الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النفس من أشعث بن سوار. وإن لم يثبت هذا الخبر فالقرآن كان في نقل خبر الخاص فيه، قد أعلم الله في محكم تنزيله أنّ للفقراء قسم (كذا والصّواب: قسمًا) في الصدقات. فالفقير كان يتيمًا أو غير يتيم فله في الصدقة قسم بنص الكتاب".
قلت: لا خلاف بين أهل العلم بأنّ اليتيم من المسلمين له حق في الصّدقات، بل قد يكون هو أولى من غيره، وإنما الخلاف في ثبوت هذا الخبر.
والظّاهر من أحاديث الباب أن الصّدقة تؤخذ من أغنياء البلد وتردّ على فقراء البلد، ولا تُنقل من بلد إلى بلد آخر إلّا لضرورة قصوى، وعليه جمهور أهل العلم، ولكن لو نقلها إلى بلد آخر أجزأ ذلك وسقط الواجب عنه.
وقوله: "قلوصًا" بفتح القاف: الناقة الشّابة، ويُجمع على قِلاص -بكسر القاف.
13 - باب ما جاء في زكاة مال اليتيم
رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم خطب النّاس فقال:"ألا من ولي يتيمًا له مال فليتّجرْ فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصّدقة".
رواه الترمذي (641) عن محمد بن إسماعيل، حدّثنا إبراهيم بن موسى، حدّثنا الوليد بن مسلم، عن المثنى بن الصبّاح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خطب الناس (فذكره).
قال الترمذي: "وإنّما رُوي هذا الحديث من هذا الوجه، وفي إسناده مقال؛ لأنّ المثنى بن الصباح يضعَّف في الحديث".
قلت: بل له وجوه أخرى، ولكن لا يخلو منها من ضعف.
ومن هذه الوجوه ما رواه الدارقطني (1971) من طريق عبيد بن إسحاق العطّار بالكوفة، حدّثنا أبي، حدّثنا مندل، عن أبي إسحاق الشّيباني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، بلفظ:"احفظوا اليتامى في أموالهم لا تأخذه الزكاة".
وفيه مندل وهو ابن علي العنزي، مختلف فيه، فالجمهور على تضعيفه. وقال الدارمي:"لا بأس به".
ومنها: ما رواه الدارقطني أيضًا (1972) من طريق روّاد بن الجراح، حدّثنا محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في مال اليتيم زكاة".
ومحمد بن عبيد الله هو العرزميّ "متروك".
ومنها ما رواه ابن عدي في "الكامل" من طريق عبد الله بن علي وهو الأفريقي، وهو ضعيف كما في "تلخيص الحافظ ابن حجر"(824).
والخلاصة فيه أن الحديث لا يثبت من حيث الإسناد؛ ولذا قال الإمام أحمد: "ليس بصحيح،
يرويه المثنى بن عمرو" هذا ما قاله مهنّا في سؤالاته للإمام أحمد. انظر "التلخيص".
ثم خالفهم جميعًا حسين المعلم، فرواه عن مكحول، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر. ورواه ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن شعيب، عن عمر.
ولم يذكر ابن المسيب وهو أصح. قاله الدّارقطني في العلل (2/ 157).
وإليه أشار الترمذي في قوله: "وروى بعضهم هذا الحديث عن عمرو بن شعيب، أنّ عمر بن الخطاب"(فذكر الحديث).
ومن الشّواهد لهذا الحديث ما رُوي عن أنس بن مالك مرفوعًا: "اتّجروا في أموال اليتامى، لا تأكلها الزكاة".
رواه الطبراني في "الأوسط"(4164) عن علي بن سعيد الرّازي، حدّثنا الفرات بن محمد القيروانيّ، حدّثنا شجرة بن عيسى المعافريّ، عن عبد الملك بن أبي كريمة، عن عُمارة بن غزية، عن يحيى بن سعيد، عن أنس، فذكره.
وفي إسناده فرات بن محمد القيرواني، ترجمه الحافظ في "اللسان" (4/ 432) قال أبو العرب:"سمعت منه كثيرًا". وقال ابن حارث: "كان يغلب عليه الرواية والجمع ومعرفة الأخبار، وكان ضعيفًا متهما بالكذب، أو معروفًا به، مات سنة اثنتين وتسعين ومائتين".
ولكن نقل الهيثميّ في "المجمع"(3/ 67) قال: "أخبرني سيدي وشيخي أن إسناده صحيح".
وشيخه هو الحافظ العراقي، وأنا أستبعد أن يكون الحافظ العراقي يصحح حديثًا فيه متهم، إلا أنه يقع منه ذهول.
ومنها ما رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ابتغوا في مال اليتيم -أو في أموال اليتامى- حتى لا تذهبها، -أو لا تستهلكها- الصّدقة".
رواه الشّافعي في "الأم"(2/ 28) قال: أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج، عن يوسف بن ماهك، فذكره.
وهذا مرسل فإنّ يوسف بن ماهك تابعيّ ثقة لم يلق النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ثم استدلّ الشافعي بعموم قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [سورة التوبة: 103] فقال: "الزكاة في مال اليتيم كما في مال البالغ". وبعموم الأحاديث الصّحيحة في إيجاب الزكاة مطلقًا.
وقد صحَّ عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "ابتغوا بأموال اليتامى، لا تأكلها الصّدقة".
رواه الدارقطني (2/ 110)، وعنه البيهقيّ (4/ 107) وقال:"هذا إسناد صحيح، وله شواهد عن عمر رضي الله عنه".
قال أبو عيسى الترمذي: "وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فرأى غير واحد من أصحاب
النبيّ صلى الله عليه وسلم في مال اليتيم زكاة منهم: عمر، وعلي، وعائشة، وابن عمر، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقالت طائفة من أهل العلم: "ليس في مال اليتيم زكاة. وبه يقول سفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك". انتهى.
• * *