الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب الترغيب في أداء الزّكاة والصّدقات ووجوه إنفاقها
قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة: 60].
يجوز صرفُ أموال الزكاة لصنفٍ واحدٍ من الأصناف الثمانية في قول جمهور أهل العلم، وإنْ صرفها لجميع الأصناف فهو أولي.
1 - باب الغبطة في إكثار المال للإنفاق
• عن ابن مسعود، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا حسد إلّا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1409)، ومسلم في صلاة المسافرين (816) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، قال: حدثني قيس (هو ابن أبي حازم)، عن ابن مسعود، فذكر الحديث.
• عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلّا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجلٌ آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (7529)، ومسلم في صلاة المسافرين (815) كلاهما من حديث سفيان، حدّثنا الزهري، عن سالم، عن أبيه، فذكره.
• عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا حسد إلّا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جارٌ لَهُ فقال: ليتني أُوتيتُ مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعملُ، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحقِّ، فقال: رجلٌ ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل".
صحيح: رواه البخاريّ في فضائل القرآن (5026) عن علي بن إبراهيم، حدّثنا روح، حدّثنا شعبة، عن سليمان، سمعت ذكوان، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلّا في اثنتين: رجل أتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النّهار، فهو يقول: لو أُوتيت مثل ما أوتي هذا، لفعلت كما يفعل، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في حقِّه، فهو يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل".
صحيح: رواه أبو يعلي (1085) عن عثمان، حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، فذكره.
وإسناده صحيح، يزيد بن عبد العزيز هو ابن سياه الأسديّ الحماني ثقة من رجال الشيخين.
ورواه الإمام أحمد (10215) عن يحيى بن آدم بإسناده إلّا أنه لم يذكر لفظ الحديث، وإنما أحال على حديث أبي هريرة، فقال: مثله سواء.
فكأنّ الأعمش يروي من وجهين عن أبي صالح وهو ذكوان، عن أبي سعيد. وعن أبي هريرة، ولفظهما سواء. إلا أن أبا حاتم يرى أنّ الحديث لأبي هريرة. العلل (1672).
وأورده الهيثميّ في المجمع (2/ 257) وعزاه إلى أبي يعلى وقال: رجاله رجال الصّحيح، ورواه البزّار، نحوه.
• عن أبي كبشة الأنماري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ثلاثة أقسم عليهن وأحدكم حديثا فالحفظوه قال: ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلّا زاده الله عزًّا، ولا فتح عبدٌ باب مسألةٍ إلّا فتح الله عليه باب فقرٍ أو كلمة نحوها، وأحدثكم حديثًا فاحفظوه قال: إنما الدنيا لأربعة نقر: عبدٍ رزقه الله مالا وعلمًا فهو يتَّقي فيه ربه ويصلُ فيه رحمه ويعلم لله فيه حقًّا فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أنّ لي مالا لعملت بعمل فلانٍ فهو بنيَّته فأجرهما سواءٌ، وقد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا تصل فيه رحمه ولا يعلم الله فيه حقًا فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أنَّ لي مالا لعملت فيه بعمل فلانٍ فهو بنيَّته فوزرهما سواءٌ".
حسن: رواه الترمذيّ (2326) عن محمد بن إسماعيل، ثنا أبو نعيم، حدّثنا عبادة بن مسلم، حدّثنا يونس بن خبّاب، عن سعيد الطّائيّ أبي البختريّ، أنه قال: حدّثني أبو كبشة الأنماري (فذكره). قال الترمذيّ: حسن صحيح.
وإسناده حسن من أجل الكلام في يونس بن خبّاب تُكلم فيه لسوء معتقده؛ لأنه كان غاليًا في تشيّعه غير أنه حسن الحديث إذا لم يكن ما يرويه مؤيّدًا لبدعته.
وله طرق أخرى منها ما رواه وكيع، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي كبشة الأنماريّ، نحوه.
ومن هذا الطريق رواه الإمام أحمد (18024)، وابن ماجه (4228)، والفريابي في فضائل القرآن (105). وسالم بن أبي الجعد ثقة إلّا أنه يرسل كثيرًا إلا أنه لم ينكر إدراكه لأبي كبشة، وإن
كان رواه عبد الرزاق عن معمر، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن أبي كبشة، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن ماجه (4228) والطريقان محفوظان، وابن أبي كبشة لا يعرف، ولكنه توبع.
وفي الباب ما رُوي عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "إنّما الحسد في اثنتين: رجل أتاه الله القرآن فقام به، فأحلّ حلاله وحرّم حرامه، ورجل آتاه الله مالًا فوصل منه أقاربه ورحمه وعمل بطاعة الله فيه".
رواه الطبراني في الكبير (قطعة جزء 13 - 14 (28)، وفي الأوسط (233) عن أحمد بن رشدين، قال: حدّثنا روح بن صلاح، قال: حدّثنا موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمرو، فذكره.
وفيه روح بن صلاح، ويقال له: ابن سبابة قال ابن عدي: "وأظنه مصريّ ضعيف، يكنى أبا الحارث، وذكر له حديثين وقال: هذان الحديثان بإسناديهما ليسا بمحفوظين، ولعلّ البلاء فيه من عيسي (بن صالح المؤذّن بمصر، ثنا روح بن صلاح) هذا فإنه ليس بمعروف، ولروح بن سبابة أحاديث ليست بالكثيرة عن ابن لهيعة، والليث وسعيد بن أبي أيوب، ويحيى بن أيوب، وحيوة وغيرهم، وفي بعض حديثه نكرة". انتهى.
وقال ابن حجر في اللسان (2/ 466): "ذكره ابن يونس في تاريخ الغرباء فقال: من أهل الموصل قدم مصر، وحدّث بها، رويت عنه مناكير. وقال الدارقطنيّ: ضعيف في الحديث، وقال ابن ماكولا: ضعّفوه".
قلت: ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 244).
وأما الهيثمي فتضارب قوله فيه، فقال في كتاب الصلاة في "مجمع الزوائد" (2/ 256):"رواه الطبراني في الكبير، وفيه روح بن صلاح ضعّفه ابن عدي، ووثقه ابن حبان، وقال الحاكم: ثقة مأمون".
ثم أعاد ذكره في كتاب الزكاة "المجمع"(3/ 108) فقال: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله موثقون. انتهى.
قلت: وخالفه عبد الله بن المبارك فرواه في الزهد (1204) عن موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا عليه، وهذا أشبه.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن يزيد بن الأخنس، وكانت له صحبة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنافس بينكم إلا في الاثنتين: رجل أعطاه الله عز وجل القرآن، فهو يقوم به آناء اللّيل والنهار، فيتبع ما فيه، فيقول الرجل: لو أعطاني الله مثل ما أعطى فلانًا فأقوم به مثل ما يقوم به فلان. ورجل أعطاه الله مالًا فهو ينفق ويتصدق فيقول الرجل مثل ذلك.
رواه الإمام أحمد (16966)، والطبراني في الكبير (22/ 239)، وفي الأوسط (2292)، وفي
الصغير (1/ 48 - 49) كلّهم من طريق الهيثم بن حُميد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسي، عن كثير بن مرة، عن يزيد بن الأخنس، فذكره.
وزاد أحمد: فقال رجل: يا رسول الله! أرأيتك النجدة تكون في الرجل؟
…
(سقط باقي الحديث).
وأشار الهيثمي أيضًا إلى هذا السّقط، وقد وجدنا تكملة الحديث عند الفريابيّ في "فضائل القرآن" (107) وهو جواب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ليست هما بعدل، إنّ الكلب ليهرُّ من وراء أهله".
وأعتقد أنّ السّقط في المسند سببه أن عبد الله بن أحمد وجده في كتاب أبيه بخطّه. قال عبد الله: "وجدتُ في كتاب أبي بخطّ يده قال: كتب إليَّ أبو توبة الربيع بن نافع -وكان في كتابه-: حدّثنا الهيثم بن حُميد، فذكره.
قال الطبراني في "الصغير": "لا يُروى عن يزيد بن الأخنس، وهو أبو معن ابن يزيد، وهو وابنه قد صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به الهيثم".
وقال في الأوسط: "لم يسند يزيد بن الأخنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا غير هذا، تفرّد به ابن زيد بن واقد".
وأورده الهيثمي في موضعين من "المجمع" في كتاب الصلاة (2/ 256) وعزاه إلى "الكبير" وحده وقال: "رجاله ثقات".
وذكره في كتاب الزكاة (3/ 108) وقال بعد أن أشار إلى التقط الذي وقع في مسند أحمد: "رواه أحمد كتابة، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه سليمان بن موسي، وفيه كلام، وقد وثّقه جماعة".
ولم يُشر إلى الصغير، كما أنه لم يُشر إلى العلّة التي في الإسناد وهما الانقطاع فإن موسي بن سليمان لم يدرك كثير بن مرة كما قال أبو مسهر، نقله المزي في تهذيب الكمال.
وسليمان بن موسى وهو القرشي الأموي الأشدق هو فقيه أهل الشام، تكلّم فيه البخاريّ والنسائيّ، ووثقه ابن معين. وقال أبو حاتم:"محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب". غير أنه حسن الحديث.
وقوله: وإنّ الكلب ليهِرُّ من وراء أهله"
يقال: هرَّ الكلبُ يَهرُّ، من باب ضرب، هريرًا: إذا صوت، وهو دون النّباح. والمعنى "أنّ الشّجاعة غريزة في الإنسان، فهو يلقي الحروب، ويقاتل طبعًا وحمية لا حسبة، فضرب بالكلب مثلًا إذا كان من طبعه أن يهرَّ دون أهله ويذب عنهم، بريد أن الجهاد والشجاعة ليسا بمثل القراءة والصدقة". كذا في النهاية لابن الأثير.
وفي الباب أيضًا عن سمرة بن جندب، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ليس في الدنيا حسد إلّا في اثنتين: الرجل يحسد الرجل أن يعطيه الله المال الكثير، فينفق منه، فيكثر النفقة ويقول الآخر: لو كان لي