الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب زكاة الأنعام
1 - باب زكاة الإبل
• عن أنس بن مالك، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكِتَابَ لمَّا وجَّهَهُ إلى البحرين:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذه فريضة الصَّدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله من سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعط. في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كلِّ خمسٍ شاةٌ إذا بلغتْ خمسًا وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين ففيها بنت مخاضٍ أنثى، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى خمسٍ وأربعين ففيها بنتُ لبونٍ أنثى، فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستِّينَ ففيها حقَّةٌ طروقة الجَمَلِ، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت يعني ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حِقَّتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقه ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاث مائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاث مائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العشر فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها".
صحيح: رواه البخاريّ في الزكاة (1454) عن محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاريّ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، أنّ أنسًا حدّثه، أنّ أبا بكر كتب له هذا الكتاب، فذكره.
روى البخاريّ هذا الحديث في مواضع متفرقة عن عبد الله بن المثنى بإسناده متصلًا.
ولكن رواه أبو داود (1567) من طريق حماد بن سلمة، قال: أخذت من ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابًا زعم أن أبا بكر كتبه لأنس، فذكر الحديث بكامله. فظنَّ بعضُ أهل العلم أن فيه
انقطاعًا، والصحيح أنه موصول، إلّا أن بعض الرّواة قصّر به فرواه كما ذكره أبو داود.
وقد ذكر البيهقيّ في "المعرفة"(6/ 19) الرواة عن حماد بن سلمة، رووه عنه موصولًا بالتحديث ثم قال:"ولا نعلم من حملة الحديث وحفّاظهم من استقصى في انتقاد الرواة ما استقصاه محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله مع إمامته وتقدّمه في معرفة الرجال وعلل الأحاديث، ثم إنه اعتمد في هذا الباب على حديث عبد الله بن المثنى الأنصاريّ، عن ثمامة بن أنس، فأخرجه في "الصّحيح" عن محمد بن عبد الله بن المثنى، عن أبيه، وذلك لكثرة الشواهد لحديث هذا بالصّحة". انتهى.
قوله: "بنت مخاض" هي التي أتى عليها حول ودخلت في السنة الثانية، وحملت أمّها فصارت من المخاض، وهي الحوامل، والمخاض اسم جماعة للنوق الحوامل.
و"بنت لبون" هي التي أتى عليها حولان، ودخلتْ في السنة الثالثة، فصارتْ أمّها لبونًا بوضع الحمل، أي ذات لبن.
و"الحقة" هي التي أتى عليها ثلاث سنين، ودخلتْ في السنة الرّابعة، فاستحقت الحمل والضراب. و"طروقة الفحل" هي التي طرقها الفحل، أي نزا عليها، وهي فعولة بمعنى مفعولة كما قبل: ركوبة وحلوبة، بمعنى مركوبة ومحلوبة.
و"الجذعة" هي التي تمّت لها أربع سنين، ودخلتْ في الخامسة.
وذكر أبو داود تفسير أسنان الإبل فقال: سَمِعْتُهُ مِن الرِّيَاشِيِّ (وهو عباس بن فرج البصريّ النّحويّ) وَأَبِي حَاتِمٍ (وهو سهل بن محمد السجستانيّ النّحويّ المقرئ، كان إمامًا في علوم القرآن واللغة) وغيرهما ومن كتاب النَّضرِ بنِ شميلٍ ومن كتابِ أبِي عبيد وربما ذكر أحدهم الكلمة قالوا يسمّى الحوار ثمّ الفصيل إذا فصل ثمّ تكون بنت مخاضٍ لسنَة إلى تمام سنتين فإذا دخلت في الثالثة فهي ابنَة لبُون فإِذَا تَمَّتْ له ثلاث سِنِينَ فهو حقٌّ وحقّة إلى تمام أربع سنين لأَنَّها استحقَّت أن تركب ويحمل عليها الفحل وهي تلقح ولا يلقح الذّكر حتّى يثني ويقال للحقَّة طروقة الفحل لأَنّ الفحل يطرقها إلى تمام أربع سِنين فإذا طعنت في الخامسة فهي جَذَعةٌ حتى يتِمَّ لها خمس سنين فإذا دخلتْ فِي السَّادسة وألقى ثنيَّتَه فهو حينئذ ثنيّ حتّى يستكمل سنًا فإذا طعن في السَّابِعَةِ سُمِّيَ الذَّكَرُ رَبَاعِيًا وَالأُنْثَى رَبَاعية إلى تَمام السَّابعة فإذا دخل في الثّامنة وألقَى السِّنَّ السَّدِيسَ الَّذِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَة فَهو سَدِيسٌ وَسَدَسٌ إلى تَمام الثَّامِنَة فإذا دخَل في التِّسع وَطَلَع نَابه فهو بازل أَي بزل نابه يعنِي طلع حتّى يدخل في العَاشرة فهو حِينَئِذ مخلف ثمّ ليس له اسم ولكن يقال بَازِلُ عَام وبازل عامين ومخلف عام ومخلف عامين ومخلِف ثلاثة أعوام إلى خمس سِنِين والخلفةُ الحَامل قال أبُو حاتم والجذوعةُ وقت من الزّمن ليْس بسنٍّ وفصول الأَسنَان عند طلوع سهيل".
قال أبو داود وأنشدنا الرِّياشِيُّ:
إِذَا سُهَيْلٌ آخِرَ اللَّيْلِ طَلَعْ
…
فَابْنُ اللَّبُونِ الْحِقُّ وَالْحِقُّ جَذَعْ
لَمْ يَبْقَ مِنْ أَسْنَانِهَا غَيْرُ الْهُبَعْ
وَالْهُبَعُ الَّذِي يُولَدُ فِي غَيْرِ حِينِهِ" انتهى كلام أبي داود (2/ 247).
وقوله: "ثني البعير" أي استكمل سنا من السنين، بإلقاء ثنيته.
قال ابن سيده: وللإنسان والخف والسبع: ثنيتان من فوق، وثنيتان من أسفل يعني الأسنان.
وألقحَ الفحلُ النّاقةَ إلقاحًا ولقاحًا بوزن أعطى إعطاء وعطاء: إذا أولدها -ولقِحت الناقة- بالكسر -لقحًا ولقاحًا بالفتح: إذا ولدت.
وقوله: "عند طلوع سهيل" يعني أن أسنان الإبل من وقت طلوع النّجم الذي يسمّى سهيلًا؛ لأنّ سهيلًا إنّما يطلع في زمن نتاج الإبل، فالتي كانت ابنة لبون تصير عند طلوع سهيل حقة، وقلّما تُنتج الإبلُ إلّا في زمن طلوع سهيل، فالإبل التي تلد في غير زمنه يحسب سنُّها من ولادتها.
وقوله: "الهُبع" هو الفصيل يولد في الصيف، وقيل: هو الذي فصل آخر النتاج.
• عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة. ولا في الأربع شيء، فإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى أن تبلغ تسعا. فإذا بلغت عشرا ففيها شاتان إلى أن تبلغ أربع عشرة. فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ تسع عشرة. فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه إلى أن تبلغ أربعا وعشرين. فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين. فإذا لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر. فإن زادت بعيرا ففيها بنت لبون إلى أن تبلغ خمسا وأربعين. فإن زادت بعيرا ففيها حقة إلى أن تبلغ ستين. فإن زادت بعيرا ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسا وسبعين. فإن زادت بعيرا ففيها بنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين. فإن زادت بعيرا ففيها حقتان إلى أن تبلغ عشرين ومائة. ثم في كل خمسين حقة. وفي كل أربعين بنت لبون".
حسن: رواه ابن ماجه (1799) عن محمد بن عقيل بن خويلد النيسابوري، حدثنا حفص بن عبد الله السلمي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عمرو بن يحيى بن عُمارة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عقيل بن خويلد، وثقه النسائي ولكن قال الحاكم أبو أحمد: حدَّث عن حفص بن عبد الله بحديثين لم يتابع عليهما. ويقال: دخل له حديث في حديث، وكان أحد الثقات النبلاء.
قلت: هذا الحديث لم يخطئ فيه إن شاء الله لأنه موافق لحديث أنس.
• عن نافع، أنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب:"أنه ليس فيما دون خمسة من الإبل شيء، وإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى تسع، فإذا كانت عشرًا فشاتان إلى أربع عشرة، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث إلى تسع عشرة، فإذا بلغت العشرين فأربع وإلى أربع وعشرين، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت ففيها حقة إلى الستين، فإذا زادت ففيها ابنتا لبون إلى التسعين، فإذا زادت ففيها حقتان إلى العشرين ومائة، فإذا زادت ففي كل خمسين حقّة، وفي كل أربعين ابنة لبون، وليس في الغنم شيء فيما دون الأربعين، فإذا بلغت الأربعين ففيها شاة إلى العشرين ومائة، فإذا زادت فشاتان إلى المائتين، فإن زادت على المائتين فثلاث شياه إلى الثلاث مائة، فإذا زادت على الثلاث مائة، ففي كل مائة شاة".
صحيح: رواه أبو يعلى في "مسنده"(125) عن أبي الرّبيع (هو الزّهرانيّ)، ثنا حماد (هو ابن زيد)، قال: سمعت أيوب وعبد الرحمن وعبيد الله بن عمر يحدّثون عن نافع، أنّه قرأ كتاب عمر بن الخطّاب، فذكره. وهي رواية وجادة وهي إحدى صيغ التحمّل عند المحدّثين.
ورجاله ثقات كما قال الهيثميّ في "المجمع"(3/ 74)، وهو يشبه كتاب أبي بكر لأنس كما سبق.
• عن قَزَعَة بن يحيى البصريّ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ قُلْتُ: إِنِّي لا أَسْأَلُكَ عَمَّا يَسْأَلُكَ هَؤُلاءِ عَنْهُ، قُلْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا لَكَ فِي ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: كَانَتْ صَلاةُ الظُّهْرِ تُقَامُ فَيَنْطَلِقُ أَحَدُنَا إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَأْتِي أَهْلَهُ فَيَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى. قَالَ: وَسأَلْتُهُ عَن الزَّكَاةِ فَقَالَ: لا أَدْرِي أَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ لا؟ "فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَفِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَفِي الإِبِلِ فِي خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ
وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّهٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ". وَسَأَلْتُهُ عَن الصَّوْم فِي السَّفَرِ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ، قَال: فَنَزَلْنَا مَنْزِلا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ"، فَكَانَتْ رُخْصَةً فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلا آخَرَ فَقَالَ:"إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا". فَكَانَتْ عَزِيمَةً فَأَفْطَرْنَا ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ.
صحيح: رواه الإمام أحمد (11307) عن عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدّثني معاوية -يعني ابن صالح-، عن ربيعة بن يزيد، قال: حدّثني قزعة، فذكره بطوله.
ورواه مسلم في الصيام (1120) من هذا الوجه مختصرًا، وهو الجزء الخاص بالصّوم.
• عن عبد الله بن عمر، قال: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابَ الصَّدَقَةِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ، فَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ فَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ عَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ، فَكَانَ فِيهِ:"فِي خَمْسٍ مِن الإِبِلِ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاثُ شِيَاهٍ وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَت الإِبِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً فَشَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ، فَإِنْ كَانَت الْغَنَمُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلَغُ الْمِائَةَ، وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَلا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلا ذَاتُ عَيْبٍ".
قَالَ: وقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ قُسِّمَت الشَّاءُ أَثْلاثًا: ثُلُثًا شِرَارًا، وَثُلُثًا خِيَارًا، وَثُلُثًا وَسَطًا، فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِن الْوَسَطِ وَلَمْ يَذْكُر الزُّهْرِيُّ الْبَقَرَ.
حسن: رواه أبو داود (1568) واللّفظ له، والترمذي (621) كلاهما من حديث عبّاد بن العوّام، حدّثنا سفيان بن حسين، عن الزّهريّ، عن سالم، عن ابن عمر، فذكره.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الإمام أحمد (4632) مختصرًا.
ورواه ابن خزيمة (2267) من وجه آخر عن سفيان بن حسين، مختصرًا.
قال الترمذي: "حديث ابن عمر حديث حسن، والعمل على هذا الحديث عند عامة الفقهاء، وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهريّ، عن سالم، بهذا الحديث ولم يرفعوه، وإنّما رفعه سفيان بن حسين". انتهى.
ونقل البيهقيّ (4/ 88) عن الترمذيّ في كتابه "العلل" قال: "سألت محمّد بن إسماعيل البخاريّ عن هذا الحديث فقال: أرجو أن يكون محفوظًا، وسفيان بن حسين صدوق" انتهى.
قلت: سفيان بن حسين الواسطيّ ثقة في غير الزهريّ باتفاقهم كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" وهو من رجال مسلم.
قال ابن الملقن في "البدر المنير"(5/ 424): "ولا يضرُّ تفرّده، فإنّ سفيان وثّقه ابنُ معين وابن سعد والنسائيّ، وأخرج له مسلم في مقدمة صحيحه، والبخاريّ تعليقًا، لكنّه ضعيف في الزّهريّ.
وقد ارتفع ذلك هنا فإنه توبع، قال ابن عدي فيما نقله البيهقي (4/ 88) عنه:"وافق سفيان بن حسين على هذه الرواية عن سالم، عن أبيه: سليمان بن كثير".
قال: "وبهذا يظهر الرّد على ما نُقل عن ابن معين حيث ضعّف هذا الحديث. وقال: لم يتابع سفيان أحدٌ عليه". انتهى.
ونقل عن الحاكم قوله: "ويصحِّحُه على شرط الشيخين حديثُ عبد الله بن المبارك، عن يونس ابن يزيد، عن الزّهريّ، وإن كان فيه أدنى إرسال، فإنه شاهد صحيح لحديث سفيان بن حسين. ثم ساقه كما أخرجه الدارقطني سواء". انتهى.
قلت: وهو يشير إلى ما رواه أبو داود (1570)، والدّارقطني (1986)، والحاكم (1/ 393 - 394)، والبيهقيّ (4/ 90 - 91) كلّهم من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال:"هذه نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه في الصّدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب، قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتُها على وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر، وسالم بن عبد الله بن عمر حين أُمِّر على المدينة، فأمر عماله بالعمل بها، وكتب بها إلى الوليد بن عبد الملك، فأمر الوليد عماله بالعمل بها، ثم لم يزل الخلفاء يأمرون بذلك بعده، ثم أمر بها هشام فنسخها إلى كل عامل من المسلمين، وأمرهم بالعمل بما فيها ولا يتعدونها".
وكون الزهريّ سمع هذه النسخة من سالم بن عبد الله فوعاها ووجدها سالم منسوخة عند آل عمر ابن الخطاب فهي وجادة والرواية بها صحيحة، وحكمها الرّفع. وسالم بن عبد الله عزاه إلى أبيه في رواية سليمان بن كثير قال: حدّثنا ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال الزّهريّ: أقرأني سالم كتابًا كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات قبل موته (فذكر الحديث).
ومن هذا الطّريق رواه ابن ماجه (1798). وبهذا صحّ قول البخاري والترمذي بأنه حسن.
غير أنّ الدّارقطنيّ في كتابه "العلل"(12/ 291) أشار إلى الاختلاف فيه على الزّهريّ، ورجّح رواية يونس بن يزيد يعني الوجادة، وهي حجّة.
ولذلك قال النووي في "المجموع"(5/ 382): "مدار نصب زكاة الماشية على حديثي أنس وابن عمر رضي الله عنهم".
• عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ: "هَاتُوا رُبْعَ الْعُشُورِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ حَتَّى تَتِمَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ، وَفِي الْغَنَمِ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلا تِسْعٌ وَثَلاثُونَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْءٌ". وَسَاقَ صَدَقَةَ الْغَنَمِ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: "وَفِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي الأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ وَفِي الإِبِلِ". فَذَكَرَ صَدَقَتَهَا كَمَا ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: "وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَةٌ مِن الْغَنَمِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ إِلَى سِتِّينَ". ثُمَّ سَاقَ مِثْلَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: "فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً يَعْنِي وَاحِدَةً وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَت الإِبْلُ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَلا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرْمَةٌ، وَلا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلا تَيْسٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ. وَفِي النَّبَاتِ مَا سَقَتْهُ الْأَنْهَارُ أَوْ سَقَت السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَمَا سَقَى الْغَرْبُ فَفَيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ".
وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ وَالْحَارِثِ: "الصَّدَقَةُ فِي كُلِّ عَامٍ". قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: "مَرَّةً".
وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ: "إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الإِبِلِ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَلا ابْنُ لَبُونٍ فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ شَاتَانِ".
حسن: رواه أبو داود (1572) عن عبد الله بن محمد النّفيليّ، حدّثنا زهير، حدّثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن حمزة، وعن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه قال زهير: أحسبه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال (فذكره).
وعاصم بن حمزة حسن الحديث، وقد تابعه الحارث الأعور.
وصحّحه ابن خزيمة (2270)، ولكنه لم يسم الحارث الأعور، وقال ابن القطان: "إسناده
صحيح، وكلّهم ثقات، ولا أعني رواية الحارث وإنما أعني رواية عاصم". انظر:"نصب الراية"(2/ 352).
إلا أن قوله: "وفي خمس وعشرين خمسةٌ من الغنم" شاذ، والصحيح أن في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض. كما أن قوله في آخر الحديث "إذا لم يكن في الإبل ابنة مخاض ولا ابن لبون فعشرة دراهم أو شاتان" فيه أيضا شذوذ.
قوله: "تبيع" قال أبو عبيد: تبيع ليس بسنّ، إنّما هو صفة، وإنّما سمّي تبيعًا إذا قوي على اتباع أمّه في الرّعي. وقال: إنه لا يقوى على اتباع أمّه في الرّعي إلا أن يكون حوليًّا -أي قد تمّ له حول". ذكره ابن خزيمة في "صحيحه" (4/ 20).
وأمّا ما رُوي: "فإذا زادتْ على عشرين ومائة، تردُّ الفرائض إلى أولها" أي تستأنف بها الفرائض فكلّها ضعيفة.
منها ما رُوي عن علي بن أبي طالب، رواه عنه عاصم بن حمزة:"إذا زادت الإبل على عشرين ومائة، فبحساب ذلك يستأنف بها الفرائض".
قال البيهقيّ: وقد أنكر أهل العلم هذا على عاصم بن حمزة؛ لأنّ رواية عاصم بن حمزة، عن علي خلاف كتاب آل عمرو بن حزم، وخلاف كتاب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وقال الشافعي في كتاب القديم: "راوي هذا مجهول عن علي، وأكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم الذي روى هذا عنه غلط عليه، وإن هذا ليس في حديثه".
قال البيهقي: "يريد قوله في الاستئناف. واستدل على هذا في كتاب آخر برواية من روى عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي بخلاف ذلك".
ثم روى الشافعي عن شريك. والبيهقي عن زهير بن معاوية كلاهما عن أبي إسحاق، عن عاصم ابن حمزة، عن علي، قال:"إذا زادت الإبلُ على عشرين ومائة ففي كلّ خمسين حقّة، وفي كلّ أربعين بنت لبون. قال: وقال عمرو بن الهيثم وغيره عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، مثله. قال الشافعي: وبهذا نقول، وهو موافق للسنة، وهم -يعني بعض العراقيين- لا يأخذون بهذا، فيخالفون ما روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والثابت عن علي رضي الله عنه عندهم إلى قول إبراهيم وشيء يغلط به عن علي رضي الله عنه". انتهى.
قلت: حديث زهير، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه هو ما رواه أبو داود (1572) عن عبد الله بن محمد النّفيليّ، عن زهير، بإسناده مطوّلًا كما سبق.
ومنها ما رواه أبو داود في المراسيل (106) عن موسى بن إسماعيل، قال: قال حماد: قلت لقيس بن سعد: خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم، فأعطاني كتابًا أخبر أنه أخذه من أبي بكر
ابن محمد بن عمرو بن حزم أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كتبه لجدّه فقرأته، فكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإبل، فقصَّ الحديث إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فإذا كان أكثر من ذلك فعد في كلّ خمسين حقّة، وما فضل فإنه يعاد إلى أوّل فريضة الإبل، وما كان أقلّ من خمس وعشرين ففيه الغنم في كلّ خمس ذود شاة، ليس فيها ذكر ولا هرمة ولا ذات عوار من الغنم".
قال البيهقيّ (4/ 94): "وهذا منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقيس بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع، وكذلك حماد بن سلمة، أخذه عن كتاب لا عن سماع، وقيس بن سعد وحماد بن سلمة، وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه بخلاف رواية الحفّاظ عن كتاب عمرو بن حزم وغيره.
وحماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره، فالحفّاظ لا يحتجّون بما يخالف فيه، ويتجنّبون ما ينفرد به عن قيس بن سعد خاصة وأمثاله، وهذا الحديث قد جمع الأمرين ما فيه من الانقطاع" انتهى.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "سمعت أبي يقول: ضاع كتاب حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، فكان يحدّثهم من حفظه، فهذه قصّته". ذكره ابن عدي في "الكامل"(2/ 670).
قال حماد بن سلمة: "استعار مني حجاج الأحول كتاب قيس، فذهب إلى مكة، فقال: ضاع". انظر: "معرفة السنن والآثار"(3/ 29).
قال البيهقيّ: "وإذا كان حديث حماد، عن قيس بن سعد مرسلًا، وخالفه عدد، وفيهم ولد الرجل. والكتاب بالمدينة يتوارثونه بينهم فأخبروا بما وجدوا فيه، ويعرف عنه عمر بن عبد العزيز، وأمر بأن ينسخ له فوجد بخلاف ما رواه حماد عن قيس بن سعد موافقًا لما وجد في الكتاب الذي كان عند آل عمر بن الخطاب، موافقًا لما رواه سفيان بن حسين موصولًا، موافقًا لما رواه ثمامة بن عبد الله موصولًا، إنما يدلّك كلّ هذا على خطأ تلك الرواية التي قد انفردت عن سائر تلك الروايات وأن الأخذ بغيرها أولى". انظر: "معرفة السنن والآثار"(6/ 29 - 30).
• عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدّه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسُّنن والدِّيات، وبعث به مع عمرو ابن حزم، فقرئت على أهل اليمن، وهذه نسختها: "من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال، والحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، قيل ذي رُعَينٍ ومعافر وهمدان: أمّا بعد، فقد رجع رسولكم، وأعطيتم من الغنائم خُمس الله، وما كتب الله على المؤمنين من العشر في العقار، وما سقت السَّماء أو كان سَيْحًا أو بَعْلا، ففيه العُشْر إذا بلغ خمسة أوسق، وما سقي بالرَّشاء، والدَّالية، ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق. وفي كلّ خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعًا وعشرين، فإذا زادتْ واحدة على أربع وعشرين ففيها ابنة مخاض، فإن لم
توجد بنت مخاض، فابن لبون ذكر إلى أن تبلغ خمسًا وثلاثين، فإذا زادتْ على خمس وثلاثين، ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ خمسا وأربعين، فإذا زادتْ على خمس وأربعين، ففيها حقة طروقة إلى أن تبلغ ستين، فإن زادت على ستين واحدة، ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسة وسبعين، فإن زادت على خمس وسبعين واحدة، ففيها ابنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين، فإن زادت على تسعين واحدة، ففيها حقّتان طروقتا الجمل، إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فما زاد ففي كلّ أربعين ابنة لبون، وفي كلّ خمسين حقة طروقة الجمل، وفي كلّ ثلاثين باقورة بقرة. وفي كلّ أربعين شاة سائمة شاة إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فإن زادتْ على عشرين واحدة، ففيها شاتان إلى أن تبلغ مئتين، فإن زادت واحدة، فثلاثة شياه إلى أن تبلغ ثلاث مائة، فما زاد ففي كل مائة شاة شاة. ولا تؤخذ في الصّدقة هرمة، ولا عجفاء، ولا ذات عوار، ولا تيس الغنم، ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خيفة الصّدقة، وما أخذ من الخليطين، فإنّهما يتراجعان بينهما بالسّوية. وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم، فما زاد ففي كلّ أربعين درهمًا درهم، وليس فيها دون خمس أواق شيء، وفي كلِّ أربعين دينارا دينار. وإنَّ الصَدقةَ لا تحل لمحمّد ولا لأهل بيته، وإنّما هي الزّكاة تزكي بها أنفسهم في فقراء المؤمنين، أو في سبيل الله. وليس في رقيق ولا مزرعة ولا عمالها شيء، إذا كانت تؤدى صدقتها من العشر. وليس في عبد المسلم ولا فرسه شيء. وإنّ أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير الحق، والفرار في سبيل الله يوم الزحف، وعقوق الوالدين، ورمي المحصنة، وتعلّم السّحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم. وإنّ العمرة الحج الأصغر. ولا يمسُّ القرآن إلا طاهر. ولا طلاق قبل إملاك، ولا عتق حتى يبتاع. ولا يصلينَّ أحدكم في ثوب واحد ليس على منكبه منه شيء، ولا يحتبين في ثوب واحد ليس بينه وبين السماء شيء، ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد وشقه باد. ولا يصلين أحدكم عاقصا شعره. وإنّ من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة، فهو قود إلا أن يرضى أولياء المقتول. وإنَّ في النفس الدية مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدّية، وفي اللسان الدّية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذّكر الدّية، وفي الصّلب الدية، وفي العينين الدّية، وفي الرّجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدّية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل أصبع من الأصابع من اليد والرجل عشر من الإبل، وفي السن
خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل، وإنّ الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار".
صحيح وجادة: رواه ابن حبان (6559) -واللّفظ له-، والحاكم (1/ 395 - 396)، والبيهقيّ (4/ 89) مطوّلًا.
ورواه النسائي (4853)، والدّارميّ (1661، 1668، 1675) مختصرًا متقطّعًا -كلّهم من طرق عن الحكم بن موسى، ثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، حدّثني الزّهريّ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح كبير مفسر في هذا الباب يشهد له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، وأقام العلماءُ في عصره محمّد بن مسلم الزّهريّ بالصّحة كما تقدم ذكري له، وسليمان بن داود الدّمشقيّ الخولانيّ معروف بالزّهريّ، وإن كان يحيى بن معين غمزه فقد عدله غيره.
كما أخبرنيه أبو أحمد الحسين بن علي، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: سمعت أبي وسئل عن حديث عمرو بن حزم في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه له في الصدقات، فقال: سليمان بن داود الخولاني عندنا ممن لا بأس به، قال أبو محمد بن أبي حاتم: وسمعت أبا زرعة يقول ذلك". وقال: "هو قواعد الإسلام" انتهى.
ونقل ابن الجوزيّ في "التحقيق"(3/ 11)، والبيهقيّ في "السنن" (4/ 90) عن الإمام أحمد أنه سئل عن حديث الصّدقات الذي يرويه يحيى بن حمزة أصحيح؟ فقال:"أرجو أن يكون صحيحًا".
قال البيهقيّ: "وقد أثنى جماعة من الحفّاظ على سليمان بن داود الخولاني منهم: أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرّازيان، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وابن عدي الحافظ، قال: وحديثه هذا يوافق رواية من رواه مرسلًا، ويوافق رواية من رواه من جهة أنس بن مالك وغيره موصولًا".
قلت: هذا كله بناء على أنّ سليمان اسم أبيه داود وهو الخولانيّ، ولكن رواه النسائي (4854) من وجه آخر من طريق محمد بن بكار بن بلال قال: حدّثنا يحيي، حدّثنا سليمان بن أرقم، قال: حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدّه، فذكره مختصرًا.
قال النسائي: "وهذا أشبه بالصّواب، وسليمان بن أرقم متروك الحديث، وقد روي هذا الحديث يونس عن الزهري مرسلًا". انتهى.
قلت: هذا الذي قاله كثير من الأئمة، ووهّموا فيه الحكم بن موسى، فقالوا: غلط في اسم أبي سليمان، فقال: داود، والصحيح: إنه أرقم. نبّه على ذلك أبو داود في مراسيله (247).
وقد تردّد أبو حاتم في أوّل الأمر فقال: "لا أدري أيّهما هو، ثم قال: وما أظن أنه هذا الدمشقي (يعني سليمان بن داود الخولانيّ الدّمشقيّ) ويقال: إنّهم أصابوا هذا الحديث بالعراق من حديث سليمان بن أرقم". "العلل"(1/ 222).