الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإسناده حسن لأجل المنهال بن عمرو، فإنه حسن الحديث.
9 - باب الأمر باتباع الجنائز وفضله
• عن البراء قال: أمرنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع: أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعيّ، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السّلام، وتشميت العاطس، ونهانا عن: آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقَسِّي، والاستبرق.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1239) عن أبي الوليد، حَدَّثَنَا شعبة، عن الأشعث قال: سمعتُ معاوية بن سويد بن مُقرّن، عن البراء فذكره.
ورواه مسلم من أوجه أخرى (2066) عن أشعث، قال: حَدَّثَنِي معاوية بن سُويد قال: دخلتُ على البراء بن عازب فسمعتُه يقول: فذكر الحديث وفيه "إفشاء السّلام" بدلًا من "رد السّلام".
ورواه أيضًا من طريق شعبة كما رواه البخاريّ إِلَّا أن فيه "نهانا عن خاتم الذهب أو حَلْقة الذهب".
• عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السّلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدّعوة، وتشميت العاطس".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1240)، ومسلم في كتاب السّلام (2162) كلاهما من حديث ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة قال: فذكره.
ورواه مسلم من طريق آخر عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة وفيه "حق المسلم على المسلم ست" والسادس وإذا استنصحك فانصح له، وفيه بدلًا من رد السّلام "إذا لقيته فسلم عليه".
ورواه البخاريّ في "الأدب المفرد"(519) من وجه ثالث من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة وفيه "ثلاث كلهن حق على كل مسلم فذكر من الثلاثة:"عيادة المريض، وشهود الجنازة، وتشميت العاطس إذا حمد الله عز وجل".
ولكن رواه ابن ماجة (1435) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر فيه الخمس مثل حديث الزهري. وهذا أصح لموافقته للزهري. فلعل عمر بن أبي سلمة اختصره.
• عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تبع جنازةً فله قيراط من الأجر".
فقال ابن عمر: أكثر علينا أبو هريرة، فبعث إلى عائشة فسألها فصدَّقت أبا هريرة، فقال ابن عمر: لقد فرطنا في قراريط كثيرةٍ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1323)، ومسلم في الجنائز (945/ 55) كلاهما من حديث جرير بن حازم، حَدَّثَنَا نافع يقول: حُدِّث ابن عمر أن أبا هريرة يقول: فذكر الحديث
مرفوعًا عند مسلم، وأمّا البخاريّ فجعله من قول أبي هريرة، ولكنه قال: فصدَّقت -يعني عائشة- أبا هريرة وقالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله.
• وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد الجنازة حتّى يُصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتّى تُدفن فله قيراطان".
قيل: وما القيراطان؟ قال: "مثل الجبلين العظيمين".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1325)، ومسلم في الجنائز (945) كلاهما من حديث يونس، عن ابن شهاب، قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أن أبا هريرة قال: فذكر الحديث ولفظهما سواء.
وفي رواية عند مسلم من وجه آخر: "أصغرها مثل أُحد". وفي رواية عنده عن أبي حازم قال: قلت: يا أبا هريرة! وما القيراط؟ قال: "مثل أُحد".
وسيأتي في حديث ثوبان: سُئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن القيراط، فقال:"مثل أحد" فتبين من هذا أن القائل هو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنه مرفوع.
قال ابن شهاب: قال سالم بن عبد الله بن عمر: وكان ابن عمر يُصَلِّي عليها ثمّ ينصرف. فلمّا بلغه حديث أبي هريرة قال: لقد ضيَّعنا قراريط كثيرة.
• عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتّى يصلى عليها، ويفرغ من دفْنِها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثمّ رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط".
صحيح: رواه البخاريّ في الإيمان (47) عن أحمد بن عبد الله بن عليّ المنجوفي قال: حَدَّثَنَا رَوح، قال: حَدَّثَنَا عوف، عن الحسن ومحمد، عن أبي هريرة فذكره. وتابعه عثمان المؤذن قال: حَدَّثَنَا عوف، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحوه. انتهى.
والحسن هو: ابن أبي الحسن البصريّ، وسماعه عن أبي هريرة مختلف فيه، والصواب أنه لم يسمع منه، وهو كثير الإرسال ولذا كان اعتماد البخاريّ على رواية محمد، وهو: ابن سيرين، ويكون الحسن متابعًا له.
وعوف هو: ابن أبي جميلة، وكنيته: أبو سهل.
وعثمان المؤذن هو: ابن الهيثم من شيوخ البخاري.
• عن سعد بن أبي وقَّاص، أنه كان قاعدًا عند عبد الله بن عمر، إذ طَلَع خبَّاب صاحب المقْصورة، فقال: يا عبد الله بن عمر! ألا تسمع ما يقول أبو هريرة، إنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لمن خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها، ثمّ تَبِعَها حتّى تُدْفَن كان له قيراطان من الأجر، كلُّ قيراطٍ مثلُ أُحُد، ومن صَلَّى عليها ثمّ رجع كان له من الأجر مثل أُحُد" فأرسل ابنُ عمر خَبَّابًا إلى عائشة يسألُها عن قول أبي هريرة، ثمّ يرجعُ إليه فيخبرُه ما قالَت، وأخذ ابن عمر قبضةً من حصْباء المسجدِ يُقَلِّبُها في يده، حتّى رجعَ إليه الرسولُ فقالَ: قالتْ عائشةُ: صَدَقَ أبو هريرة، فضرب ابنُ عمرَ بالحَصَى الذي كان في يده الأرضَ ثمّ قال: لقد فرَّطْنَا في قَراريطَ كثيرة.
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (945/ 56) عن محمد بن عبد الله بن نمير، حَدَّثَنَا عبد الله بن يزيد، حَدَّثَنِي حيوة، حَدَّثَنِي أبو صخر، عن يزيد بن عبد الله بن قُسيط، أنه حدَّثه أن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص حدَّثه عن أبيه، أنه كان قاعدًا فذكره.
وخبَّاب هو مولي فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، ذكره الحافظ ابن حجر وغيره من الصّحابة.
وقوله: "المقصورة" أي: الذي اتخذ الحجرة المحصنة بالحيطان من حجر. والمراد هنا مقصورة المسجد.
• عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلَّى على جنازة فله قيراط، فإن شَهِد دَفْنِها فله قيراطان، والقيراط مثل أُحُد".
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (946) من طرق، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمريّ، عن ثوبان فذكره.
وفي رواية عنده: سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن القيراط، فقال:"مثل أُحُد".
• عن ابن عمر: أنه مَرَّ بأبي هريرة وهو يُحدِّثُ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تبع جنازة فصلَّى عليها، فله قيراطٌ، فإن شَهد دفنها، فله قيراطان، القيراط أعظمُ من أُحُدٍ"، فقال له ابنُ عمر: أبا هريرة! انظُرْ ما تُحَدِّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! ! فقام إليه أبو هريرة، حتّى انطلق به إلى عائشة، فقال لها: يا أمّ المؤمنين! أُنشدكِ بالله، أسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن تَبِعَ جِنازَةً فصلَّى عليها، فله قيراطٌ، فإن شهد دَفْنَها، فله قيراطَان"؟ ، فقالت: اللَّهُمَّ! نعم، فقال أبو هريرة: إنه لم يكن يَشْغَلُنِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غَرْس الوَدِيّ، ولا صفقٌ بالأسواق، إني إنّما كنت أطلبٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمةً يُعلِّمنيها، وأكْلَةً يُطْعِمُنيها، فقال له ابنُ عمر: أنت يا أبا هريرة! كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثه.
صحيح: رواه الإمام أحمد (4453) عن هُشيم، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن
الجرشيّ، عن ابن عمر فذكره.
وصرَّحَ هُشيم في رواية عبد الرزّاق (6270).
ورواه الحاكم (3/ 510 - 511) من هذا الطريق وصحَّحه.
• عن أبي سعيد الخدريّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من جاء إلى جنازة فمشي معها من أهلها حتّى يُصلَّى عليها فله قيراط، ومن انتظر حتّى تُدفن، أو يُفرغ منها فله قيراطان مثل أُحد".
حسن: رواه الإمام أحمد (11218) عن سليمان بن داود، حَدَّثَنَا وُهيب، عن عمرو بن يحيى الأنصاري.
وأبو سلمة، حَدَّثَنَا سليمان بن بلال، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلّام، عن أبي سعيد الخدريّ فذكره.
ومحمد بن يوسف بن عبد الله بن سلّام الإسرائيلي لم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبَّان في "ثقاته" ولذا قال فيه الحافظ:"مقبول" أي عند المتابعة، وقد تابعه عطية العوفيّ، عن أبي سعيد الخدريّ مرفوعًا:"من صلى على جنازة وشيَّعها كان له قيراطان، ومن صلى عليها، ولم يُشَيِّعها كان له قيراط، والقيراط مثل أحد" رواه الإمام أحمد (11152)، والبزّار "كشف الأستار"(824) كلاهما عن طريق فُضيل بن مرزوق، عن عطية، بإسناده مثله. وعطية العوفيّ، وصف بسوء حفظه، فإذا توبع عرفنا أنه لم يخطئ، وبهذا صَحَّ قول الهيثميّ في "المجمع" (3/ 29):"ورواه البزّار وأحمد وأبو يعلى وإسناده حسن".
وأمّا ما رُوي عن عبد الله بن عمر مرفوعًا: "من تبع جنازة حتّى يُصَلِّي عليها فإن له قيراطًا" فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القيراط، فقال:"مثل أحد" ففيه علة خفية.
رواه الإمام أحمد (4650) عن يحيى، عن إسماعيل، حَدَّثَنِي سالم أبو عبد الله، عن ابن عمر فذكره ورجاله ثقات إِلَّا أن الإسناد معلول، لأنه من المعروف أن ابن عمر كان ينكر على أبي هريرة حتّى سأل عائشة عنه فصدَّقته كما مضى وأقام شعبة هذا الإسناد فجعله من مسند أبي هريرة كما رواه الإمام أحمد (9904) عن محمد بن جعفر، عنه، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعت سالمًا البرَّاد أبا عبد الله قال: سمعت أبا هريرة قال: سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "من تبع جنازة فصلى عليها - أو قال: من صلى عليها -شك شعبة- فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط مثل أحد" وقد نبَّه على هذه العلة الخفية البخاريّ في "التاريخ الكبير"(2/ 274) بعد أن روى الحديث من مسند أبي هريرة من طريق عبد الملك بن عمير، ثمّ قال: وقال ابن أبي خالد (وهو إسماعيل كما في مسند الإمام أحمد) سمع سالمًا أبا عبد الله البراد، سمع ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مثله .. وهذا لا يصح، لأن الزهري قال: عن سالم، أن ابن عمر أنكر على أبي هريرة حتّى سأل عائشة، قال لنا المقري: حَدَّثَنَا حيوة، سمع أبا صخر، سمع يزيد بن قسيط، سمع داود بن عامر بن سعد، سمع
ابن عمر خبابًا صاحب المقصورة، وذكر عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مثله، فأنكر ابن عمر حتّى أرسل إلى عائشة فصدقت أبا هريرة. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند"(3/ 397) بعد أن أورد كلام البخاريّ: "وقد راج هذا السند على الحافظ الضياء، فأخرج هذا الحديث في المختارة" وهو معلول كما تري"، انتهى.
وأمّا كون ابن عمر بدأ يحدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يسمع منه، فإن كان مرسل الصحابي فهو مقبول، ولكن هذا يحتاج إلى معرفة التاريخ، ليكون إنكاره على أبي هريرة منسوخًا، والذي يغلب على الظن أن سالمًا أبا عبد الله البراد وهو إن كان ثقة قد غلط فيه فجعله مرة من مسند أبي هريرة، فأصاب لكثرة من تابعوه على ذلك، وأخرى من مسند ابن عمر فوهم لأنه لم يتابع على ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب.
ورُوي عن عبد الله بن مغفل مرفوعًا ولفظه: "من تبع جنازة حتّى يُصلى عليها فله قيراط، ومن انتظرها حتّى يفرغ منها فله قيراطان".
رواه النسائيّ (1941) عن محمد بن عبد الأعلى، قال: حَدَّثَنَا خالد، قال: حَدَّثَنَا أشعث، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل فذكره.
ورواه الإمام أحمد (20575) عن رَوح، عن أشعث بإسناده وفيه: من صلى على جنازة فله قيراط، فإن انتظرها حتّى يَفرغ منها فله قيراطان".
ورواه (16798) من وجه آخر عن مبارك، عن الحسن بإسناده باللفظ الأوّل.
والحسن هو ابن أبي الحسن البصري الإمام المعروف إِلَّا أنه كان كثير التدليس، ولم يُصرح بالتحديث، وإن كان الإمام أحمد يثبت سماعه من عبد الله بن مغفل، ولكن ذكر الذّهبيّ في السير (4/ 588) قاعدة عظيمة فيه وفي مثله فقال:"قال قائل: إنّما أعرض أهل الصَّحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن: عن فلان، وإن كان مما قد ثبت لُقيه فيه لفلان المعين، لأن الحسن معروف بالتدليس، يُدلس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك".
وأمّا مبارك وهو ابن فَضالة - بفتح الفاء فهو مدلِّس أيضًا، وقد ضعَّفه النسائيّ، وقال أبو داود:"كان شديد التدليس" غير أنه قد توبع في الإسناد الأوّل.
وأمّا ما رُوي عن عبد الله بن مسعود: "من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها، فإنه من السنة، ثمّ إن شاء فليتطوع، وإن شاء فليدع فهو منقطع، رواه ابن ماجة (1478) عن حُميد بن مسعدة، قال: حَدَّثَنَا حمّاد بن زيد، عن منصور، عن عبيد بن نسطاس، عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله فذكره.
وأبو عبيدة هو: ابن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، ومن هذا الوجه رواه أيضًا البيهقيّ (4/ 19 - 20) ولم يُضعِّفه.