الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب الترغيب في التّعفف والقناعة والترهيب من المسألة وتحريمها لغير أهلها
1 - باب بأن اليد المعطية أفضل من اليد السائلة
• عن عبد الله بن عمر أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ -وهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وهُوَ يذْكُرُ الصَّدَقَةَ والتَّعَفُّفَ عَن المَسْأَلَةِ-:"اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِن اليَدِ السُّفْلَى، واليَدُ العُلْيَا هِيَ المُنْفِقَةُ والسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ".
متفق عليه: رواه مالك في الصّدقة (8) عن نافع، عن عبد الله بن عمر، فذكره.
ورواه البخاريّ في الزّكاة (1429)، ومسلم في الزّكاة (1033) كلاهما من طريق مالك، به.
وما رواه البيهقيّ (4/ 197) من طريق مالك، وقال فيه:"اليد العليا المتعفّفة، والسّفلى السّائلة"، ثمّ عزاه إلى الشّيخين فهو ليس كما قال.
فإنّ "اليد المنفقة" في رواية عبد الوارث، عن أيوب، عن نافع كما قال أبو داود عقب إخراج الحديث (1648) عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، وهذا لفظه:
قال أبو داود: "اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث. قال عبد الوارث: "اليد العليا المتعفّفة". وقال أكثرهم عن حمّاد بن زيد، عن أيوب: "اليد العليا المنفقة"، وقال واحدٌ عن حمّاد: "المتعفّفة". انتهى.
قلت: كذلك رواه إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن نافع:"المتعفّفة" هكذا رواه البيهقيّ.
ولكن رواه الإمام أحمد (5344) من طريق عبد الله (هو ابن المبارك)، عن موسى بن عقبة وقال فيه:"المنفقة"، فالله أعلم بالصواب.
معنى الحديث:
قال الخطابي: "رواية المتعفّفة أشبه وأصح في المعنى، وذلك أنّ ابن عمر ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو يذكر الصدقة، والتعفف منها، فعطف الكلام على سببه الذي خرج عليه، وعلى ما يطابقه في معناه أولى.
وقال: وقد يتوهم كثير من الناس أن معنى العليا هو أن يد المعطي مستعلية فوق يد الآخذ، ويجعلونه عن علو الشيء إلى فوق، وليس ذلك عندي بالوجه، وإنما هو من علاء المجد والكرم،
يريد به الرفع عن المسألة والتعفف عنها، وأنشدني أبو عمر قال: أنشدنا العباس، قال: أنشدنا ابن الأعرابي في معناه:
إذا كان باب الذّل من جانب الغنى
…
سموتُ إلى العلياء من جانب الفقر
يريد به التعزز بترك المسألة والتنزّه عنها". انتهى
وقوله: "اليد العليا هي المنفقة
…
الخ" ظاهره الإدراج، فكأنه من تفسير بعض الرواة، وقيل: من تفسير ابن عمر راوي الحديث نفسه، هذا الذي رجّحه أكثر أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر، انظر: الفتح (3/ 297).
• كتَبَ عبد العزيز بْنُ مَرْوَانَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَن ارْفَعْ إِلَيَّ حَاجَتكَ قَالَ: فكتب إليه ابْنُ عمَرَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إنَّ اليَدَ العُلْيَا خَيْرٌ مِن اليَدِ السُّفْلَي، وابْدَأُ بِمَنْ تَعُولُ". وَلَسْتُ أَسْأَلُكَ شيئًا وَلا أرُدُّ رزقًا رَزَقَنِيهِ اللهُ مِنْكَ.
حسن: رواه الإمام أحمد (4474)، وأبو يعلى (5730) كلاهما من حديث إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، قال: كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر، فذكره.
وأورده الهيثميّ في "المجمع"(3/ 262) وعزاه للطبراني، ولم يعزه إلى الإمام أحمد، وقال:"رجاله رجال الصحيح".
قلت: إسناده حسن من أجل ابن عجلان وهو المدني، مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، واختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وهذا ليس منها.
• عن مالك بن نضلة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأَيْدِي ثَلاثَةٌ: فيَدُ اللهِ العُلْيَا، ويَدُ المُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا، ويَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى، فَأَعْطِ الفَضْلَ وَلا تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ".
صحيح: رواه أبو داود (1649) عن أحمد بن حنبل -وهو في مسنده (15890) - عن عبيدة ابن حُميد التيميّ، حَدَّثَنِي أبو الزعراء، عن أبي الأحوص، عن أبيه مالك بن نضْلة، فذكره.
وأبو الأحوص هو عوف بن مالك بن نضلة.
وإسناده صحيح، وصحّحه ابن خزيمة (2440)، وابن حبان (3662)، والحاكم (1/ 408) كلّهم من طريق عبيدة بن حميد به.
وأبو الزعراء -بفتح الزاي وسكون المهملة- هو عمرو بن عمرو أو ابن عامر أو ابن مالك بن نضة الجشمي - بضم الجيم، وفتح المعجمة، من رجال السنن وهوثقة، وثَّقه ابن معين وأحمد وغيرهما.
قال ابن حبَّان: "إنَّ اليد العليا خير من اليد السُّفلى أراد به أن يد المعطي خير من يد الآخذ وإن لم يسأل".
وبمعناه رُوي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأيدي ثلاثة: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى".
رواه أحمد (4261) وأبو يعلى (5125) وابن خزيمة (2435) والحاكم (1/ 408) كلّهم من طريق إبراهيم بن مسلم الهجريّ، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، فذكره، وسكت عليه الحاكم.
وإبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف، وقد اختلف في رفعه ووقفه أيضًا.
• عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضَلُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأُ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِن اليَدِ السُّفْلَى".
صحيح: رواه الإمام أحمد (14531) عن روح، حَدَّثَنَا ابن جريج، أخبرني أبو الزُّبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره. وإسناده صحيح ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبَّان في صحيحه (3345) إِلَّا أنه لم يذكر فيه الفقرة الثالثة من الحديث.
• عن طارق المحاربيّ، قال: قَدِمْنَا المَدِينَةَ فَإِذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ يخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: "يَدُ المُعْطِي العُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أذناك".
حسن: رواه النسائيّ (2532) عن يوسف بن عيسى، قال: أنبأنا الفضل بن موسى، قال: حَدَّثَنَا يزيد وهو ابن زياد بن أبي الجعد، عن جامع بن شداد، عن طارق، فذكره.
وإسناده حسن من أجل يزيد بن زياد، وثَّقه ابن معين والعجليّ، وقال أبو زرعة: شيخ، ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن حبَّان في صحيحه (3341).
• عن أبي رمثة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يد المعطي العليا، أمك وأباك وأختك وأخاك، ثمّ أدناك أدناك"، وقال رجل: يا رسول الله! هؤلاء بنو يربوع قتلة فلان؟ قال: "ألا لا تجني نفس على أخرى".
حسن: رواه أحمد (7105) عن عمرو بن الهيثم وأبي النضر -، والطَّبرانيّ في الكبير (22/ 283) من طريق حجَّاج بن نصير- كلهم عن المسعودي عن إياد بن لقيط، عن أبي رمثة فذكره.
وإسناده حسن، والمسعودي هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي صدوق اختلط قبل موته، وسماع البصريين منه قبل اختلاطه، وعمرو بن الهيثم بصريٌّ.
• عن رجل من بني يربوع، قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ النَّاسَ يقُولُ: "يَدُ المُعْطِي العُلْيَا أُمَّك وَأَبَاك وَأُخْتَك وَأَخَاك ثُمَّ أَدْنَاكَ فَأَدْنَاكَ". قَالَ: فقَالَ رَجَلٌ: يَا رَسُولَ الله، هَؤُلاءِ بَنُو ثَعْلَبَةَ الَّذِينَ أَصَابُوا فُلانًا؟ قال: فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا لا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى".
صحيح: رواه الإمام أحمد (16613) عن يونس، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن الأشعث بن سليم، عن أبيه، عن رجل من بني يربوع، فذكره.
ورواه النسائيّ (4837) عن قُتَيبة، حَدَّثَنَا أبو عوانة، بإسناده مختصرًا.
ورواه أبو داود الطيالسي (1353) ومن طريقه النسائيّ (4835)، والبزّار - كشف الأستار (918) -، عن شعبة، عن أشعث بن أبي الشّعثاء، قال: سمعت الأسود بن هلال يحدّث عن رجل من بني ثعلبة بن يربوع، أنّ أناسًا منهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم -وكانوا من بني ثعلبة- أصابوا رجلًا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: يا رسول الله! هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع قتلت: فلانًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجني نفسٌ على أخري".
وذكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الصّدقة فقال: "يد المعطي العليا: أمك، وأباك، وأختك، وأخاك، ثمّ أدناك أدناك". هذا لفظ أبي داود، وأمّا غيرهما فاختصره.
ورواه سفيان، عن الأشعث، عن سليم بإسناده وجعل هذا الرّجل المبهم ثعلبة بن زهدم اليربوعيّ، رواه النسائيّ (4833)، والبيهقي (8/ 345)، والبزّار -كشف الأستار (917) - فذكر الحديث، مثله.
واختلف في ثعلبة بن زهدم، فجزم ابن حبَّان وابن السكن وجماعة ممن صنّفوا في الصّحابة بأنه له صحبة.
وقال الترمذيّ في "تاريخه": "أدرك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعامة روايته عن الصّحابة".
وفي الباب عن ابن مسعود مرفوعًا: "اليد العليا أفضل من اليد السفلي، وابدأ بمن تعول أمّك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك".
رواه الطبراني في "الكبير"(10/ 229 - 230) عن علي بن عبد العزيز، ثنا حرمي بن حفص القسمليّ، ثنا زياد بن عبد الرحمن القرشيّ، ثنا عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن عبد الله، فذكره.
قال الهيثميّ في "المجمع"(3/ 120): "إسناده حسن".
قلت: وذلك بناء على ذكر ابن حبَّان لبعض رجال الإسناد في" الثّقات"، وإلَّا فزياد بن عبد الرحمن القرشي ذكره البخاريّ في "التاريخ الكبير"(3/ 361) ولم يذكر نسبه "القرشيّ" ولكن ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه شيئًا من جرح أو تعديل، فهو في عداد المجهولين، وأمّا ابن حبَّان فذكره في "الثقات"(6/ 325) ولم يذكروا من الرواة عنه إِلَّا عبد الواحد بن واصل، وحرمي ابن حفص ثانيه، فيكون في درجة "مقبول" عند الحافظ ابن حجر أي إذا توبع، وإلَّا فلين الحديث.
وفي الباب عن عطية السّعديّ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اليد المنطية خير من اليد السفلى".
رواه الإمام أحمد (17983)، والبزّار -كشف الأستار (916) -، والطَّبرانيّ في الكبير (17/