الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجابر بن عبد الله، والحسن بن علي، وأخيه محمد بن علي، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وعقبة ابن عامر، وعبد الله بن أبي أوفي، وعطاء بن أبي رباح، وهو قول مالك والشافعي والأوزاعي، وأبي حنيفة والثوري والكوفيين، وأحمد بن حنبل، وأبي ثور، وداود.
وقال ابن عبد البر النَّمَري: "هو قول عامة الفقهاء، إلا أن أبي ليلى وحده، فإنه قال: خمسًا، ولا أعلم له في ذلك سلفًا إلا زيد بن أرقم، وقد اختلف عنه في ذلك، وحذيفة، وأبا ذر، وفي الإسناد عنهما: من لا يحتج به" هذا آخر كلامه - يعني ابن عبد البر.
ثم قال المنذري: "ورجح بعضهم الأربع بكثرة رواته، وصحة أسانيدها، وأنها متأخرة، وقد صلى أبو بكر الصديق على النبي صلى الله عليه وسلم فكبر أربعًا، وصلى عمر على أبي بكر فكبر أربعًا، وصلى صهيب على عمر فكبر أربعًا، وصلى الحسن على أبيه عليّ فكبر أربعًا، وصلى عثمان على جنازة فكبر أربعًا، وروي: أن ابن عمر كبر على عمر أربعًا، ولا يصح، وإنما هو صهيب.
وقال ابن سيرين وجابر بن زيد: فكبر ثلاثًا، وروي ذلك عن ابن عباس.
وكان علي بن أبي طالب يكبر على أهل بدر ستَّ تكبيرات، وعلى سائر الصحابة خمسًا، وعلى سائر الناس أربعًا.
وقد روى البيهقي: أن عليًا صلى على أبي قتادة الأنصاري، فكبر عليه سبعًا، وكان بدريًا، وقال البيهقي: هكذا رُوي، وهو غلط؛ لأن أبا قتادة بقي بعد علي رضي الله عنهما مدة طويلة، هذا آخر كلامه- أي البيهقي.
ومن الناس: من صحَّح أن أبا قتادة توفي بالمدينة، سنة أربع وخمسين، وهذا يؤيده ما قاله البيهقي.
وقال أبو عمر النمري: والصحيح أنه توفي بالكوفة في خلافة علي، وهو صلى عليه، وهذا يؤيد الرواية الأولى، والله أعلم.
وقال بعضهم: اختلف السلف الأول من الصحابة في ذلك: من ثلاث تكبيرات، إلى تسع. هذا آخر كلام المنذري.
وفي هذا النقل من المنذري رد على من ادعي الإجماع على أربع تكبيرات، وأما ما رُوي عن ابن عباس قال: آخر جنازة صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كبَّر عليها أربعًا، رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 37) وقال: تفرد به النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز، عن عكرمة وهو ضعيف. وقد رُوي هذا اللفظ من وجوه أخر كلها ضعيفة"، انتهى.
14 - باب رفع اليدين في التكبيرات على الجنازة
أجمع أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أنه يرفع يديه في أول تكبيرة، واختلفوا في سائرها.
ورد في الباب حديثان:
أحدهما: حديث أبي هريرة قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبَّر على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة، ووضع اليمني على اليسرى".
رواه الترمذي (1077) عن القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق، عن يحيى بن يعلى، عن أبي فروة يزيد بن سنان، عن زيد (وهو ابن أبي أُنيسة) عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
قلت: هذا إسناد ضعيف فإن فيه يزيد بن سنان أبا فروة ضعَّفه الدارقطني وأورده النووي في "الخلاصة"(3514) في الفصل الضعيف.
والحديث الثاني: حديث ابن عباس قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة، ثم لا يعود".
رواه الدارقطني (2/ 75) من طريق الفضل بن السكن، حدثني هشام بن يوسف، ثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.
قال الذهبي في "الميزان"(3/ 352): الفضل بن السكن الكوفي عن هشام بن يوسف، لا يعرف، وضعَّفه الدارقطني".
وهذا الحديث ذكره أيضًا النووي في الفصل الضعيف، ونقل تضعيفه عن الدارقطني.
وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 147): "ضعيف لا يصح فيه شيء".
والحديثان ذكرهما ابن التركماني في "الجوهر النقي"(4/ 44) وسكت عليهما.
وقال الترمذي عقب حديث أبي هريرة: "اختلف أهل العلم في هذا، فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة على الجنازة، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يرفع يديه إلا في أول مرة، وهو قول الثوري وأهل الكوفة، وذُكر عن ابن المبارك أنه قال: لا يقبض يمينه على شماله، ورأى بعض أهل العلم أن يقبض بيمينه على شماله كما يفعل في الصلاة. قال الترمذي: هذا أحب إليّ". انتهى.
قلت: لعل الجمهور ذهبوا إلى رفع اليدين في كل تكبيرة قياسًا على الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماها صلاةٌ في أكثر من حديث كما ذكرها البخاري في صحيحه (3/ 189).
ولعل من أدلتهم ما رواه البيهقي (4/ 44) وغيره بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرة الجنازة، وإذا قام بين الركعتين يعني في المكتوبة، ويذكر عن أنس بن مالك أنه كان يرفع يديه كلما كبَّر على الجنازة.
ومن المعروف أن ابن عمر كان شديد التتبع لفعل النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبعد أن يكون قد أخذ هذا العمل من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولم يصل إلينا بسند يعتمد عليه، وأما ما رُوي عنه مرفوعًا فهو ضعيف، رواه