الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه من قبل رأسه ثلاثًا.
رواه ابن ماجه (1565) حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، قال: حدثني يحيى بن صالح، قال: حدثنا سلمة بن كلثوم، قال: حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
وهو منكر أنه لم يذكر هذا الحديث بهذا اللفظ إلا سلمة بن كلثوم عن الأوزاعي، وسلمة بن كلثوم وصف بأنه كان يهم كثيًرا.
وقد نقل ابن أبي حاتم عن أبيه بأنه حديث باطل، وقال الدارقطني في "علله" (9/ 322):"زاد فيه ألفاظًا لم يأت بها غيره، وهي قوله: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم على القبر حثا عليه ثلاثًا .. ". أي أنه تفرد به وخالف كثيًرا من الرواة؛ لأنّ أصل حديث أبي هريرة في الدعاء على الجنازة "اللهم! اغفر لحينا وميتنا
…
" رواه جماعة كثيرون، ولم يذكر أحدٌ هذه اللفظة إلا سلمة بن كلثوم، وهو ممن لا يقبل تفرده.
وأما ما رُوي عن أبي أمامة قال: لما وُضِعت أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] قال: ثم لا أدري أقال: "بسم الله وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله" أم لا؟ فلما بُني عليها لحدُها طفق يطرح لهم الجبوب ويقول: "سُدُّوا خلال اللَّبن" ثم قال: "أما إن هذا ليس بشيء، ولكنَّه يُطيِّب بنفس الحيّ" فهو ضعيف جدا.
رواه الإمام أحمد (22187) عن علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله -يعني ابن المبارك، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة فذكره.
وفيه عبيدالله بن زحر وشيخه علي بن يزيد وهو ابن أبي هلال الألهاني ضعيفان.
وأخرجه الحاكم (2/ 379) وعنه البيهقي (3/ 409) من طريق يحيي بن أيوب به مثله.
وقال البيهقي: "وهذا إسناد ضعيف". وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: "من حثا على مسلم، أو مسلمة احتسابًا كتب له بكل ثراة حسنة"، رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 428) وفيه الهيثم بن رُزيق المالكي وهو مجهول ولا يتابع عليه.
وفي الباب أيضًا عن عامر بن ربيعة وجعفر بن محمد، عن أبيه وغيرهما وهي كلها معلولة. انظر:"المنة الكبري"(3/ 82 - 83).
وقد صحّ عن بعض الصحابة حثو التراب على القبر بعد دفن الميت منهم: علي وابن عباس وأبي أمامة وغيرهم؛ ولذا رأي أهل العلم أنه لا يكره ذلك.
9 - باب الاستغفار للميت عند القبر بعد دفنه
• عن عثمان بن عفان قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت، وقف عليه
فقال: "استغفروا لأخيكم، وسَلُوا له التثبيتَ، فإنه الآن يُسأل".
حسن: أخرجه أبو داود (3221) عن إبراهيم بن موسي الرازي، حدثنا هشام، عن عبد الله بن بَحير، عن هانئ مولي عثمان، عن عثمان بن عفان فذكره.
ورواه البيهقي في إثبات عذاب القبر (50) من وجه آخر عن هشام بن يوسف بإسناده مثله. وعبد الله بن بحير -بفتح الموحدة، وكسر المهملة- ابن رَيسان أبو وائل القاص وثَّقه ابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 331).
وأما قول الحافظ في "التقريب": "واضطرب فيه كلام ابن حبان" فالصحيح أنه لم يضطرب، لأنه فرق بين عبد الله بن بحير بن رَيسان وبين عبد الله بن بَحير الصنعاني فذكر الأول في "الثقات" كما تقدم، والثاني في "المجروحين" (548) فقال:"وليس هذا عبد الله بن بَحير بن رَيسان ذاك ثقة، وهذا هالك، هذا يروي عن عروة بن محمد بن عطية وعبد الرحمن بن يزيد الصنعاني العجائب التي كأنها معمولة، لا يجوز الاحتجاج به" إلا أنه كنَّى الصنعاني بأبي وائل القاص، وصاحبنا هو الأول، ولكن في الإسناد هانئ مولي عثمان، وهو أبو سعيد البربري قال فيه النسائي: ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو حسن الحديث، لا يرتقي إلى درجة "ثقة".
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 370) من هذا الوجه، وقال:"صحيح على شرط الإسناد". وأمّا التلقين، فقال الحافظ ابن القيم في "زاده" (1/ 522 - 523):"لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يجلس يقرأ عند القبر، ولا يلقَّن الميِّت كما يفعله النّاسُ اليوم، وأمّا الحديث الذي رواه الطّبراني في "معجمه" [7979] من حديث أبي أمامة مرفوعًا، فلا يصح". وأورده الهيثميّ في "مجمع الزوائد"(2/ 324) وقال: "رواه الطّبراني في "الكبير"، وفيه من لم أعرفه".
أما رفع اليدين مستقبل القبلة عند دفن الميت والدعاء له فلم يثبت، وأما ما روي عن عبد الله بن مسعود قال: والله لكأني أنطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في قبر ذي البجادين، وأبو بكر وعمر، وهو يقول:"أدنيا إلى أخاكما"، فأخذه من قبل القبلة حتى أسنده في لحده، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم ووليا العمل، فلما فرغ من دفنه استقبل القبلة رافعا يديه يقول:"اللهم! إني أمسيت عنه راضيًا، فارض عنه"، وكان ذلك ليلا ، فواللهّ لقد رأيتني ولقد أسلمت قبله بخمسة وعشرين سنة ولوددت أني مكانه، فهو غريب.
رواه البغوي في "معجم الصحابة"(2/ 323) عن عبد الله بن أبي سعد، نا إسحاق بن إبراهيم الفارسي، قال: ثني جدي سعد بن الصلت، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، فذكره.
ورواه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 122)، وفي "معجم الصحابة"(3/ 1636) من طريق محمد بن عمر بن حفص، ثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان بإسناده مثله.
وأخرجه ابن مندة -كما في "الإصابة"- من طريق سعد بن الصلت بإسناده، والغالب أنه من
طريق إسحاق بن إبراهيم والنهشلي، المعروف بشاذان الفارسي، ابن ابنة سعد بن الصلت ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 211)، وقال:"هو صدوق".
وسعد بن الصلت هو ابن بُرد بن أسلم القاضي، ترجمه الذهبي في "السير"(9/ 317) ووصفه بأنه الإمام المحدث الفقيه. سأل عنه سفيان الثوري، فقال:"ما فعل سعد؟ " قالوا: ولي قضاء شيراز، قال:"دُرة وقع في الحُشّ"، قال الذهبي:"هو صالح الحديث، وما علمت لأحد فيه جرحًا". انتهى.
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما أغرب".
قلت: لعل هذا الحديث من غرائبه، فإنه تفرد بالرواية عن الأعمش، وهو كثير الرواية. وقد حكم الذهبي أيضًا على حديث رواه سعد بن الصلت، عن عيسي بن عمر بإسناده مرفوعًا:"من حج عن أبويه، ولم يحجا جزي عنهما، وعنه، ونُشرت أرواحهما في السماء، وكتب عند الله برًا".
قال الذهبي: "غريب جدًّا، وعيسي هذا هو الكوفي المقرئ صدوق".
وللحديث إسناد آخر وهو ما رواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أن عبد الله بن مسعود كان يحدث، قال: قمت من جوف الليل، وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال: فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر، قال: فاتبعتها أنظر إليها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قد مات، وإذا هم قد حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته، وأبو بكر وعمر يدلّيانه إليه، وهو يقول:"أدنيا إلي أخاكم"، فدلّياه، فلما هيأه لشقِّه قال:"اللهم! إني أمسيت راضيًا عنه، فارض عنه"، قال: يقول عبد الله بن مسعود: ياليتني كنت صاحب الحفرة.
رواه البغوي في "معجم الصحابة"، وأبو نعيم في "الحلية"، وهو في "سيرة ابن هشام"(2/ 527) كلهم من حديث محمد بن إسحاق، وفيه انقطاع كما أشار إليه ابن حجر في "الإصابة"(2/ 339)، فإن محمد بن إبراهيم الحارث لم يسمع من عبد الله بن مسعود، ثم هو مختلف فيه، فوثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي.
وقال أحمد: "في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير، أو منكرة". ثم ليس فيه محل الشاهد وهو: "استقبل القبلة رافعًا يديه". وعبد الله ذو البجادين سمي به لأنه كان يتيمًا في حجر عمه، وكان محسنًا له، فبلغ عمه أنه أسلم، فنزع منه كل شيء أعطاه، حتي جرّده من ثوبه، فأتى أمه، فقطعت له بجادًا لها اثنتين، فاتزر نصفًا، وارتدى نصفًا، ثم أسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أنت عبد الله ذو البجادين"، فلزم به. هذا عند دفن الميت، أما رفع اليدين للدعاء عند زيارة المقابر فهو صحيح ثابت من حديث عائشة كما هو مذكور في باب الأدعية لأصحاب القبور.