الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (967) من طرق، عن شعبة، قال: حدثنا أبو جمرة، عن ابن عباس فذكره. قال مسلم: أبو جمرة - اسمه نصر بن عمران.
قال القرطبي في "المفهم"(2/ 627): "هذه القطيفة كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، ويفترشها، فلما مات اختلف في أخذها علي وعباس، وتنازعا فيها، فأخذها شُقْران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها في القبر وقال: والله! لا يلبسها أحد بعده أبدًا".
قال النووي: "وقد نص الشافعي وجميع أصحابنا وغيرهم من العلماء على كراهية وضع قطيفة، أو مضربة، أو مخدة ونحو ذلك تحت الميت في القبر".
"وأجابوا عن هذا الحديث: بأن شُقْران انفرد بفعل ذلك لم يوافقه غيره من الصحابة، ولا علموا ذلك، وإنما فعله شُقْران لما ذكرناه عنه من كراهته أن يلبسها أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها ويفترشُها، فلم تُطب نفس شُقْران أن يستبدلها أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه غيره، فروى البيهقي عن ابن عباس: أنه كره أن يُجعل تحت الميت ثوب في قبره".
"والقطيفة: كساء له خمل". انتهى كلام النووي.
15 - باب الجلوس عند القبر أثناء الدفن للتذكير والموعظة
• عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال:"استعيذوا بالله من عذاب القبر" مرتين أو ثلاثا، وذكر الحديث بطوله وسيأتي في باب إثبات عذاب القبر.
صحيح: رواه أبو داود (3212)، والنسائي (2003)، وابن ماجه (1548) كلهم من طريق المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء فذكره.
وأخرجه أبو داود (4753)، والإمام أحمد (18534) مفصلًا، انظر: إثبات عذاب القبر.
وإسناده صحيح. وأخرجه الحاكم (1/ 37 - 40). وقال: صحيح على شرط الشيخين".
16 - باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما
• عن عائشة قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذرُ في مرضه: "أين أنا اليوم؟ ، أين أنا غدًا؟ " استبطاءً ليوم عائشة، فلما كان يومي قبضه الله بين سَحْري ونَحْري، ودُفِن في بيتي.
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (1389) ومسلم في فضائل الصحابة (2443/ 84) كلاهما من طرق عن هشام، عن عروة، عن عائشة فذكرته، واللفظ للبخاري.
• عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرَضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا".
قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أني أخشى أن يتخذ مسجدًا.
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (1330) ومسلم في المساجد (529) كلاهما من حديث شيبان، عن هلال -هو الوزّان- عن عروة، عن عائشة فذكرتْه.
وقول عائشة في الحديث السابق: "ودُفن في بيتي".
وقولُها في هذا الحديث: "غير أني أخشى"، وفي رواية:"خُشِي"، وفي رواية:"خَشِي" أن يتخذ مسجدًا، ولذا لم يُبرز قبره" يعني لم يُقبر النبي صلى الله عليه وسلم خارجَ البيت حتى لا يكون بارزًا، فهي تبين سبب دفنه صلى الله عليه وسلم في بيتها.
وقد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع دفنه صلى الله عليه وسلم، فمن قائلٍ: يدفن في مكة لأنها مولدُه، ومن قائل: يُدفن في بيت المقدس لأنه مسراه ومبعث الأنبياء ومقابرهم، ومن قائلٍ: يُدفن في بقيع الغرقد لأنه مقابر المسلمين، ومن قائلٍ: يُدفن في بيته.
فجاء أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمير المؤمنين، وحسم الخلاف بقوله، كما رواه ابنُ سعد في طبقاته (2/ 292) بإسناد صحيح من حديث عائشة قالت:"لما مات النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: أين يُدفن؟ فقال أبو بكر: في المكان الذي مات فيه". ورواه الترمذي في "الشمائل"(379) والبيهقي في "الدلائل"(7/ 259) من طريق نبيط بن شريط الأشجعي عن سالم بن عبيد -وكانتْ له صحبة-، فذكر حديثًا طويلًا في مرضه صلى الله عليه وسلم، ووفاته، واختلاف الصحابة في دفنه، "قالوا: يا صاحبَ رسول الله! أيُدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، قالوا: أين؟ قال: في المكان الذي قبض الله فيه روحَه، فإن الله لم يقبض روحَه إلا في مكانٍ طيب، فعلموا أنْ قد صدق".
قال الحافظ ابن حجر في الفتحه (1/ 529): "إسناده صحيح، لكنه موقوف. وقد رُويَ عنه مرفوعا وهو مخرج في مواضعه".
• عن عمرو بن ميمون الأوْدي قال: رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا عبد الله بن عمر! اذهب إلى أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقل: يقرأ عمر بن الخطاب عليكِ السلام، ثم سلها أن أُدْفن مع صاحبيّ، قالت: كنتُ أريد لنفسي، فلأوثِرنَّه اليومَ على نفسي، فلما أقبلَ قال له: ما لَديك؟ قال: أذِنت لك يا أمير المؤمنين، قال: ما كان شيءٌ أهمَّ إليَّ من ذلك المضجع، فإذا قُبضتُ فاحملوني، ثم سلِّموا، ثم قل: يستأذِنُ عمر بن الخطاب، فإن أذِنَتْ لي فادفنوني، وإلا فرُدُّوني إلى مقابر المسلمين، إني لا أعلم أحدًا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين تُوُفِّي
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة فاسمعوا له وأطيعوا، فسمَّى عثمان وعليّا وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقَّاص، ووَلج عليه شابٌّ من الأنصار فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببُشْرى الله، كان لك من القِدَم في الإسلام ما قد علمت، ثم استُخلِفتَ فعدلتَ، ثم الشهادة بعد هذا كله، فقال: ليتَني يا ابن أخي وذلك كفافًا لا عليَّ ولا لي، أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرًا، أن يعرف لهم حقَّهم، وأن يحفظ لهم حُرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا، الذين تَبَوّءوا الدار والإيمان أن يُقبل من مُحسنهم، ويُعفي عن مُسيئهم، وأُوصية بذِمَّةِ الله وذمَّةِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم أن يُوفي لهم بعهدهم، وأن يُقاتل من ورائهم، وأن لا يُكلَّفوا فوقَ طاقتِهم".
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (1392) عن قتيبة، حدثنا جرير بن عبد الحميد، حدثنا حُصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن ميمون فذكره.
• قالت عائشة لعبد الله بن الزبير: ادفني مع صواحبي، ولا تدفِني مع النبي صلى الله عليه وسلم في البيت، فإنّي أكره أن أُزكَّى.
صحيح: رواه البخاري في الاعتصام (7327) عن عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
وقولُها: "أزكِّى" بضم أوله، وفتح الكاف على البناء للمجهول، أي لا يثني علي بسببه، ويجعل لي بذلك مزية وفضل، وأنا في نفس الأمر يحتمل أن لا أكون كذلك، وهذا منها على سبيل التواضع وهضم النفس بخلاف قولها لعمر: كنت أريده لنفسي فكأن اجتهادها في ذلك تغير.
• عن سفيان التمار أنه حدَّثه أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا.
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (1390/ 2) عن محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن سفيان التمار فذكره.
وسفيان التمار هو: ابن دينار على الصحيح، وقيل ابن زياد، والصواب أنه غيره، وكل منهما عصفري كوفي، وهو من كبار أتباع التابعين.
وقوله "مُسَنَّمًا" أي مرتفعًا. وزاد أبو نعيم في "المستخرج": "وقبر أبي بكر وعمر كذلك" واستدل به على أن المستحب تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية. انظر:"الفتح".
ولا يعارض هذا ما رُوي عن القاسم (وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق) قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أمهْ! اكشفي لي عن قبر النبي- صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، فكشفتْ لي عن ثلاثة