حسن: رواه الإمام أحمد (4864) عن يزيد، أخبرنا محمد - يعني ابن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أنه حدثهم عن ابن عمر فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو فإنه حسن الحديث.
فقه الحديث:
إن ما فهمتْه عائشة المخالفة بين الآية والحديث هو الذي فهمه أيضًا بعض الصّحابة، لأنهم تعجبوا من قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"يا فلان بن فلان، يا فلان بن فلان -وجيّفوا- قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا؟ " فأجاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأنهم يسمعون الآن. وهذا الحديث يدل على أنه حصل خرق العادة في هذه الحالة.
ولذا ثبت رجوع عائشة إلى قول هؤلاء لما رواه ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير بإسناد جيد عن عائشة مثل حديث أبي طلحة وفيه: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" أخرجه أحمد بإسناد حسن كما قال الحافظ في "الفتح"(7/ 304).
قلت: وأما ما رواه الإمام أحمد (2572) فهو من طريق هُشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عائشة أنها قالت: لما أمر النَّبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر بأولئك الرهْطِ، فأُلقوا في الطوِيّ: عتبة وأبو جهل وأصحابه، وقف عليهم فقال:"جزاكم الله شرًّا من قوم نبي، ما كان أسوأَ الطرْدِ وأشد التكذيب" قالوا: يا رسول الله! كيف تكلم قومًا قد جيَّفوا؟ فقال: "ما أنتم بأفهم لقولي منهم، أو لهم أفهم لقولي منكم".
وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي قال الهيثميّ في "المجمع"(6/ 90): "رواه أحمد، ورجاله ثقات إِلَّا أن إبراهيم لم يسمع من عائشة، ولكنه دخل عليها" والله تعالى أعلم.