الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإسناده حسن من أجل عاصم وأبيه كليب فهما "صدوقان".
وقد رواه الإمام أحمد (22509، 23465) مطولًا ومختصرًا من أوجه عن عاصم بن كليب بإسناده.
وصحَّح إسناده الحافظ في "التلخيص"(2/ 127).
9 - باب ما جاء في اللحد ونصب اللبن على الميت
• عن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص أن سعد بن أبي وقاص قال في مرضه الذي هلك فيه: أَلْحِدُوا لي لَحْدًا، وانْصِبُوا عليَّ اللَّبِنَ نصْبًا، كما صُنِع برسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (966) عن يحيى بن يحيى، نا عبد الله بن جعفر المِسْوَرِي، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص فذكره.
• عن علي بن أبي طالب قال: غسَّلت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذهبتُ لأنظر ما يكون من الميت، فلم أر شيئًا، وكان طيبًا صلى الله عليه وسلم حيًا وميتًا، وولي دفنه وإجنانه دون الناس أربعة: علي والعباس والفضل وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحدًا، ونصب عليه اللبن نصبًا.
صحيح: رواه الحاكم (1/ 362) وعنه البيهقي (3/ 388) من طريق مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: قال علي بن أبي طالب فذكره.
ورواه ابن ماجه (1467) عن يحيى بن خذام، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: أخبرنا معمر بإسناده مختصرًا، وشيخ ابن ماجه يحيى بن خِذام "مقبول" لأنه توبع.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين"، وتعقّبه الذهبي فقال:"فيه انقطاع".
قلت: إن كان يقصد به الانقطاع بين سعيد بن المسيب وبين على ففيه نظر، لأن سعيد بن المسيب ولد بعد مضي سنتين من خلافة عمر - أي في سنة أربع عشرة أو خمس عشرة، وقد ثبت سماعه من عثمان، وإنما اختلف في سماعه من عمر، فكيف لا يصح سماعه من علي بن أبي طالب، على أني لم أجد من نص على عدم سماعه منه.
• عن أنس بن مالك قال: لما تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجل يَلْحَدُ، وآخر يُصَرِّحُ فقالوا: نستخير ربَّنا ونبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه، فأُرسل إليهما، فسبق صاحبُ اللحدِ، فلحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم.
حسن: رواه ابن ماجه (1557) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا مبارك بن فَضالة، قال: حدثني حُميد الطويل، عن أنس فذكر الحديث.
وهاشم بن القاسم هو أبو النضر شيخ الإمام أحمد، وعنه رواه في مسنده (12415) مثله.
وإسناده حسن من أجل مبارك بن فَضالة فإنه "صدوق يدلس ويُسوي"، قال أبو زرعة: يُدَلِّس كثيرًا فإذا قال: "حدثنا" فهو ثقة، وقد صرَّح هنا بالحديث، وبقية رجاله ثقات، وقد حسنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 128).
وقال البوصيري: " إسناده صحيح ورجاله ثقات" والصواب كما قلت.
وجاء في بعض الروايات أن الذي يُصرح هو: أبو عبيدة، وأن الذي كان يلحد هو: أبو طلحة.
وقوله: "يلحد" هو عمل الشق الذي يُعمل في جانب القبر لموضع الميت، لأنه أمْيل عن وسط القبر إلى جانبه.
و"يُضرح" وهو عمل الضريح، وهو القبر، من الضرح وهو الشقُّ في الأرض.
وأبو عبيدة هو ابن الجرَّاح، وهو عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي المكي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وسماه أمين الأمة، وله مناقب كثيرة توفي سنة ثمان عشرة في طاعون عَمَواس.
وأبو طلحة هو زيد بن سهل الخزرجي النجاري الأنصاري، من بني أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، أحد أعيان البدريين، وأحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة، وله مناقب كثيرة توفي سنة أربع وثلاثين.
• عن عائشة قالت: كان بالمدينة حفاران، أحدهما يلحد، والآخر يشق فانتظروا أن يجيء أحدهما فجاء الذي يلحد، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح: رواه ابن سعد (2/ 295) عن يزيد بن هارون وهشام أبي الوليد الطيالسي، قال يزيد: قال أخبرنا، وقال هشام: أخبرنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته وإسناده صحيح. ورواه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا.
وأما ما رواه ابن ماجه (1558) من وجه آخر عن عائشة قالت: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق حتى تكلموا في ذلك، وارتفعتْ أصواتُهم، فقال عمر: لا تَصخبوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًّا ولا ميتًا، أو كلمة نحوها، فأَرْسِلوا إلى الشَقَّاق واللاحِد جميعًا فجاء اللاجِدُ، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دُفن صلى الله عليه وسلم، ففي إسناده عبيد بن طفيل المُقري قال فيه الحافظ:"مجهول" وشيخه عبد الرحمن بن أبي مليكة القرشي وهو عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة قال فيه الحافظ: "ضعيف" وضعَّفه أيضًا في "التلخيص"(2/ 128).
وأما البوصيري فلم يتنبه فقال: "إسناده صحيح رجاله ثقات".
• عن عبد الله بن عباس قال: دخل قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس وعلي والفضل، وشق لحدَه رجل من الأنصار، وهو الذي يشُق لحود قبور الشّهداء.
صحيح: رواه ابن الجارود في "المنتفى"(547) عن محمد بن عبد الملك بن زنجويه، قال: ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، قال: ثني زياد بن خيثمة، قال: أني إسماعيلُ السدي، عن عكرمة، عن
ابن عباس فذكره.
وأما ما رُوي عن ابن عباس مرفوعًا: "اللحد لنا، والشق لغيرنا" فهو ضعيف. رواه أبو داود (3208)، والترمذي (1045)، والنسائي (2009)، وابن ماجه (1554) كلهم من طرق، عن حُكَّام ابن سَلْم الرازي، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
وضعَّفه النووي في "الخلاصة"(3616) وقال: "مداره على عبد الأعلى بن عامر وهو ضعيف" وبه ضعَّفه الحافظ في "التلخيص"(2/ 127).
قلت: عبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي ضعَّفه جمهور أهل العلم، منهم أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم، والنسائي وابن عدي ويحيى بن سعيد والعقلي ويعقوب بن سفيان، وابن سعد وغيرهم، نقل أقوالهم الحافظ في "التهذيب" وقال في نهاية الترجمة:"وصحَّح الطبري حديثه في الكسوف، وحسَّن له الترمذي، وصحَّح له الحاكم وهو من تساهله" انتهى.
فالخلاصة فيه أنه: "ضعيف".
وأما الترمذي فقال فيه: "حسن غريب من هذا الوجه" وهو الذي أشار إليه الحافظ آنفًا، ولعل تحسين الترمذي يعود إلى شواهده. وأما ولده علي فهو أحسن حالًا من أبيه، فقد وثَّقه البخاري، وقال أحمد والنسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعًا: "اللحد لنا، والشق لغيرنا" رواه ابن ماجه (1555) وفيه أبو اليقظان واسمه عثمان بن عمير وهو متفق على ضعفه، كما قال البوصيري.
ورواه الإمام أحمد (19158) وفيه الحجاج - وهو ابن أرطاة وفيه كلام معروف، وله طريق آخر عند الإمام أحمد (19177) وفيه ثابت وهو ابن أبي صفية أبو حمزة الشمالي وهو" ضعيف رافضي" كما قال الحافظ في" التقريب"، ورواه أيضًا الإمام أحمد (18176) في سياق طويل وفيه أبو جناب وهو يحيى بن أبي حية الكلبي ضعيف. انظر "التلخيص"(2/ 127).
وقال النووي في "الخلاصة"(3617): "رواه أحمد وابن ماجه من رواية جرير وهو ضعيف أيضًا".
والخلاصة أني لم أقف على سند صحيح أو حسن لحديث جرير بن عبد الله البجلي إلا أن يقال إن هذه الأسانيد يُقوي بعضُها بعضًا.
وكذلك لا يصح إسناد ما رُوي عن عائشة وابن عمر أن النبي- صلى الله عليه وسلم أُلحد له لحد، والحديث صحيح.
رواه الإمام أحمد (4762) عن وكيع، حدثنا العمري، عن نافع، عن ابن عمر وعن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه، عن عائشة.
وإسناده ضعيف من أجل العُمري: وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن المدني، قال النسائي: ضعيف الحديث. وقال ابن حبان: كان ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن الضبط، ومشاه بعض أهل العلم فقال ابن عدي: لا بأس به في