الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وهو كما قال، وإسناده حسن من أجل الكلام في هشام بن سعد المدني وهو إن كان من رجال مسلم فقد تكلّم فيه ابن معين والنسائي وغيرهما، ومشّاه الآخرون وهو حسن الحديث.
قال البيهقي رحمه الله: "إنّ قوله صلى الله عليه وسلم: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غني". وقوله حين سئل عن أفضل الصدقة: "جهد من مقل" إنما يختلف باختلاف أحوال الناس في الصبر على الشّدة والفاقة، والاكتفاء بأقل الكفاية". ثم روى حديث الباب من طريق أبي داود.
24 - باب إذا تصدّق وهو محتاج إليه بردّ عليه
• عن أبي سعيد، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَالَ:"صَلِّ رَكْعَتَيْنِ" ثُمَّ جَاءَ الْجُمُعَةَ الثَّانِيَةَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَالَ:"صَلِّ رَكْعَتَيْنِ". ثُمَّ جَاءَ الْجُمُعَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:"صَلِّ رَكْعَتَيْنِ" ثُمَّ قَالَ: "تَصَدَّقُوا". فَتَصَدَّقُوا، فَأَعْطَاهُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ:"تَصَدَّقُوا" فَطَرَحَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَمْ تَرَوْا إِلَى هَذَا، أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَرَجَوْتُ أَنْ تَفْطِنُوا لَهُ، فَتَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَلَمْ تَفْعَلُوا، فَقُلْتُ: تَصَدَّقُوا، فَتَصَدَّقْتُمْ فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ: تَصَدَّقُوا، فَطَرَحَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، خُذْ ثَوْبَكَ" وَانْتَهَرَهُ! .
حسن: رواه النسائي (2536) عن عمرو بن علي، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا ابن عجلان، عن عياض (وهو ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح)، عن أبي سعيد، فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن عجلان -وهو محمد بن عجلان- فإنه حسن الحديث. ومن طريقه رواه أصحاب السنن مختصرًا ومطولًا، كما سبق في كتاب الجمعة.
وصححه ابن خزيمة (1799)، وابن حبان (2503) وهو في مسند الإمام أحمد (11197) كلّهم من هذا الوجه.
25 - باب ما جاء في فضل إخفاء الصّدقة
قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271].
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1423)، عن مسدّد، عن يحيى القطّان، عن عبيد الله، قال: حدّثني خُبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
ورواه مسلم في الزكاة (1031) عن زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى جميعًا عن يحيى القطّان، به، مثله إلّا أنه قال:"وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ".
واختلف أهل العلم على تعيين الواهم في هذا الحديث، فقيل: هو من دون مسلم، وقيل: من مسلم نفسه، وقيل: من شيخه زهير، وقيل: من شيخ شيخه يحيى القطان.
وذهب الحافظ إلى نفي الخطأ عن يحيى القطان بناء على أنه رواه عنه على الصّواب جماعة، كما في روايات البخاري وأحمد وغيرهما.
فالظاهر أنّ الخطأ يعود إلى زهير؛ لأن مسلما يشعر بأنه ساقه بلفظه، والله أعلم. وانظر للمزيد: فتح الباري (2/ 146).
ورواه مالك في الشّعر (14) عن خبيب بن عبد الرحمن الأنصاري، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد الخدريّ أو عن أبي هريرة، فذكره بمثل حديث البخاري.
ومن طريق مالك رواه مسلم، وقال: بمثل حديث عبد الله، ولم يذكر لفظه.
قلت: هكذا رواه مالك عن أبي سعد أو أبي هريرة على الشك.
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(2/ 280): "وروى هذا الحديث عن مالك كل من نقل الموطأ عنه فيما علمت على الشك في أبي هريرة وأبي سعيد إلّا مصعبًا الزّبيري وأين قرّة موسي بن طارق فإنهما قالا فيه: عن مالك، عن خبيب، عن حفص، عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعًا، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم
…
ورواه الوقار عن ثلاثة من أصحاب مالك، عن مالك، عن خبيب، عن حفص، عن أبي سعيد الخدريّ وحده لم يذكر أبا هريرة على الجمع ولا على الشّك
…
والحديث محفوظ لأبي هريرة بلا شك من رواية خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، ومن غير هذا الإسناد أيضًا. والذي رواه عن خيب، عن حفص، عن أبي هريرة من غير شك عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو أحد أئمة الحديث الأثبات في الحفظ والنّقل".
• وعن أبي ذرّ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ثَلاثةٌ يُحِبُّهُمُ الله، وَثَلاثَةٌ يبغضهم الله؛ فَأَمَّا الَّذين يُحِبُّهُمُ الله: فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللهِ، وَلَمْ يَسْأَلْهُم بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُم، فَمَنَعُوهُ فتخلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ، فَأَعْطَاهُ سِرًّا لا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلا اللهُ، وَالَّذِى أَعْطَاهُ، وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إذَا كَانَ النَّومُ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مما يَعْدِل بِهِ، وَنَزَلُوا فَوَضَعُوا رُؤُوسَهُمْ فَقَامَ أَحَدُهُمْ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي، وَرَجُلٌ كَانَ في سَريَّةٍ فَلَقُيَ الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يقْتَلَ أوْ يُفتَحَ لَهُ. والثَّلاثَةُ يُبْغِضُهُمْ الله: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، والغنيُّ الظَّلُومُ".