الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هريرة فذكره.
وإسناده حسن لأجل محمد بن إسحاق فإنه مدلس، فإذا صرَّح يُحسن حديثه، وقد وقع التصريح بالتحديث عند ابن حبان (3077) فإنه رواه من وجه آخر عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسلمان الأغر مولى جهينة، كلهم حدثوني عن أبي هريرة فذكر الحديث.
17 - باب ما جاء من الأدعية على الجنازة
• عن عوف بن مالك يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظتُ من دعائه وهو يقول:"اللهم! اغفر له وارحمه، وعافه واعفُ عنه، وأَكرِم نُزُلَه، ووَسِّع مُدخَلَه، واغسِله بالماء والثلج والبَرَد، ونَقِّه من الخطايا كما نَقَّيتَ الثوبَ الأبيضَ من الدنَس، وأبدِله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخِله الجنة، وأعِذه من عذاب القبر أو من عذاب النار" قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت.
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (963) عن هارون بن سعيد الأيلي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن حبيب بن عبيد، عن جبير بن نُفير، سمعه يقول: سمعت عوف بن مالك فذكر الحديث.
وفي رواية عنده من طريق ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي حمزة بن سليم، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه ولفظه:"اللهم! اغفر له وارحمه، واعف عنه وعافه، وأكرم نُزُلَه، ووسِّع مُدخله، واغسِله بماءٍ وثلجٍ وبَرَدٍ، ونَقِّه من الخطايا كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدنس، وأبدله دارُا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وقِهِ فتنةَ القبرِ وعذابَ النار".
وروى الترمذي (1025) من هذا الوجه مختصرا بقوله: "اللَّهم اغفر له، وارحمه، واغسله بالبرد، واغسله كما يُغسل الثوب".
وقال: قال محمد -يعني البخاري-: "أصح شيء في هذا الباب هذا الحديث". كذا بصيغة المجهول: "كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ"، هذا هو الصحيح ولا يحتاج إلى تفسير، وأما قوله:"كما نَقَّيتَ الثوبَ الأبيضَ" فيحتاج إلى كشف معانيه.
• عن أبي هريرة قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: "اللَّهم! اغفر لحيِّنا ومَيِّتِنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأُنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللَّهم! من أحييته منا فأحيه على الإيمان، ومن توفيتَه منا فتوفه على الإسلام، اللَّهم! لا تحرمنا
أجره، ولا تضلنا بعده".
صحيح: رواه أبو داود (3201)، والترمذي (1024)، وابن ماجه (1498) من طرق عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكره، إلا ابن ماجه فإنه أخرجه من وجه آخر عن أبي سلمة بإسناده مثله.
ويحيى بن أبي كثير مدلس، إلا أنه توبع عند ابن ماجه فرواه من طريق محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، كما أنه صرَّح بالتحديث في رواية الحاكم (1/ 358) وصحَّحه على شرط الشيخين، وصحَّحه أيضًا ابن حبان (3070).
وليحيى بن كثير طرق أخرى، منها: ما رواه الأوزاعي عنه، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة قال: "اللَّهم! اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا"، رواه الترمذي (1024)، والنسائي (1986)، وقال الترمذي:"حديث والد أبي إبراهيم حسن صحيح"، وقال: سمعتُ محمدًا -يعني البخاري- يقول: "أصح الروايات في هذا، حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي إبراهيم الأَشهلي، عن أبيه، وسألتُه عن اسم أبي إبراهيم فلم يعرفه"، انتهى.
وقال أبو حاتم عن أبي إبراهيم الأشهلي: "لا يُدري من هو؟ ""الجرح والتعديل"(9/ 332).
وجعله الحافظ في درجة "مقبول" أي حيث يتابع، وقد توبع.
ومنها ما رواه هشام الدستوائي وعلي بن المبارك هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، عن سلمة ابن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
ورواه الحاكم (1/ 358) من طريق عمر بن يونس بن القاسم اليمامي، ثنا عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: سألت عائشة أم المؤمنين كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الميت فقالت: كان يقول: "اللَّهم! اغفر لحينا وميتنا، وذَكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، اللَّهم! من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان".
جعله الحاكم شاهدًا صحيحًا على شرط مسلم لحديث أبي هريرة.
ولكن قال الترمذي: حديث عكرمة بن عمار غير محفوظ، وعكرمة ربما يهم في حديث يحيي".
قلت: وهو كما قال، والجمهور على أنه مضطرب الحديث وخاصة في روايته عن يحيى بن أبي كثير، لأنه لم يكن عنده كتاب ولعلّ هذا منه، لأن المعروف أن هذا الحديث رواه الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة.
وليحيى بن أبي كثير طرق أخرى منها ما رواه عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت، فسمعه يقول: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا،
وذَكرنا وأُنثانا".
قال: وحدثني أبو سلمة بهؤلاء الثمان كلمات، وزاد كلمتين:"من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان".
رواه الإمام أحمد (17546، 22554) من طريقين عن همام، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثنا عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه فذكره، وقد صرَّح ابن أبي كثير في إحدى روايته بالتحديث. وهذا الطريق ذكره الذهبي في المختصر السنن الكبرى" (3/ 1385) وسكت عليه.
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اللَّهم! عبدُك وابن عبدك، كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدًا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، إن كان محسنًا فزده في إحسانه، وإن كان مسيئًا فاغفر له، ولا تَحرمنا أجره ولا تَفتِنَّا بعده".
صحيح: رواه أبو يعلى "المقصد العلي"(465) عن وهب بن بقية، أنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق المديني، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة فذكر الحديث، وصحَّحه ابن حبان (3073) فأخرجه عن أبي يعلى وهو أحمد بن علي بن المثنى الموصلي به مثله.
وإسناده صحيح، قال الهيثمي في "المجمع" (3/ 33): رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".
قلت: وهو كما قال، ولكن رواه مالك في الجنائز (3/ 33)، وعنه عبد الرزاق في المصنف" (6425) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، أنه سأل أبا هريرة كيف تُصلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرة: لعَمرُ الله أُخبِرُكَ أتَّبِعُها من أهلها، فإذا وُضِعت كبَّرتُ وحمدتُ الله، وصليتُ على النبي، ثم أقول: فذكر الدعاء ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس فيه انقطاع كما قالوا: فإن سعيد بن أبي سعيد المقبري روي عن أبيه، عن أبي هريرة، وروي أيضًا عن أبي هريرة بدون واسطة أبيه.
وأما كون مالك أوقفه فلعله يَعُود إلى سعيد بن أبي سعيد المقبري فإنه اختلط عليه قبل موته، فلعله رواه مرة مرفوعًا، ثم شك فرواه موقوفًا فما كان من اليقين يُؤخذ، وما كان من الشك يترك.
وأما ما رُوي عن علي بن شماخ قال: شهدتُ مروان يسأل أبا هريرة: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنازة؟ قال: أمع الذي قلت؟ قال: نعم، قال: كلام كان بينهما قبل ذلك، قال أبو هريرة:"اللَّهم أنت ربها، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، جئناك شُفَعَاء فاغفر له" فهو ضعيف.
رواه أبو داود (3200) عن أبي معمر عبد الله بن عمرو، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أبو الجُلاس عقبة بن سيار، حدثني علي بن شَمَّاخ قال: شهدت مروان سأل أبا هريرة: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنازة فذكر الحديث مثله.
ورواه الإمام أحمد (7477) عن يزيد، أخبرنا شعبة، عن الجُلاس، عن عثمان بن شمَّاس قال:
سمعت أبا هريرة ومرَّ عليه مروان فقال: بعضَ حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو حديثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع، فقلنا: الآن يقع به، قال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز؟ فذكره.
قال أبو داود: أخطأ شعبةُ في اسم علي بن شَماَّخ، قال فيه عثمان بن شماس، وسمعت أحمد ابن إبراهيم الموصلي يحدث أحمد بن حنبل قال: ما أعلم أني جلست من حماد بن زيد مجلسًا إلا نهى فيه عن عبد الوارث وجعفر بن سليمان. انتهى.
ورُوي هذا الحديث بأسانيد كثيرة إذا جمعت تبين أن فيها اضطرابًا في الإسناد، وجهالةٌ في بعض الرواة، واختلافًا في الوقف والرفع، انظر هذه الأسانيد واختلافها في كتاب الدعاء للطبراني (1179، 1180، 1182، 1183، 1184، 1185)
• عن واثلة بن الأسقع قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين، فسمعته يقول:"اللَّهم! إن فُلان بن فُلان في ذمتك، وحبلِ جوارك، فقِه من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهلُ الوفاء والحق - وفي رواية "الحمد" اللهم فاغفر له، وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم".
حسن: رواه أبو داود (3202)، وابن ماجه (1499) كلاهما عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا مروان بن جناح، قال: حدثني يونس بن ميسرة بن حَلبَسِ، عن واثلة بن الأسقع فذكره ولفظهما سواء.
وإسناده حسن من أجل مروان بن جناح الأموي مولاهم، الدمشقي، أصله كوفي، وثَّقه جماعة من أهل العلم، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الحافظ في "التقريب":"لا بأس به".
قلت: ومثله يحسن حديثه. والوليد بن مسلم، القرشي مولاهم كثير التدليس والتسوية، وقد صرَّح بالتحديث فانتفت منه شبهة التدليس.
وأخرجه الإمام أحمد (16018) وصحَّحه ابن حبان (3074) كلاهما من طرق، عن الوليد بن مسلم بإسناده مثله.
وقوله: "حبل جوارك" قال بعضهم: كان من عادة العرب أن يخيف بعضهم بعضًا، فكان الرجل إذا أراد سفرًا أخذ عهدًا من سيد كل قبيلة، فيأمن به مادام في حدودها حتى ينتهي إلى الأخرى، فيأخذ مثل ذلك، فهذا حبل الجوار، أي مادام مجاورًا أرضه، أو هو من الإجارة: وهو الأمان والنصرة"، قاله المنذري.
• عن يزيد بن ركانة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للجنازة ليصلي عليها قال: "اللهم! عبدُك وابن أمتك احتاج إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، إن كان
محسنًا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه".
حسن: رواه الحاكم (1/ 359) عن أبي محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن الخلال بمكة، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق الكاتب، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن ركانة فذكر الحديث.
قال الحاكم: "هذا إسناد صحيح، ويزيد بن ركانة وأبوه ركانة بن عبد يزيد صحابيان من بني المطلب بن عبد مناف ولم يخرجاه".
قلت: يزيد بن ركانة وأبوه صحابيان كما قال الحاكم، وكذا أكد أيضًا ابن عبد البر في الاستيعاب.
وأخرج ابن قانع والطبراني من طريق حسين بن زيد بن علي، عن ابن عمه جعفر بن محمد الحديث المذكور. أورده الحافظ في "الإصابة"(3/ 655).
قلت: وأما الطبراني فرواه في "المعجم الكبير"(22/ 249) من وجه آخر عن يعقوب بن حميد ابن كاسب، ثنا حسين بن زيد بن علي بإسناده مثله، "وفيه كبَّر على الميت أربعًا" وزاد في آخر الحديث:"ثم يدعو بما شاء الله أن يدعو".
وفيه يعقوب بن حميد بن كاسب المدني نزيل مكة، وقد ينسب إلى جده، تكلم فيه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، إليه أشار الحافظ الهيثمي في "المجمع" (3/ 34) بقوله:"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يعقوب بن حميد وفيه كلام".
قلت: ولا يضر الكلام فيه لأنه تابعه إبراهيم بن المنذر الحزامي في إسناد الحاكم، وهو حسن الحديث، وثَّقه الدارقطني وقال أبو حاتم:"صدوق"، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وجعله الحافظ في درجة "صدوق" وقال:"تكلم فيه أحمد لأجل القرآن وهو من رجال البخاري دون مسلم".
وأما ما روي عن ابن عباس مرفوعًا: أنه صلى الله عليه وسلم إذا صلى على ميت قال: "اللهم! اغفر لحينا وميتنا، ولذَكرنا ولأنثانا، ولصغيرنا ولكبيرنا، من أحيته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم! عفوك، عفوك" فإسناده ضعيف والحديث صحيح.
رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط""مجمع البحرين"(1286) عن أحمد، ثنا عبيد، ثنا عطاء بن مسلم الخفاف، عن العلاء بن المسيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس فذكره.
وعطاء بن مسلم الخفاف قال فيه البخاري: "لا أعرفه" وقال أبو داود: "ضعيف" وقال الإمام أحمد: "مضطرب الحديث" وقال ابن حبان: "كان شيخا صالحًا، دفن كتبه، ثم جعل يحدث، فكان يأتي بالشيء على التوهم فيخطئ، فكثر المناكير في أخباره، وبطل الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات". "المجروحين"(724) وذكره أيضًا ابن الجوزي في "الضعفاء".
ولكن كان ابن معين حسن الراي فيه لصلاحه فوثَّقه، وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 33):