الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشكو العيلة، والآخر يشكو قطع السبيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلّا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير، وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولنَّ له: ألم أوتك مالًا؟ فليقولنَّ: بلى. ثم ليقولن: ألم أرسل إليك رسولا؟ فليقولن: بلي. فينظر عن يمينه فلا يرى إلّا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلّا النار، فليتَّقينَّ أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1413) عن عبد الله بن محمد، حدّثنا أبو عاصم النّبيل، أخبرنا سعدان بن بشر، حدّثنا أبو مجاهد، حدّثنا محل بن خليفة الطاّئيّ، قال: سمعت عديّ بن حاتم، فذكر الحديث. ورواه مسلم في الزكاة (1016) من أوجه أخرى عن عدي بن حاتم مختصرا.
قوله: "بغير خفير" الخفير: المجير، من خفر الرجل أي أجاره.
و"العيلة": الفاقة والفقر.
19 - باب الحثّ على الصّدقة وإن قلّت، وقوله صلى الله عليه وسلم:"اتقوا النّار ولو بشقّ تمرة" ونحو ذلك
• عن عائشة، قالت: دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال:"من ابتلي من هذه البنات بشيءٍ كنَّ له سترًا من النار".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1418)، ومسلم في البرّ والصلة (2629) كلاهما من طريق عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: حدّثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
• عن أبي مسعود الأنصاريّ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى الشوق فتحامل فيصيب المد وإن بعضهم اليوم مائة ألفٍ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1416) عن سعيد بن يحيى، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، عن شقيق، عن أبي مسعود الأنصاريّ، فذكر الحديث. وروياه البخاريّ (1415) ومسلم (1018) من وجه آخر عن شعبة، عن سليمان (الأعمش)، عن أبي وائل (شقيق)، عن أبي مسعود في سياق أطول، وسيأتي في كتاب التفسير.
• عن عدي بن حاتم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1417)، ومسلم في الزكاة (1016) كلاهما من طريق أبي إسحاق، قال: سمعت عبد الله بن معقل، قال: سمعت عدي بن حاتم، فذكر الحديث.
وزادا من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم:"فمن لم يجد فبكلمة طيبة". رواه البخاريّ في الرقاق (1540)، ومسلم.
• عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشقّ تمرة".
حسن: رواه أحمد (25057) عن وكيع، والبزار -كشف الأستار (936) - عن محمد بن بشار، ومحمد بن خداش، قالا: ثنا أبو عاصم -كلاهما عن محمد بن سليم-، وهو رجل من أهل مكة (قاله البزار) - عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، فذكرته.
قال البزّار: لا نعلمه عن عائشة إلّا بهذا الإسناد، وقد حدّث به عن محمد بن سليم وكيع وأبو عاصم.
قلت: إسناده صحيح، ومحمد بن سليم هو أبو عثمان المكي، رُوي عن ابن أبي مليكة، روي عنه وكيع وأبو عاصم النبيل وغيرهما، وهو ثقة وثقه ابن معين وابن حبان، وقال أبو حاتم: صالح، وهو لا ينزل عن درجة "صدوق"، وقد قال فيه الحافظ:"ثقة".
وقد وهم الحافظ الهيثميّ في "المجمع"(3/ 105) فظن أنه محمد بن سليم أبو هلال الراسبي، فأعلّه به مع أنه بصريّ، والذي عندنا هو مكي كما قال البزار، ثم إن الهيثمي لم يعزه إلا إلى أحمد مع أنه أورده في كشف الأستار، ونقل فيه كلام البزّار بأنه مكي، فتنبّه.
وأمّا ما رُوي عنها: "يا عائشة! اشتري من النار ولو بشقّ تمرة، فإنها تسدّ من الجائع مسدّها من الشبعان" فإنه منقطع.
رواه الإمام أحمد (24501) عن محمد بن عبد الله، حدّثنا كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله، عن عائشة، فذكرته.
والمطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب المخزومي عامة أحاديثه مراسيل، اختلف في إدراكهـ عائشة، فالأكثر على أنه لم يسمع منها إلّا ما قاله أبو زرعة: أرجو أن يكون سمع من عائشة". وقال أبو حاتم: "لم يدرك عائشة، ويشبه أن يكون أدرك جابرًا". انظر للمزيد "تحفة التحصيل" للعراقي.
وكثير بن زيد هو الأسلميّ أبو محمد المدني، مختلف فيه إلّا أنه حسن الحديث.
ولم يشر الهيثميّ إلى إسناد هذا الحديث، وإنما ضم الحديثين في حديث، وتكلم على الرواية الأولى فقط.
• عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النّار ولو بشقّ تمرة".
حسن: رواه البزّار -كشف الأستار (934) -، عن محمد بن بشار، ثنا محمد بن الفضل، ثنا حماد بن سلمة، عن حُميد، عن أنس، فذكره.
وعزاه الهيثميّ في "المجمع"(3/ 106) إلى البزار، والطبراني في "الأوسط" وقال: "رجال
البزار رجال الصحيح".
قلت: وهو كما قال إلّا أن في الإسناد محمد بن الفضل السدوسي أبو النعمان المعروف بعارم وثقه جماهير أهل العلم إلّا أنه تغير في آخر عمره كما قال البخاريّ.
وقال أبو حاتم: "اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح".
قلت: ولم يذكر أحدٌ أن محمد بن بشار ممن سمع منه بعد الاختلاط.
ورواه ابن خزيمة في صحيحه (2430) من وجه آخر عن أنس بن مالك، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"افتدوا من النار ولو بشقّ تمرة". وفيه سنان بن سعد الكنديّ، ويقال: سعد بن سنان الكنديّ ضعيف.
وفي الباب ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: "اتقوا النّار ولو بشقّ تمرة". رواه البزّار -كشف الأستار (937) - عن أحمد بن عبدة، أبنا عثمان بن عبد الرحمن، قال: محمد بن زياد، عن أبي هريرة، فذكره.
قال البزّار: "قد رُوي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه، وهذا الإسناد عن أبي هريرة أحسن إسناد يروى في ذلك وأصحه.
قلت: إنّ كان هذا أصحّه فغيره أضعف منه، مع أن فيه عثمان بن عبد الرحمن وهو الجمحيّ، قال البخاريّ:"مجهول". وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يحتج بها. وقال: ابن عدي: "منكر الحديث". وساق في ترجمته عدّة أحاديث منكرة وقال: وهذه الأحاديث لعثمان التي ذكرتها عامتها لا يوافقه عليها الثقات، وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه مناكير إمّا سندًا وإما متنًا".
قلت: حديثه هذا ليس فيه نكارة، ولم يذكره ابن عدي في جملة الأحاديث التي أُنكرت عليه، وقال الذهبي في "الميزان":"رُوي عنه علي بن المديني ونصر بن علي وجماعة، وعاش بعد الثمانين ومائة صويلح".
وفهم الهيثميّ من كلام البزّار أنه حسّن حديثه. "المجمع"(3/ 106) فالله أعلم بالصّواب.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليتّق أحدُكم وجهه النار، ولو بشقِّ تمرة".
رواه الإمام أحمد (3679) عن عمار بن محمد، عن إبراهيم، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، فذكره.
وإبراهيم هو مسلم العبدي أبو إسحاق الهجري ضعّفه جمهور أهل العلم منهم: ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وأبو أحمد الحاكم، وغيرهم. وهو من رجال ابن ماجه.
ووهم الحافظ الهيثمي في "المجمع"(3/ 105) فقال بعد أن عزاه لأحمد: "رجاله رجال الصحيح". وهو ليس كذلك.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن النعمان بن بشير، رواه البزّار -كشف الأستار (935) -، وفيه أيوب