الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب ما جاء في زكاة الزّروع
1 - باب زكاة الحرث والزّرع
• عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"فِيمَا سَقَت السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ".
صحيح: رواه البخاريّ في الزّكاة (1483) عن سعيد بن أبي مريم، حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن الزهريّ، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه رضي الله عنه، فذكر الحديث.
وفي بعض طرقه من حديث ابن وهب نفسه: "فِيمَا سَقَت السَّمَاءُ وَالأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بالسَّوَانِي أَو النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ". رواه أبو داود (1596) وغيره.
قوله: "أو كان عثريا" العثري من الزرع، هو الذي يشرب بعروقه من غير سقي، واشتقاقه من العاثور، وهي الساقية التي يجري فيها الماء؛ لأنّ الماشي يعثر فيها.
ومنه الذي يشرب من الأنهار بغير مؤنة، أو يشرب بعروقه كأن يغرس في أرض يكون الماء قريبًا من وجهها فيصل إليه عروق الشجر فيستغني عن السفي. انظر:"الفتح"(3/ 349).
وقوله: "بعلًا" تنقل أبو داود عن وكيع: "البَعْل الكبوس الذي ينبت من ماء السماء".
ونُقل عن أبي إياس الأسديّ قال: "الذي يسقي بماء السماء". ونقل عن النّضر بن شميل: "البعل ماء المطر". انتهى.
والخلاصة هو ما شرب بعروقه، ولم يُتعَنَّ في سقيه.
والنّضح: هو السّقي بالرّشاء.
ويفهم مما تقدم بيانه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم جعل الصدقة ما خفّت مؤنته وكثرتْ منفعته على التضعيف توسعة على الفقراء، وجعل ما كثرتْ مؤنته على التنصيف رفقًا بأرباب الأموال.
والسّواني: جمع السّانية، وهي البعير الذي يسنّي عليه أي يستقي.
• عن جابر بن عبد الله أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "فيما سقت الأنهار والغيم العشور، وفيما سُقي بالسّانية نصف العشر".
صحيح: رواه مسلم في الزكاة (981) من طرق عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، أنّ أبا الزّبير حدّثه أنّه سمع جابر بن عبد الله، فذكره.
قوله: "فيما سقت الأنهار والغيم العشور".
العشور: بضم العين، جمع عُشر، والغيم هو المطر.
• عن معاذ بن جبل، قال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا
سَقَت السَّمَاءُ وَمَا سُقِيَ بَعْلا الْعُشْرَ وَمَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي نِصْفَ الْعُشْرِ.
حسن: رواه ابن ماجه (1818)، والنسائي (2492) كلاهما من حديث أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النّجود، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بن جبل، فذكره.
وكذا رواه أيضًا الدارميّ (1709) إلّا أن النسائي لم يذكر "مسروقًا" بين أبي وائل وبين معاذ. وكذا رواه أيضًا الإمام أحمد (22037).
وإسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النّجود غير أنه حسن الحديث.
وفي الباب ما رُوي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء والعيون العُشر، وفيما سُقي بالنّضح نصف العشر".
رواه الترمذيّ (639)، وابن ماجه (1816) كلاهما من حديث عاصم بن عبد العزيز بن عاصم المدني، قال: حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب، عن سليمان بن يسار، وعن بسر بن سعيد، عن أبي هريرة، فذكره.
قال الترمذي: "قد رُوي هذا الحديث عن بُكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن سليمان بن يسار، وبسر بن سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وكأنّ هذا أصح".
قلت: وهو كما قال، فإن في إسناده عاصم بن عبد العزيز بن عاصم الأشجعيّ المدني. قال البخاري:"فيه نظر". وقال النسائي: "ليس بالقوي".
وفي الباب أيضًا عن أنس ولا يصح. رواه يحيي بن آدم في كتاب الخراج (371)، وفيه أبان بن أبي عياش متروك.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن حرب بن عبيدالله، عن خالٍ له، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على المسلم عشور، إنّما العثور على اليهود والنّصارى". هكذا ذكره البخاريّ في "التاريخ الكبير"(3/ 60).
ورواه أبو داود (3046) عن مسدّد، حدّثنا أبو الأحوص، حدّثنا عطاء بن السّائب، عن حرب ابن عبد الله، عن جدّه أبي أمِّه، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.
قال الترمذي في "العلل"(103): سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: "هذا حديث فيه اضطراب، ولا يصح هذا الحديث".
قلت: وهو كما قال رحمه الله تعالى، وقد أورده في "التاريخ الكبير" من طرق مختلفة، ومن هذه الطرق الطريق التي أخرجها أبو داود.
وفي إسناده أيضًا حرب بن عبيدالله وهو ابن عمير الثقفي قال فيه الحافظ: "لين الحديث".
ثم علّله البخاريّ في "التاريخ الكبير" بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم فرض العشر فيما أخرجت الأرض في خمسة أوسق. وكذلك لا يصح ما رُوي عن العلاء بن الحضرميّ قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البحرين، أو إلى هجر، فكنتُ آتي الحائط يكون بين الإخوة يُسْلمُ أحدهم، فآخذُ من المسلم
العشر، ومن المشرك الخراج".
رواه ابن ماجه (1831) عن الحسين بن جنيد الدّامغانيّ، قال: حدّثنا عتّاب بن زياد المروزيّ، قال: حدّثنا أبو حمزة، قال: سمعت مغيرة الأزْديَ يحدّث عن محمد بن زيد، عن حيان الأعرج، عن العلاء بن الحضرميّ، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (20527) عن عتاب بن زياد بإسناده، مثله.
وفيه ثلاث علل:
الأولى: المغيرة الأزديّ اختلف فيه من هو؟ فقال المزي في "تهذيبه"(6741): "أظنّه المغيرة ابن مسلم القسْمليّ، فإنّ القسامل من الأزد، رُوي له ابن ماجه، وكتبنا حديثه في ترجمة عتّاب بن زياد". انتهى. وجزم الحافظ ابن حجر بأنه "القسمليّ".
فإن صحَّ بأنه ابن مسلم القسمليّ فهو "صدوق" كما في "التقريب".
وقد سئل الإمام أحمد فقال: "ما أري به بأسًا". وقال ابن معين: "صالح". وذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 466).
والثانية: شيخه محمد بن زيد. قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": المغيرة الأزديّ لعله العبديّ". والعبديّ هو محمد بن زيد العبدي رُوي عن شهر بن حوشب، قال ابن حجر: "لعله ابن أبي القلوس وإلا فمجهول".
والثالثة: حيان الأعرج، وعنه محمد بن زيد، وفي كتاب ابن أبي حاتم: حيان الأعرج بصري، روي عن جابر بن زيد، وعنه قتادة وسعيد بن أبي عروبة وابن جريج ومنصور بن زاذان، وحُكي عن ابن معين أنه وثقه، قال المزي: فإن كان هو هذا فإنّ روايته عن العلاء بن الحضرميّ منقطعة.
قال ابن حجر: ذكره ابن حبان في أتباع التابعين.
فالخلاصة فيه أن حديثه عن العلاء فيه انقطاع.
وقوله: "ومن المشرك الخراج" أي الجزية. فإنّ الخراج يطلق على ما يخرج من غلّة الأرض، ثم سُمّي ما يأخذه السلطان خراجًا، فيقال: أدّى فلان خراج أرضه، وأدّى أهل الذّمة خراج رؤوسهم يعني الجزية. انظر:"أنيس الفقهاء"(ص 185).
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا: "لا يجتمع على المسلم خراج وعشر".
رواه البيهقيّ (4/ 132) من طريق يحيى بن عنبسة، ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، فذكره.
قال البيهقي: "يحيى بن عنبسة مكشوف الأمر في ضعفه لرواياته عن الثقات بالموضوعات". وأورده ابن حبان في "المجروحين"(1216) في ترجمة يحيى بن عنبسة وقال: هو شيخ دجّال، يضع الحديث على ابن عيينة، وداود بن أبي هند وأبي حنيفة وغيرهم من الثقات، لا تحل الرواية