الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقول الزهري: "لم يسمّه لي" أي لم يبيّن له شيخه مقدار الصّداق الذي سمّاه لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث دليل على أنّ أهل البيت تحرم عليهم الصدقة سواء كان بسبب العمل أو بسبب الفقر والمسكنة وغيرها من الأسباب الثمانية، وإليه ذهب جمهور أهل العلم منهم: مالك والشافعي وأحمد، وأجاز أبو حنيفة بحجّة أنّ الأجر بمقابل العمل.
وفهم بعض أهل العلم أنّ الحديث بمنع جعل العامل من أهل البيت، والصحيح أنّ الحديث لا يمنع من ذلك، وإنما يمنع من أخذ الأجرة من الزكاة، ولكن لو أُعطوا من غيرها جاز، وقد استعمل علي بن أبي طالب بعض بني العباس على ذلك.
وأمّا ما رُوي عن ابن عباس قال: بَعَثَ نَوْفَلُ بن الْحَارِثِ ابْنَيْهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمَا: انْطَلِقَا إِلَى عَمِّكُمَا لَعَلَّهُ يَسْتَعِينُ بِكُمَا عَلَى الصَّدقَاتِ لَعَلَّكُمَا تُصيانِ شَيْئًا فتزوجانِ فَلَقِيَا عَلِيًّا، فَقَالَ: أَيْنَ تَأُخُذَانِ؟ فَحَدَّثَاهُ بِحاجَتِهما، فَقَالَ لَهُمَا: ارْجِعَا فَرَجَعَا، فَلَمَّا أَمْسَيَا أَمَرَهُمَا أَنْ يَنْطَلِقا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا دَفَعَا إِلَى الْبَابِ اسْتَأُذَنا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ:"أَرْخِي عَلَيْكِ سجفَكِ أُدْخِلُ عَلَيَّ ابْنَيْ عَمِّي" فَحَدَّثَا نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بحاجَتِهما، فَقَالَ لَهُمَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا يَحِلُّ لَكُمَا أَهْلَ الْبَيْتِ منَ الصَّدَقَاتِ شَيْءٌ، وَلا غُسَالَةُ الأَيْدِيِ إِنَّ لَكُمْ فِي خُمْسِ الْخُمُسِ لِمَا يُغْنيِكُمْ أَوْ يَكْفِيكُمْ". فهو ضعيف جدًّا.
رواه الطبراني في "الكبير"(11/ 217) عن معاذ بن المثي، ثنا مسدد، ثنا معتمر قال: سمعت أبي يحدث عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وحنش -بفتح المهملة والنون- هو الحسين بن قيس الرحبيّ ضعيف جدًّا، ضعّفه جمهور أهل العلم. وأورده الهيثمي في "المجمع"(3/ 91) وعلّله به.
4 - باب قبول النبيّ صلى الله عليه وسلم الهدية، وردّ الصّدقة
• عن أبي هريرة، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِىَ بطِعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ قَال لأَصْحَابِهِ: "كُلُوا". وَلَمْ يَأْكُلْ وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَهُمْ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الهبة (2576) عن إبراهيم بن المنذر، حدّثنا معن، حدّثني إبراهيم بن طهمان، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه مسلم في الزكاة (1077) من وجه آخر عن محمد بن زياد، مختصرًا.
قوله: "إذا أُتي بطعام" أي من غير أهله سأل عنه كما في رواية الإمام أحمد (8014) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ دُعِتُ إِلَى كُراعٍ لأَجَبْتُ وَلَوْ
أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ".
صحيح: رواه البخاريّ في النكاح (5178) عن عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن عائشة، قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا.
صحيح: رواه البخاريّ في الهبة (2585) عن مسدّد، حدّثنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
• عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِشَيْءٍ سَأَلَ: "أَصَدَقَةٌ هِيَ أَمْ هَدِيَّةٌ؟ " فَإِنْ قَالُوا: صَدَقَةٌ، لَمْ يَأُكُلْ وَإِنْ قَالُوا: هَدِيَّةٌ، أَكَلَ.
حسن: رواه الترمذي (656)، والنسائيّ (2614) كلاهما من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.
قال الترمذي: حديث بهز بن حكيم حديث حسن غريب.
وقال: "جدّ بهز بن حكيم اسمه معاوية بن حيدة القشيريّ ". انتهى.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (20054) وفيه: " فإن قالوا: هدية بسط يده، وإن قالوا: صدقة، قال لأصحابه: "خذوا".
قلت: وإسناده حسن كما قال الترمذي؛ لأنّ بهزًا وأباه حكيمًا صدوقان.
• عن سلمان الفارسيّ، قال: كُنْتُ مِنْ أَبْنَاءِ أَسَاوِرَةِ فَارِسَ -فَذَكَرَ الْحَدِيثَ- قَالَ: فَانْطَلَقْتُ تَرْفَعُنِي أَرْضٌ وَتَخْفِضُنِي أُخْرَى حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَعْرَابِ فَاسْتَعْبَدُونِي فَبَاعُونِي حَتَّى اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ فَسَمِعُتُهمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْعَيْشُ عَزِيزًا فَقُلْتُ لَهَا: هَبِي لِي يَوْمًا فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ خَطَبًا فَبِعْتُهُ فَصَنَعْتُ طَعَامًا فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ:"مَا هَذَا؟ ". فَقُلْتُ: صَدَقَةٌ. فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: "كُلُوا". وَلَمْ يَأْكُلْ، قُلْتُ: هَذِهِ مِنْ عَلامَاتِهِ، ثُمَّ مَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ فَقُلْتُ: لِمَولاتِي هَبي لِي يَوْمًا. قَالَتْ: نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَنَعْتُ طَعَامًا فَأَتَيْتُهُ بِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ:"مَا هَذَا؟ ". قُلْتُ: هَدِيَّةٌ فَوَضَعَ يَدَهُ وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: "خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ". وَقُمْتُ خَلْفَهُ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فَإِذَا خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ ". فَحَدَّثْتُهُ عَن الرَّجُلِ وَقُلْتُ: أَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَنَّكَ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ: "لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّكَ نَبِيٌّ
أَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ".
حسن: رواه الإمام أحمد (23712)، والطبراني في الكبير (6/ 259) كلاهما من حديث إسرائيل، حدّثنا أبو إسحاق، عن أبي قرة الكنديّ، عن سلمان الفارسيّ، فذكره. وصحّحه ابن حبان (7124).
قلت: إسناده حسن، فإن أبا قرة الكندي الذي لا يعرف اسمه وثقه ابن حبان وذكره في ثقات التابعين، وكان معروفًا عند ابن سعد، فقال في طبقاته (6/ 148):"كان قاضيًا بالكوفة، واسمه فلان ابن سلمة، روى عن عمر بن الخطاب، وسلمان وحذيفة بن اليمان، وكان معروفًا قليل الحديث".
وذكره أيضًا أصحاب التراجم والسير، وأخرجه الحاكم (4/ 108) من طريقه مختصرًا، وقال:"صحيح الإسناد".
ثم هو لم ينفرد في سرد هذه القصة مختصرًا ومطوّلًا. فقد تابعه أبو الطفيل عند أحمد (23704)، والطبراني في الكبير (6071) ولكن في طريقه إليه شريك وهو ابن عبد الله النخعيّ سيء الحفظ.
وتابعه أيضًا أبو عثمان النهديّ عند الطبراني (6121)، وبريدة الأسلمي عنده أيضًا (6070) كلهم عن سلمان.
وهذه القصة رُويتْ من طرق أخرى حسنة.
منها: ما رواه أحمد (23737)، والبزار في مسنده (2499، 2500)، والطبراني في الكبير (6065)، وابن سعد في الطبقات (4/ 75 - 80) كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاريّ، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس، حدّثني سلمان الفارسيّ حديثه من فيه، فقال: فذكر القصة أطول مما هنا. وابن إسحاق مدلس إلّا أنه صرَّح بالتحديث.
وأمّا ما رُوي عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفيّ، قال: قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُمْ هَدِيَّةٌ فَقَالَ: "أَهَدِيَّة أَمْ صَدَقَة؟ " فَإِنْ كَانَتْ هَدِيَّةٌ فَإِنَّمَا يُبْتَغَي بِهَا وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَتْ صَدَقَةٌ فَإِنَّمَا يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ اللَّهِ عز وجل". قَالُوا: لا بَلْ هَدِيَّةٌ فَقَبِلَهَا مِنْهُمْ وَقَعَدَ مَعَهُمْ يُسَائِلُهُمْ وَيُسَائِلُونَهُ حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ مَعَ الْعَصْرِ. ففيه رجل مجهول.
رواه النسائيّ (3758) عن هناد بن السريّ، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن يحيى بن أبي هانى، عن أبي حذيفة، عن عبد الله بن معن بن بشير، عن عبد الرحمن بن علقمة، فذكره.
وأبو حذيفة غير منسوب شيخ ليحيى بن هانئ "مجهول".
ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن أبي شيبة (5/ 230)، والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 251)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 33) في ترجمة عبد الملك بن محمد بن بشر، وقال:"ولا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به".