الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآثار الصحيحة فيه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وعثمان بن عفّان، وعبد الله بن عمر وغيرهم رضي الله عنهم.
وقد سكت عليه أيضًا البيهقيّ، فالعمدة في اشتراط الحول حديث عليّ بن أبي طالب، ثمّ اتفاق الصّحابة على ذلك.
10 - باب إباحة المال من طرق الحلال
• عن عمرو بن العاص قال: بعث إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "خُذْ عليك ثيابك وسلاحك، ثمّ ائْتني". فأتيتُه وهو يتوضَّأ، فصعَّد في النّظر ثمّ طأطأه فقال:"إني أريد أن أبعثك على جيش فيُسَلِّمك الله ويُغْنِمك، وأزْعب لك من المال زعبة صالحة".
قال: فقلت: يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكني أسلمتُ رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو! نِعمًا بالمال الصَّالح للرجل الصالح".
صحيح: رواه الإمام أحمد (17763)، والطَّبرانيّ في "الأوسط"(3213)، وصحّحه ابن حبَّان (3210)، والحاكم (2/ 236) كلّهم من طريق موسي بن عُليّ، عن أبيه، قال: سمعت عمرو بن العاص يقول (فذكره). وإسناده صحيح، وصحّحه الحاكم.
وموسي بن عُليّ -بالتصغير- هو ابن رباح اللّخمي من رجال مسلم، وثَّقه ابن معين وأحمد والنسائي وابن سعد وجماعة.
قال ابن حبَّان: "سمع هذا الخبر عليّ بن رباح عن عمرو بن العاص، وسمعه من أبي القيس بدل عمرو، عن عمرو، والطريقان جميعًا محفوظان".
وقوله: "أزعب زُعبة". بالزَّاي والعين -بمعنى الدّفع، يقال: زعب له من ماله زُعبة- أي دفع له منه دُفعة، والزُّعْب قطعة من المال.
وفي بعض المصادر الحديثية: "أرغب رغبة"، ومعناه مستقيم أيضًا، فكأنَّ بعض الرّواة تصرَّفوا في اللّفظ المأثور، فأتوا بما يتوافق معناه.
11 - باب المال المستفاد لا زكاة فيه حتّى يحول عليه الحول
في الباب أحاديث، منها:
ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: "من استفاد مالًا فلا زكاة عليه حتّى يحول عليه الحول عند ربِّه".
رواه الترمذيّ (631) عن يحيى بن موسيّ، حَدَّثَنَا هارون بن صالح الطلحيّ المدنيّ، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، فذكره.
ورواه الدَّارقطنيّ (1888) من وجه آخر عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، بإسناده نحوه. ورواه أيضًا (1887) من وجه آخر عن بقة، عن إسماعيل، عن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا.
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف، ضعَّفه أحمد وابن المديني وغيرهما.
وقال البيهقيّ: "عبد الرحمن ضعيف لا يحتج به".
وبقية مدلِّس، وإسماعيل هو ابن عَيَّاش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذا منها. ولذا قال البيهقيّ (4/ 104):"رواه بقية، عن إسماعيل بن عَيَّاش، عن عبيد الله، فرفعه، وليس بصحيح".
قلت: الصواب فيه أنه موقوف على ابن عمر، رواه الترمذيّ (632) عن محمد بن بشار، حَدَّثَنَا عبد الوهّاب الثقفيّ، حَدَّثَنَا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره موقوفًا.
قال الترمذيّ: وهذا أصحّ من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال أبو عيسى: وروي أيُوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد عن نافع عن ابن عمر موقوفًا وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيفٌ في الحديث ضعَّفه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وغيرهما من أهل الحديث وهو كثير الغلط، وقد رُوي عن غير واحد من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن لا زكاة في المال المستفاد حتّى يحول عليه الحول، وبه يقول مالك بن أنس، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم: إذا كان عنده مالٌ تجب فيه الزّكاة ففيه الزّكاة وإن لم يكن عنده سوي المال المستفاد ما تجب فيه الزّكاة لم يجبْ عليه في المال المستفاد زكاة حتّى يحول عليه الحول، فإن استفاد مالًا قبل أن يحول عليه الحولُ فإنه يزكي المال المستفاد مع ماله الذي وجبتْ فيه الزّكاة، وبه يقول سفيان الثوري وأهل الكوفة" انتهى.
ومعنى المال المستفاد: هو المال الذي حصل للرجل في أثناء الحول من هبة أو ميراث أو مثله، ولا يكون من نتائج المال الأوّل. انظر "تحفة الأحوذيّ"(3/ 273).
وقال الحافظ البغويّ في "شرح السنة"(6/ 29): "وقد رُوي عن غير واحد من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن لا زكاة في المستفاد حتّى يحول عليه الحول، يروي ذلك عن أبي بكر، وعليّ، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وإبراهيم النخعيّ، وعمر بن عبد العزيز، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم: إن استفاد مالًا زكاتيًا، وعنده من جنسه نصاب يضم إليه المستفاد في الحول. فإذا تم حول ما عنده تجب الزّكاة في الكلّ. يُروي ذلك عن ابن عباس، وبه قال الحسن البصريّ، والزهريّ، وهو قول الثوري ومالك وأصحاب الرأي. أما إذا تم النّصاب بالمستفاد، فلا زكاة فيها حتّى يحول عليه الحول من يوم أفاد.
واتفقوا على النّتاج يُضمُّ إلى الأصل في الحول، وكذلك حول الرّبح يبتني على حول الأصل في زكاة التجارة، فإذا تمَّ حول الأصل فعليه أن يُزكَّيَ عن الكلّ.
وفي الحديث دليلٌ على أنَّ النصاب إذا انتقص في خلال الحول انقطع الحول، فإذا تمَّ بعد ذلك