الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب زيارة القبور
1 - باب استحباب زيارة القبور
• عن بريدة بن الحُصَيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشرَبُوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرًا".
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (977) من طرق، عن محمد بن فُضيل، عن أبي سنان (وهو ضرار بن مرة) عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكر الحديث. ورواه النسائي (2032) من وجه آخر، وفيه:"ولا تقولوا هُجرا""هُجر" - بضم الهاء، أي لا تقولوا ما لا ينبغي من الكلام، فإنه ينافي المطلوب الذي هو التذكير.
ورواه الترمذي (1054) وفيه: "فقد أُذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزورها فإنها تذكر الآخرة".
ورواه البيهقي (4/ 76) من وجه آخر عن زهير، عن زيد، عن محارب بن دثار بإسناده وفيه: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلًا، ونحن معه قريبا من ألف راكب فقام فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر فقداه بالأب والأم وقال له: ما لك يا رسول الله! قال: "إني استأذنت ربي في استغفاري لأمي فلم يأذن لي، فبكيت لها رحمة لها من النار، وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور
…
" فذكر الحديث.
ورواه أبو داود (3235) من طريق معرف بن واصل، عن محارب بن دثار بإسناده وفيه:"نهيتكم عن زيارة القبور، فزورها فإن في زيارتها تذكرة". ومعرف ثقة.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذنتُ ربي أن أستغفر لأمي فلم يأْذَنْ لي، واستأذنْتُه أن أزورَ قبرها فأذن لي".
وفي رواية قال أبو هريرة: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال:"استأذَنْتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يُؤذنْ لي، واستأذنتُه في أن أزور قبرها فَأُذِن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت".
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (976) من طرق، عن مروان بن معاوية، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة فذكر الحديث مثله.
والرواية الثانية رواها محمد بن عبيد، عن يزيد بن كيسان بإسناده مثله.
قال البغوي رحمه الله: "ويقال: كان قبر أمه بالأبواء، فمر به عام الحديبية، ويُروى أنه زار قبر أمه في ألْف مُقنع، أي: في ألْف فارس مُغَطَّى بالسلاح"، "شرح السنة"(5/ 463).
وقوله: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي" يحتمل أن يكون هذا الاستئذان قبل نزول قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113] ويحتمل أن يكون بعد ذلك، وارتجي خصوصية أمه بذلك.
وفي الحديث جواز زيارة قبر المشركين للموعظة والذكرى بمشاهدة قبرهم، ويؤيد ذلك آخر الحديث: "فزوروا القبور فإنها تذكر الموت وقبر المسلم والمشرك فيه سواء.
• عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإن فيها عِبرةً، ونهيتكم عن النبيذ فاشربوا، ولا أحل مسكرًا، ونهيتكم عن الأضاحي فكلوا".
حسن: رواه أحمد (11329) عن يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن أُسامة، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
وإسناده حسن لأجل أسامة وهو: ابن زيد الليثي المدني حسن الحديث.
ورواه الحاكم في "المستدرك"(1/ 374) من طريق أسامة بن زيد بإسناده، وقال: صحيح على شرط مسلم".
قلت: وهو كما قال، إلا أن أسامة بن زيد تكلم فيه النسائي، فقال:"ليس بالقوي"، ومشاه أبو حاتم، وقال العجلي:"ثقة" والخلاصة فيه كما قال الحافظ: "صدوق يهم"، فلا بأس بالاستشهاد به، لأنه أرجو أنه لم يهم في هذا الحديث.
وعم محمد بن حَبَّان هو: واسع بن حبَّان بن منقذ صحابي ابن صحابي.
ورواه البزار "كشف الأستار"(861) من وجه آخر وفيه: "نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فكلوا وادخروا، ونهيتكم عن زيارة القبور فزُوروها، ولا تقولوا ما يُسخط الرب، ونهيتكم عن الأوعية فانتبذوا، وكل مسكر حرام".
قال البزار: وعمر ومحمد قد حدَّث كل منهما بأحاديث لم يتابع عليها.
قلت: عمر هو: ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ثقة من رجال الشيخين، وكذلك أبوه محمد وهو من رجال الجماعة.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(3/ 85) وقال: "رجاله رجال الصحيح".
فلا يضر عدم المتابعة على أحاديثهما إذا كان في الإسناد من قبلهما ومن بعدهما ثقات.
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُنت نهيتكم عن زيارة القبور،
ألا فزوروها فإنه يرق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجرًا".
حسن: رواه الحاكم (1/ 376) بإسناده عن عامر بن يساف، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن يحيى ابن عباد، عن أنس فذكره. وإسناده حسن لأجل عامر بن يساف فإنه "صالح" كما قال أبو حاتم.
قال الذهبي: ورُوي بإسناد آخر عن أنس.
قلت: ما ذكرته هو أجوده، وقد رواه الإمام أحمد (13487) عن يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بن الحارث الجابر، عن عبد الوارث مولى أنس وعمرو بن عامر، كلاهما عن أنس قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور، وعن لحوم الأضاحي بعد ثلاث، وعن النبيذ في الدُّبَّاء والنقير والحنتم والمزفَّت"، قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: "ألا إني قد كنت نهيتكم عن ثلاث، ثم بدا لي فيهن، نَهيتُكم عن زيارة القبور، ثم بدا لي أنها تُرقُّ القلبَ، وتُدمعُ العينَ، وتُذكر الآخرة، فزوروها ولا تقولوا هُجرًا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها فوق ثلاث ليال، ثم بدا لي أن الناس يتحفون ضيفَهم، ويُخبِّئُون لغائبهم، فأمْسِكوا ما شئتُم، ونهيتكم عن النبيذ في هذه الأوعية فاشربوا بما شئتُم، ولا تشربوا مُسْكِرا، من شاء أوكى سقاءَه على إثم".
ورواه الحاكم (1/ 376) من طريق يحيى بن عبد الله التيمي، عن عمرو بن عامر الأنصاري وحده عن أنس مختصرًا. وفي الإسناد يحيى بن الحارث وهو: يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر أكثر أهل العلم على تضعيفه، وقال الإمام أحمد: لا بأس به، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وجعله الحافظ:"ليِّن الحديث" وللحديث أسانيد أخرى أضعف مما ذكرته.
وقوله: "ولا تقولوا هُجرًا" أي قولًا قبيحًا مثل يا ويلي وغيرها.
• عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص في زيارة القبور.
وفي رواية: عن عبد الله بن أبي مليكة، أن عائشة أَقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها يا أم المؤمنين! من أين أقبلتِ؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم كان نهى، ثم أمر بزيارتها.
صحيح: رواه ابن ماجه (1570) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا رَوح، قال: حدثنا بسطام بن مسلم، قال: سمعت أبا التيَّاح، قال: سمعت ابن أبي مليكة، عن عائشة فذكرته.
وهذا إسناده صحيح، ورجاله ثقات كما قال البوصيري في "الزوائد".
والرواية الثانية رواها الحاكم (1/ 376) وعنه البيهقي (4/ 78) من طريق بَسْطَام بن مسلم، عن أبي التياح يزيد بن حميد، عن عبد الله بن أبي مليكة فذكره. وقال البيهقي:"تفرد به بسطام".
قلت: بسطام هو ابن مسلم البصري، ثقة، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال فيه الحافظ:"ثقة" فلا يضر تفرده. وتفصيل هذه القصة رواها الترمذي (1055) عن عبد الله بن أبي مليكة نفسه قال: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بحُبْشِيِّ، قال: فحمل إلى مكة فُدفن فيها، فلما قدمت عائشة، أتتْ قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت:
وكنا كنَدْمَاني جُذَيمةَ حُقْبةً
…
من الدهر حتى قيل: لن يتصدَّعا
فلما تَفَرَّقنا كأَنِّي ومالكًا
…
لطولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ ليلةً معًا
ثم قالت: والله لو حضرتُك ما دُفنت إلا حيث مُت، ولو شهدتُك ما زرتك، رواه عن الحسين ابن حريث، حدثنا عيسى بن يونس، عن ابن جُريج، عن عبد الله بن أبي مليكة فذكره.
وسكت عليه الترمذي، ورجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق (6535) عن ابن جريج قال: سمعت ابن أبي مليكة، وتابعه أيوب عند عبد الرزاق (6539).
وقوله: "بُحبْشِيّ" هو جبل بأسفل مكة على ستة أميال منها.
وقولها: "ولو شهدتُك ما زرتُك" دليل على كراهية زيارة النساء القبور.
قال شيخ الإسلام: "وهذا يدل على أن الزيارة ليست مستحبة للنساء، كما تستحب للرجال، إذ لو كان كذلك لاستحب لها زيارته، كما تستحب للرجال زيارته، سواء شهدته أو لم تشهد"، "مجموع الفتاوى"(24/ 345).
• عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يومًا: ألا أحدثكم عني، وعن أمي؟ فظننا أنه يريد أمه التي ولدته، قال: قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: بلى، قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه -فذكرت الحديث بطوله الذي في باب ما جاء من الأدعية لأصحاب القبور وفيه-: قالت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ فقال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون".
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (974/ 103) من طرق عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن كثير بن المطلب، عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب فذكر الحديث بطوله.
وأما ما رُوي عن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم أنها كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة، فتصلي وتبكي عنده فهو لا يصح.
رواه الحاكم (1/ 377)، وعنه البيهقي (4/ 78) من طريق سليمان بن داود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، أن فاطمة كانت تزور فذكره.
قال الحاكم: "هذا الحديث رواته عن آخرهم ثقات".
وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا منكر جدًّا، وسليمان ضعيف".
وقال البيهقي: "وقد قيل عن سليمان بن داود، عن أبيه، عن محمد بن محمد، عن أبيه، دون ذكر علي بن الحسين، عن أبيه فيه. وهو منقطع".
وقد اغتررتُ بقول الحاكم فصحَّحتُه في "المنة الكبرى"(3/ 123) والصواب أنه ضعيف، فمن لديه نسخة منه فليُصَحّحها.
وفي معناه ما رُوي عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور، وعن الأوعية
…
ثم قال: "إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة".
فإن فيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان "ضعيف" وشيخه ربيعة بن النابغة "مجهول".
رواه الإمام أحمد (1236) عن يزيد، أخبرنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن النابغة، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب فذكر الحديث، وله أسانيد أخرى أضعف منها.
وفي الباب ما رُوي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تُزهِّد في الدنيا، وتذكر الآخرة" رواه ابن ماجه (1571) عن يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أنبأنا ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن ابن مسعود فذكره.
وأيوب بن هانئ الكوفي مختلف فيه، فضعَّفه ابن معين، وقال ابن عدي:"لا أعرفه". وعرفه أبو حاتم فقال: "شيخ صالح"، والخلاصة فيه كما قال الحافظ:"صدوق فيه لين".
وأما ابن حبان فأخرجه في صحيحه (981) مطولًا، وكذلك الحاكم (2/ 336) كلاهما من طريق ابن جريج بإسناده، وصحَّحه الحاكم فتعقبه الذهبي بقوله:"أيوب ضعَّفه ابن معين".
وقال ابن عدي في "الكامل"(1/ 351): "هذا في كتب ابن جريج مرسل، وهذا حديث لا يُساوي شيئًا".
وقد أسقط ابن جريج شيخه أيوب بن هانئ في رواية عبد الرزاق في "المصنف"(6714) عنه فإنه قال: "حُدثت عن مسروق بن الأجدع به فذكر الحديث".
وللحديث إسناد آخر أضعف منه وهو ما رواه الإمام أحمد (4319) عن يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن زيد، حدثنا فرقد السبخيُّ، قال: حدثنا جابر بن يزيد، أنه سمع مسروقًا، يحدث عن عبد الله بن مسعود فذكر الحديث.
وفرقد السبخيُّ هو: فرقد بن يعقوب السبخيُّ -بفتح المهملة والموحدة، وبخاء معجمة- أبو