الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخلاصة القول: حديث حفصة صحيح مرفوعًا وموقوفًا.
والموقوف هو الأصح، والمرفوع دونه في الصحة. وفيه زيادة علم وهي مقبولة عند جمهور العلماء. ويقوي هذه الزيادة بأن هذا الحكم لا يصدر إلا عن الشارع لما يترتب عليه الوجوب وعدمه، وهي قرينة قوية لرفع الحديث، وإن كان رجاله دون رجال الوقف.
وله شاهد ضعيف عن عائشة رواه الدارقطني (2/ 171 - 172)، والبيهقي (4/ 203) ولكن فيه عبد الله بن عباد البصريّ ثم المصريّ ضعيف جدًّا.
ومع ذلك قال الدارقطني: "تفرّد به عبد الله بن عباد، عن المفضل بهذا الإسناد وكلّهم ثقات".
ونقله عنه البيهقي وأقرّه. وفيه نظر لما قال ابن حبان في المجروحين (574) في ترجمة عبد الله بن عباد البصري أنه شيخ سكن مصر يقلب الأخبار، روي عن المفضل بن فضالة، عن يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث.
وقال: "وهذا مقلوب، إنما هو عند يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة. فيما يشبه هذا، روى عنه روح بن الفرج أبو الزنباع نسخة موضوعة" انتهى.
فلا يستشهد بهذا الشاهد.
وله شاهد آخر عن ميمونة بنت سعد، تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أجمع الصوم من الليل فليصم، ومن أصبح ولم يُجمعه فلا يصم".
رواه الدارقطني (1/ 173) وفيه الواقدي وهو متهم.
فقه الحديث:
ظاهر حديث الباب يفيد بأن من لم ينو الصيام من الليل فلا صيام له، وبه قال أحمد ومالك والشافعي؛ لأنّ الصوم عبادة يفتقر إلى النية كالصلاة وبقية العبادات.
هذا في صيام رمضان أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذر، وتجزئه نية واحدة لجميع شهر رمضان عند الإمام أحمد. وأمّا صيام التطوع فمباح له أن ينويه بعد ما يصبح. انظر للمزيد:"المنة الكبري"(3/ 278).
19 - باب الترغيب في السّحور
• عن أنس بن مالك، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "تسحَّروا، فإن في السَّحور بركة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصوم (1923) من طريق شعبة، ومسلم في الصيام (1095) من طريق ابن عليّة -كلاهما عن عبد العزيز بن صُهيب، عن أنس، به.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله: "تسحروا، فإن في السحور بركة".
حسن: رواه الإمام أحمد (8898) عن عبد الرزاق وهو في مصنفه (7601) قال: أخبرنا
سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن أبي هريرة، فذكره.
وابن أبي ليلي ضعيف لسوء حفظه، ومن طريقه رواه النسائي (2150) عن يحيى بن آدم، عن سفيان، بإسناده مثله.
ولكنه لم ينفرد به بل تابعه عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح.
ومن طريقه رواه النسائّي (2147) ولكن اختلف على عبد الملك بن أبي سليمان، فرواه عنه منصور بن أبي الأسود عنه مرفوعًا كما مضى. ورواه يزيد عنه موقوفًا على أبي هريرة.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا النسائيّ (2148) وأشار إلى رفع ابن أبي ليلى، وزيادة الثقة مقبولة عند المحدثين.
وله إسناد آخر يقوي الرفع وهو ما رواه النسائيّ (2151) من طريق محمد بن فضيل، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكر مثله.
ولكن قال النسائيّ: "يحيي بن سعيد هذا إسناده حسن، وهو منكر، وأخاف أن يكون الغلط من محمد ابن فضيل" انتهي.
قلت: لا وجه للحكم بالنكارة بعد تحسين إسناده، فإن محمد بن فضيل وهو ابن غزوان ثقة، وثقه كبار الأئمة مثل ابن معين، وابن المديني، والدارقطني، وابن سعد، وغيرهم. وروى له الشيخان.
وما سبق يقوي على رفعه، ولم يأت في حديثه ما بنكر عليه، فالله أعلم ما قصد به النّسائيّ من قوله هذا.
• عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"تسحّروا فإنّ في السحور بركة".
حسن: رواه النسائي (2144) عن محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله، فذكره.
ومن هذا الطريق رواه أيضّا ابن خزيمة (1936) وقال: ثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزار، ثنا أحمد بن يونس، نا أبو بكر بن عياش، بهذا الإسناد مثله سواء مرفوعًا. وفيه ردّ لمن رواه موقوفًا.
وهو عبيدالله بن سعيد، عن عبد الرحمن بن مهدي، بإسناده.
وعنه رواه النسائي (2145) ولم يرجع النسائي أحدهما على الآخر.
ومن رفعه عنده زيادة في العلم وهي مقبولة.
وأبو بكر بن عياش ثقة فاضل إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وعبد الرحمن بن مهدي روى عنه بوجهين مرفوعًا وموقوفًا. وقد تابعه على رفعه أحمد بن يونس، وله ما يشهد كما مضى.
• عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يتسحّر
فقال: "إنّها بركة أعطاكم الله إياها فلا تَدَعُوه".
صحيح: رواه النسائيّ (2162) عن إسحاق بن منصور، قال: أنبأنا عبد الرحمن، قال: حدّثنا شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي، قال: سمعت عبد الله بن الحارث يحدّث عن رجل، فذكره.
ورواه الإمام أحمد من وجهين آخرين - عن محمد بن جعفر (23113)، وعن روح (23142) كلاهما عن شعبة، بإسناده، مثله.
وإسناده صحيح، وعبد الرحمن هو ابن المهدي. وعبد الله بن الحارث هو الأنصاري البصري أبو الوليد نسيب بن سيرين من رجال الشيخين.
• عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على المتسحّرين".
حسن: رواه ابن حبان (3467) عن أحمد بن الحسن بن أبي الصغير، حدّثنا إبراهيم بن منقذ، حدّثنا إدريس بن يحيي، عن عبد الله بن عياش بن عباس، عن عبد الله بن سليمان الطويل، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل رجال لا يرتقون إلى درجة الثقة منهم إدريس بن يحيى وهو الخولاني المصريّ، وشيخه عبد الله بن عياش بن عباس، وشيخه عبد الله بن سليمان الطويل. انظر: للمزيد "الإيمان بالملائكة".
• عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسحروا ولو بجرعة من ماء".
حسن: رواه ابن حبان في "صحيحه"(3476) عن أحمد بن يحيي بن زهير بتُستر، قال: حدّثنا إبراهيم بن راشد الآدميّ، قال: حدّثنا محمد بن بلال، قال: حدثنا عمران القطان، عن قتادة، عن عقبة بن وسّاج، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.
وإسناده حسن من أجل إبراهيم بن راشد، وعمران القطان فهما حسنا الحديث.
• عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السحور أكله بركة، فلا تدَعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإنّ الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحّرين".
حسن: رواه الإمام أحمد (11086) عن إسماعيل (هو ابن علية)، عن هشام الدّستوائيّ، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي رفاعة، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكره.
وأبو رفاعة هذا يقال له أيضًا أبو مطيع، واسمه رفاعة بن عوف ذكره البخاري في الكني (9/ 31)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 371) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
ولم يذكره ابن حبان في "ثقاته" مع أنه على شرطه.
وقال الحافظ في "التقريب": "مقبول" وهو كذلك؛ لأنه توبع، تابعه عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكر مثله.