الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا الهيثميّ فقال في "المجمع"(3/ 16): "فيه من لم أعرفه".
قلت: ويحيى بن أبي إسحاق اثنان كلاهما يرويان عن أنس، وكلاهما في طبقة واحدة، أحدهما الهنائي وهو "مجهول". جزم المزي في "تهذيب الكمال" أنه الهنائي.
ويرى الحافظ ابن حجر أنَّ الهنائي شخص آخر واسمه يحيى بن يزيد أبو نصر، وهو من رجال مسلم.
والثاني: يحيى بن أبي إسحاق الحضرميّ مولاهم البصري وهو أيضًا ممن يرُوي عن أنس بن مالك، إِلَّا أن هذا من رجال الجماعة ثقة، وتكلم فيه يحيى بن معين فقال: في حديثه بعض الضّعف، وقال الإمام أحمد: في حديثه نكارة.
والنفس تطمئن إلى أنه يحيي بن إسحاق الهنائي؛ لأنَّ هذا الحديث لو كان من أحاديث الحضرميّ لرُوي عنه كبار أصحابه، والله تعالى أعلم.
وأمّا ما رُوي عن سراقة بن مالك، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له:"ألا أدلك على أفضل الصّدقة؟ ابنتُك، مردودة إليك، ليس لها كاسب غيرك" ففيه انقطاع.
رواه ابن ماجه (3667)، والبخاريّ في "الأدب المفرد"(80، 81)، والحاكم (4/ 176) كلّهم من طرق عن موسى بن عُليّ بن رباح، قال: سمعت أبي يذكر عن سراقة بن مالك، فذكر الحديث.
هكذا في رواية ابن ماجه والحاكم، وفي إحدى الروايتين للبخاريّ في الأدب المفرد: عن سراقة بن مالك.
وفي الرواية الثانية: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لسراقة بن مالك.
وقد صرَّح العلائيّ وغيره أن رواية عُليّ بن رباح عن سراقة مرسلة، وعليه بدل ما رواه أحمد (17586) قال: بلغني عن سراقة بن مالك، فذكره.
وهذا فيه تصريح بأنه لم يسمعه من سراقة بن مالك بينهما رجل.
4 - باب أجر الإنفاق على الزوج والأيتام
• عن أبي سعيد الخدريّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ! تَصَدَّقُوا". فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ:"يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ". فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ، مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ".
ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ زَيْنَبُ. فَقَالَ: "أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ ". فَقِيلَ: امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ: "نَعَمْ، ائْذَنُوا لَهَا". فَأُذِنَ لَهَا، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ اليَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ
عِنْدِي حُلِيٌّ لِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزّكاة (1462)، ومسلم في الإيمان (80) كلاهما من حديث محمد بن جعفر، أخبرني زيد، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكره. واللّفظ للبخاريّ.
وأمّا مسلم فلم يسق لفظه وإنما أحال على حديث ابن عمر، وليس فيه قصّة ابن مسعود وزوجته.
• عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ: كُنْتُ فِي المَسْجِدِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ -وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا- قَالَ: فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حَجْرِي مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ: سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى البَابِ حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلالٌ فَقُلْنَا: سَلِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي؟ وَقُلْنَا: لا تُخْبِرْ بِنَا فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: "مَنْ هُمَا؟ " قَالَ: زَيْنَبُ، قَالَ: "أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ " قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: "نَعَمْ، لَهَا أَجْرَانِ، أَجْرُ القَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزّكاة (1466)، ومسلم في الزّكاة (1000/ 46) كلاهما من طريق عمر بن حفص، حَدَّثَنَا أبيّ، حَدَّثَنَا الأعمش، قال: حَدَّثَنِي شقيق، عن عمرو بن الحارث، عن زينب فذكرته.
وفي سنن ابن ماجه (1835): "وكانت زينب صناع اليدين". أي تصنع باليدين وتكسب. والأيتام هم بنو أخيها.
• عَنْ رَائِطَةَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ -وَكَانَتْ امْرَأَةً صَنَاعَ الْيَدِ- قَالَ: فَكَانَتْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ مِنْ صَنْعَتِهَا قَالَتْ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ شَغَلْتَنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ عَنِ الصَّدَقَةِ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ مَعَكُمْ بِشَيْءٍ! فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ! مَا أُحِبُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ أَنْ تَفْعَلِي. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا وَلَيْسَ لِي وَلَا لِوَلَدِي وَلَا لِزَوْجِي نَفَقَةٌ غَيْرَهَا، وَقَدْ شَغَلُونِي عَنِ الصَّدَقَةِ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِيمَا أَنْفَقْتُ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ فَإِنَّ لَكِ فِي ذَلِكَ أَجْرَ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ".
حسن: رواه الإمام أحمد (16086) عن يعقوب، حَدَّثَنَا أبيّ، عن ابن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن رائطة، فذكرته.
ورواه أيضًا (16085) من وجه آخر هو والطَّبرانيّ في "الكبير"(34/ 263) كلاهما من حديث سليمان بن داود الهاشميّ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزّناد، عن أبيه، عن عروة بن الزُّبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، به مختصرًا.
وصحّحه ابن حبَّان (4247) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، بإسناده، مثله. ومحمد بن إسحاق وإن كان مدلِّسًا فقد صرَّح بالتّحديث، كما أنه توبع. وقد أشار إليه الهيثميّ في "المجمع". (3/ 108).
ورائطة هي ابنة عبد الله بن معاوية الثقفية، قيل إنها زينب امرأة ابن مسعود نفسها، وأن رائطة لقبها. وقيل: بل هما اثنتان وهي زوجة أخرى لابن مسعود، وقيل: إنها امرأة أخرى وليست امرأة ابن مسعود، ولكن قصتها تشبه قصة زينب، وهذا الرأي الأخير مرجوح؛ لأنه جاء في الحديث أنها امرأة عبد الله.
• عن أبي هريرة، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ يَوْمًا فَأَتَى النِّسَاءَ فِي الْمَسْجِدِ فَوَقَفَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ:"يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَوَاقِصِ عُقُولٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ بِقُلُوبِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ! فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَتَقَرَّبْنَ إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُنَّ". وَكَانَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَأَتَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخَذَتْ حُلِيًّا لَهَا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَيْنَ تَذْهَبِينَ بِهَذَا الْحُلِيِّ؟ فَقَالَتْ: أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَ: وَيْلَكِ هَلُمِّي تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ! حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَهَبَتْ تَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَذِهِ زَيْنَبُ تَسْتَأْذِنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: "أَيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ؟ ". فَقَالُوا: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقَالَ: "ائْذَنُوا لَهَا". فَدَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً، فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَدَّثْتُهُ وَأَخَذْتُ حُلِيًّا أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ رَجَاءَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي اللَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَ لِي ابْنُ مَسْعُودٍ: تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ، فَقُلْتُ: حَتَّى أَسْتَأْذِنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى بَنِيهِ فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ".
حسن: رواه الإمام أحمد (8862)، وأبو يعلى (6585) كلاهما من حديث إسماعيل أخبرني عمرو -يعني ابن أبي عمرو-، عن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.