الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخرة كافورًا، أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتُنَّ فآذِنِّنِي، فلما فرغنا آذنَّاه، فألقى إلينا حِقْوه، فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، وألْقيناها خلفها".
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (1263) عن مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام بن حسان، قال: حدثنا حفصة، عن أم عطية فذكرته.
12 - باب كيف الإشعار للميت
• عن ابن سيرين قال: جاءت أم عطية امرأةٌ من الأنصار من اللاتي بايعْنَ، قدمتِ البصرةَ تبادر ابنا لها فلم تُدْرِكه، فحدثتنا قالت: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نَغْسِلُ ابنتَه فقال: "اغْسِلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك بماءٍ وسِدْرٍ، واجعلْنَ في الآخرة كافورًا، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّني" قالت: فلما فرغْنَا ألْقى إلينا حِقْوه، فقال:"أشْعِرْنَها إياه" ولم يزد على ذلك، ولا أدري أي بناته، وزعم أن الإشعار الْفُفْنَها فيه.
وكذلك كان ابن سيرين: يأمر بالمرأة أن تُشْعر ولا تُؤزر.
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (1261) عن أحمد، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا ابن جريج، أن أيوب أخبره، قال: سمعت ابن سيرين يقول فذكره. وأخرجه مسلم في الجنائز (939/ 36) من وجه آخر عن أيوب نحوه إلى قوله: "أشْعِرْنَها إياه".
والإشعار: ما يلي الجسد من الثياب.
وقوله: زعم: هو أيوب كما وقع التصريح في رواية عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: قلت لأيوب قوله: أَشْعرنَها أتؤزر به، قال: ما أراه إلا قال: الفُفْنَها فيه.
وقوله: ولا أدري أي بناته؟ هو مقول أيوب، لأنه لم يسمع تسميتها من حفصة، وبينت في روايات أخرى أنها أم كلثوم، وقيل: إنها زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي بعض التحقيقات في ذلك.
13 - باب كفنِ النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب
• عن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفِّن في ثلاثة أثواب بيضٍ سُحولية، ليس فيها قميص ولا عِمامة.
متفق عليه: رواه مالك في الجنائز (5) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
ورواه البخاري في الجنائز (1273) عن إسماعيل، عن مالك به.
ورويا -البخاري (1271)، ومسلم (941/ 46) كلاهما- من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام به مثله.
وفي وجه عن هشام بإسناده عن عائشة قالت: أدرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت لعبد الله بن
أبي بكر، ثم نُزِعتْ عنه، وكفِّن في ثلاثة أثواب سُحول يمانيةٍ، ليس فيها عمامة ولا قميص. فرفع عبد الله الحلة فقال: أُكَفَّن فيها. ثم قال: لم يُكفَّنْ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأُكَفَّن فيها؟ فتصدق بها.
قوله: "سحولية" وفي رواية: "سحولية يمانية"، وفي رواية "سحولية من كرسف" كما عند مسلم، وسُحول جمع سحل. وهو الثوب الأبيض النقي، ولا يكون إلا من قطن، ويُروى بالفتح نسبة إلى سحول قرية باليمن.
قال الأزهري: بالفتح المدينة، وبالضم الثياب.
ورواه أصحاب السنن: أبو داود (3152)، والترمذي (996)، والنسائي (1899)، وابن ماجه (1469)، وفيها: فذكروا لعائشة قولهم: "في ثوبين وبُرْد حبَرةٍ" فقالت: قد جاءوا ببُردِ حبرة ولكنهم ردُّوه، ولم يكفِّنُوا فيه.
وبرد حبرة: أي مخطط.
قال الترمذي: "حديث عائشة حديث حسن صحيح. وقد رُوي عن كفن النبي صلى الله عليه وسلم روايات مختلفة، وحديث عائشة أصحُّ الأحاديث التي رُويت في كفَنِ النبي صلى الله عليه وسلم، والعمل على حديث عائشة عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، قال سفيان الثوري: يُكفَّنُ الرجل في ثلاث أثواب: إن شئت في قميصٍ ولفافتَين، وإن شئت في ثلاث لفائف، ويُجزي ثوب واحد إن لم يجدوا ثوبين، والثوبان يُجزيان، والثلاثة لمن وجدها أحب إليهم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: تُكَفَّنُ المرأةُ في خمسة أثواب"، انتهى.
• عن عائشة قالت: دخلت على أبي بكر فقال: في كم كفَّنتُم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سَحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يومَ الاثنين، قال: فأيُّ يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليلة، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به رَدْعٌ من زعفران فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما، قلت: إن هذا خَلَقٌ، قال: إن الحيَّ أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلثاء، ودُفن، قبل أن يُصبح.
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (1387) عن معلي بن أسد، حدثنا وُهيب، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
ورواه مالك في الجنائز (6) عن يحيى بن سعيد بلاغًا، أن أبا بكر قال لعائشة فذكر نحوه مختصرًا.
وقوله: "للمهلة" قال عياض: رُوي بضم الميم، وفتحها، وكسرها، وقال ابن حبيب: هو
بالكسر: الصديد، وبالفتح: التمهل، وبالضم: عكر الزيت. والمراد الصديد.
ورواه ابن حبان في صحيحه (3036) من وجه آخر عن مجاهد بن وردان، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت عند أبي بكر حين حضرتْه الوفاة، فتمثلثُ بهذا البيت:
من لا يزال دمْعُه مُقَنَّعًا
…
يُوشِك أن يكون مَدْفُوقا
فقال: يا بُنَيَّةُ لا تقولي هكذا، ولكن قولي:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19] ثم قال: في كم كُفِّن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في ثلاثة أثواب، فقال: كفِّنوني في ثوبيَّ هذين، واشتروا إليهما ثوبًا جديدًا، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هي للمِهْنة، أو للمهلة، ورواه أيضًا الإمام أحمد (24122) باختلاف بعض الألفاظ.
• عن عبد الله بن عمر قال: كُفِّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث رباطٍ بيضٍ سُحوليةٍ.
حسن: رواه ابن ماجه (1470) عن محمد بن خلف العسقلاني قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: هذا ما سمعتُ من أبي مُعَيد حفص بن غيلان، عن سليمان بن موسى، عن نافع، عن عبد الله بن عمر فذكر الحديث.
وإسناده حسن لأجل حفص بن غيلان، وشيخه سليمان بن موسى وهو الأشدق فهما صدوقان، وإلى هذا أشار البوصيري بقوله:"هذا إسناد حسن لقصور سليمان بن موسي وحفص بن غياث عن درجة أهل الحفظ والضبط، وأصله في الصحيحين من حديث عائشة وابن عباس".
قلت: أما حديث عائشة فهو صحيح كما سبق، وأما حديث ابن عباس فهو ضعيف كما سيأتي وأما ما رُوي عن علي بن أبي طالب بأن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في سبعة أثواب، فهو ضعيف. رواه الإمام أحمد (728)، والبزار -البحر الزخار- (646) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الله ابن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي (المعروف بابن الحنفية) عن أبيه، علي بن أبي طالب فذكره.
قال البزار: هذا الحديث لا نعلم أحدًا تابع ابن عقيل على روايته هذه، ولا نعلم أحدًا رواه عن ابن عقيل بهذا الإسناد إلا حماد بن سلمة" انتهى.
وأما الهيثمي فحسَّن إسناده في "المجمع"(3/ 23).
قلت: وهو كذلك فإن عبد الله بن محمد بن عقيل حسن الحديث.
ولكن فيه علة خفية وهى مخالفته للأحاديث الصحيحة.
وقد نبَّه عليه الحافظ في "التلخيص الحبير"(2/ 108) فقال في ابن عقيل: "سيء الحفظ، يصلح حديثه للمتابعات، فأما إذا انفرد فيُحسَّن، وأما إذا خالف فلا يُقبل، وقد خالف هو رواية نفسه، فروى عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم كُفِّن فِي ثوب نمرة" انتهى.
وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 415) وضعَّفه لأجل ابن عقيل. ونقل عن ابن
حبان: "ردئُ الحفظ، يحدث على التوهم، فيجئ بالخبر على غير سُنَنِه، فوجب مجانبة أخباره" وبه أعله الزيلعي في "نصب الراية"(2/ 261 - 262).
قلت: لأن الصحيح كما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثوبين سحوليين أبيضين. رواه الطبراني في "الكبير"(18/ 275) من حديث علي بن المديني، عن إبراهيم بن سليمان أبي سليمان المؤدب، عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس فذكره.
ويعقوب بن عطاء وهو ابن أبي رباح المكي الجمهور على تضعيفه منهم: أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وأبو حاتم، إلا أن ابن حبان فذكره في "الثقات"(7/ 639) وأخرج الحديث في صحيحه (3035).
ورواه أيضًا أبو يعلي من طريق سليمان الشاذكوني، عن يحيى بن أبي الهيثم، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس فذكره. وسليمان هذا ضعيف، وقد اتُّهِم.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثوبين أبيضين، وفي برد أحمر فإنه منكر. رواه الإمام أحمد (2284) عن عفان، حدثنا عبد الواحد، حدثنا الحجاج بن أرطاة، حدثنا أبو جعفر محمد بن علي.
قال: يعني حجاجًا، حدثني الحكم، عن مِقسم، عن ابن عباس فذكره.
والحجاج وصف بكثرة الخطأ والتدليس، فلعل هذا من خطئه، لأن الصحيح الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب بيض سحولية، وقد رُوي عنه ما يوافق ذلك إلا أن فيه يزيد بن أبي زياد وهو أضعف منه، فقد رواه عن مِقسم، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب: في قميصه الذي مات فيه، وحلةٍ نجرانيةٍ، الحلَّة ثوبان. رواه أبو داود (3153) عن الإمام أحمد وهو في مسنده (1942) قال: حدثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا يزيد -يعني ابن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس فذكره.
ورواه أيضًا ابن ماجه (1471) من طريق عبد الله بن إدريس بإسناده ويزيد بن أبي زياد لا يحتج به لضعفه، لا سيما وقد خالف رواية الثقات. قال الحافظ ابن حجر:"تفرد يزيد بن أبي زياد، وقد تغير، وهذا من ضعيف حديثه""التلخيص"(2/ 108).
وقال الترمذي: "حديث عائشة أصح الأحاديث التي رُويتْ في كفن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب، أحدها قميص، رواه الطبراني في "الأوسط"(2118) عن أحمد بن زهير، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل المقرئ، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس بن مالك فذكره.
قال الطبراني: لم يروه عن حميد إلا حماد، ولا عنه إلا مسلم، تفرد به المقرئ، وفي نسخة: عقيل.