الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي حدّثني عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك.
صحيح: رواه أبو داود (2337)، والترمذي (738)، وابن ماجه (1651) كلّهم من حديث عبد العزيز بن محمد بإسناده. واللفظ لأبي داود، ولم يذكر الترمذي وابن ماجه القصّة.
وصحّحه ابن حبان (3589، 3591). ورواه من وجه آخر عن العلاء مختصرًا.
وأخرجه الإمام أحمد (9707) من وجه آخر عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب بإسناده وفيه: "إذا كان النّصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان".
قال أبو داود: وكان عبد الرحمن لا يحدّث به، قلت لأحمد: لِمَ؟ قال: لأنه كان عنده أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان، وقال عن النبيّ صلى الله عليه وسلم خلافه.
قال أبو داود: "وليس هذا عندي خلافه، ولم يجي به غير العلاء عن أبيه".
وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حسن صحيح، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه على هذا اللفظ. ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطرًا، فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان، وقد رُوي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يُشبه قولهم حيث قال:"لا تقدموا شهر رمضان بصيام إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه أحدكم". وقد دلّ في هذا الحديث إنما الكراهية على من يتعمّد الصيام لحال رمضان" انتهي.
ولأهل العلم في الجمع بين حديث عائشة وحديث أبي هريرة مذاهب ذكرتُ بعضها في "المنة الكبري"(3/ 430).
وأما قول البيهقي (4/ 209): رواه أبو داود عن قتيبة، ثم قال أبو داود: وقال أحمد بن حنبل: "وهذا حديث منكر. قال: وكان عبد الرحمن لا يحدّث به". فلم أجد هذا الكلام في النسخة المطبوعة لأبي داود من رواية ابن داسة. كما لم أجده في كتاب مسائل أبي داود للإمام أحمد، فتنبّه.
وقد قال الحافظ ابن القيم في "تهذيب السنن"(3/ 223 - 224) أنّ هذا الحديث لا يعارض الحديث الآخر كما ظن عبد الرحمن بن مهدي، وكون العلاء لم يتابع عليه فهو ليس بعلة قادحة عند المحدثين.
بل هو حديث صحيح على شرط مسلم، فإن مسلمًا أخرج في صحيحه عدّة أحاديث عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. وتفرده به تفرّد ثقة بحديث مستقل، وله عدّة نظائر في الصحيح. وأطال الكلام في تصحيحه.
18 - باب فضل صيام ستة أيام من شوال إتباعًا لرمضان
• عن أبي أيوب الأنصاريّ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان وأتبعه
ستًا من شوال، كان كصيام الدَّهر".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1164) من طرق عن سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد، عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي الأنصاريّ، عن أبي أيوب الأنصاري، فذكره.
وسعد بن سعيد هو ابن قيس بن عمرو الأنصاريّ أخو يحيي بن سعيد الأنصاريّ ضعّفه أحمد والنسائي وغيرهما من أجل سوء حفظه، إلا أنه لم ينفرد بهذا الحديث بل تابعه صفوان بن سُليم. رواه أبو داود (2433)، وصححه ابن خزيمة (2114)، وابن حبان (3634) فروي بعضهم مقرونًا به.
وصفوان بن سليم هو المدني ثقة، ووثقه أبو حاتم وغيره، وهو يقوي حديث سعد بن سعيد، بل أولي منه.
وقال الترمذي (759) عقب تخريج الحديث: "قد تكلّم بعض أهل الحديث في سعد بن سعيد من قبل حفظه".
قلت: لقد زال هذا الضعف بمتابعة صفوان بن سُليم له، بل قال الطحاوي في مشكله (6/ 119 - 121):"فكان هذا الحديث مما لم يكن بالقوي في قلوبنا لما سعد بن سعيد عليه في الرواية عند أهل الحديث، ومن رغبتهم عنه حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا أخذه إياه عنه من أهل الجلالة في الرواية والثبت فيها، فذكرنا حديثه لذلك".
وساق أسانيد صفوان بن سُليم، وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وعبد ربه بن سعيد الأنصاريّ كلّهم عن عمر بن ثابت.
إلا أن عمر بن ثابت وهو ابن الحارث المازني الخزرجي الأنصاري المدني انفرد به، ولا يضرّ تفرده، فإنه من ثقات أهل المدينة ويعضده حديث ثوبان وغيره.
• عن ثوبان، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صيام رمضان بعشر أشهر، وصيام الستة أيام بشهرين، فذلك صيام السنة يعني رمضان وستة أيام بعده".
صحيح: رواه ابن ماجه (1715)، والإمام أحمد (22412)، وابن خزيمة (2115)، وابن حبان (3635)، والطحاوي في "مشكله"(2348)، والبيهقي (4/ 293) كلّهم من حديث يحيي بن الحارث الذماريّ، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، فذكره واللفظ لابن خزيمة.
ولفظ ابن ماجه: "من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها".
وإسناده صحيح، وأبو أسماء اسمه عمرو بن مرثد، وهو ثقة.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدّهر".
حسن: رواه البزار -كشف الأستار (1061) - عن محمد بن مسكين، ثنا عمرو، ثنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو وهو ابن أبي سلمة التّنيسيّ الدّمشقي من رجال الجماعة إلا أنه بهم قليلًا، ولعله لم يهم في هذا الحديث.
وقد رواه البزار (1060) بإسناد آخر وأعلّه.
ولذا قال الهيثمي في "المجمع"(3/ 183): "رواه البزار، وله طرق، رجال بعضها رجال الصحيح".
وفي الباب عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان، وستًا من شوال كان كصيام الدهر". رواه الإمام أحمد (14302)، والبزّار -كشف الأستار (1062)، والطحاوي في "مشكله"(2350)، والبيهقي (4/ 293)، وعبد بن حميد (1116) كلّهم من طريق عمرو بن جابر الحضرمّي أبي زرعة، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول (فذكر الحديث).
قال البزار: تفرد به عمرو.
وقال الهيثمي في "المجمع"(3/ 183) بعد أن عزاه لأحمد والبزار والطبراني في "الأوسط": "وفيه عمرو بن جابر وهو ضعيف".
وأمّا ما رواه الطبراني في "الأوسط"(7603) عن أبي هريرة مرفوعًا وفيه: "من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة، فكأنما صام السنة".
فقوله: "متتابعة" فيه نكارة.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 183 - 184): "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه".
وأخذ بهذه الأحاديث جمهور أهل العلم من المحدثين والفقهاء، فقالوا باستحباب صيام ست من شوال.
واختار البعض من أول الشهر، فإن صامها متفرقه قبل خروج شوال جاز.
وكره مالك أن يلحق برمضان، قال:"ولم يبلغني في ذلك عن أحد من السلف، وإنّ أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء، لو رأوا في ذلك رخصة عن أهل العلم، ورأوا يعملون ذلك" انتهي.
قال ابن عبد البر فيما نقله عنه ابن القيم في "تهذيب السنن": "لم يبلغ مالكًا حديث أبي أيوب على أنه حديث مدني، والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه، والذي كرهه مالك قد بيّنه وأوضحه خشية أن يضاف إلى فرض رمضان، وأن يسبق ذلك إلى العامة، وكان متحفظًا كثير الاحتياط للدّين، وأمّا صوم الستة الأيام على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان فإنّ مالكًا لا