الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وتمسّك به".
قلت: ولكن أكثر الروايات أنها في أوتارها في العشر الأواخر، ثم اختلفت الروايات في تعيين أوتارها كما ترى.
فالحاصل أنها في العشر الأواخر في أوتارها بدون تعيين، فقد يكون حصلت في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم في ليلة من ليالي الوتر في العشر الأواخر، فلا يلزم منه أن تستمر في هذه الليلة إلى يوم القيامة.
• عن بلال مؤذن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنّها في السّبع في العشر الأواخر".
صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (4470) عن أصبغ، قال: أخبرني ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، عن ابن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن الصنابحيّ، أنه قال له: متي هاجرت؟ قال: خرجنا من اليمن مهاجرين، فقدمنا الجحفة، فأقبل راكب، فقلت له: الخبر؟ فقال: دفنا النبيّ صلى الله عليه وسلم منذ خمس. فقلت: هل سمعت في ليلة القدر شيئًا؟ قال: نعم، أخبرني بلال، فذكره.
وقد رُوي عن بلال أنها ليلة أربع وعشرين، وأنها ليلة ثلاث وعشرين، وكلاهما لا يصح. والصّواب عنه أنها ليلة السبع في العشر الأواخر بدون تعيين.
• عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر، فإن غلبتم فلا تُغلبوا على السبع البواقي".
حسن: رواه عبد الله بن أحمد (1111)، قال: حدثني سويد بن سعيد، أخبرني عبد الحميد بن الحسن الهلالي، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يَريم، عن علي فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الحميد بن الحسن الهلالي فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخطئ، وهذا مما لم يخطئ فيه إن شاء الله تعالى من أجل أصول ثابتة، وقد قال أبو حاتم:"شيخ"، ووثّقه ابن معين في رواية.
وفي الباب ما رُوي عن أبي عقْرب، قال: غدوتُ إلى ابن مسعود ذات غداة في رمضان، فوجدته فوق بيته جالسًا، فسمعنا صوته وهو يقول: صدق الله، وبلَّغ رسولُه. فقلنا: سمعناك تقول: صدق الله، وبلَّغ رسوله. فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ ليلة القدر في النصف من السبع الأواخر من رمضان، تطلع الشمس غداتئذ صافية، ليس لها شعاع".
فنظرتُ إليها فوجدتُها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه أحمد (3857) عن أبي النضر، حدثنا أبو معاوية -يعني شيبان-، عن أبي اليعفور، عن أبي الصلت، عن أبي عقرب، فذكره. وأبو الصلت وشيخه أبو عقرب مجهولان.
12 - باب من قال ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان
• عن زرّ بن حُبيش قال: سألت أبيَّ بن كعب رضي الله عنه، فقلت: إنَّ أخاك ابن
مسعود يقول: من يَقُم الحوْلَ يُصِبْ ليلة القدر. فقال: رحمه الله، أراد أن لا يتكل الناس. أما إنّه قد علم أنها في رمضان، وأنّها في العشر الأواخر. وأنّها ليلة سبع وعشرين. ثم حلف لا يستثني أنّها ليلةُ سبعٍ وعشرين. فقلتُ: بأيّ شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاعَ لها.
صحيح: رواه مسلم في الصيام (762: 220) من طريق سفيان بن عيينة، عن عبدة (هو ابن أبي لبابة)، وعاصم بن أبي النجود، سمعا زر بن حبيش يقول (فذكره).
• عن أبي هريرة، قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أيُّكم يذكرُ حين طلع القمرُ، وهو مثلُ شِقِّ جفنة".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1170) من طريق مروان الفزاريّ، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكره.
وقوله: "شقّ جفنة" الشق: هو النصف، والجفنة: القصعة.
قال القاضي عياض: "فيه إشارة إلى أنها تكون في أواخر الشهر؛ لأنّ القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر".
وقال أبو الحسن الفارسيّ: وهي ليلة سبع وعشرين، فإنّ القمر فيها بتلك الصفة. ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 264).
• عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر:"إنّها ليلة سابعة، أو ليلة تاسعة وعشرين، وإنّ الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى".
حسن: رواه أحمد (10734)، وأبو داود الطيالسي (2668)، والبزار -كشف الأستار (1030) -، والطبراني في الأوسط (2522)، وابن خزيمة (2194) كلّهم من طرق، عن عمران بن داور القطان، عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل الكلام في عمران بن داوَر القطان فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث ما لم يخالف أو يأتي في حديثه ما ينكر عليه.
وحديثه هذا ليس فيه ما ينكر عليه إلّا قوله: "إن الملائكة في تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى" فإنه لم يتابع على هذا.
إلا أنه يشهد له في الجملة قوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [سورة القدر].
• عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"نظرتُ إلى القمر صبيحة ليلة القدر، فرأيته كأنه فِلْق جَفْنة".
صحيح: رواه أحمد (23129) عن محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، أنه سمع
أبا حذيفة يحدّث عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكره.
قال أبو إسحاق: إنما يكون القمر كذلك صبيحة ليلة ثلاث وعشرين.
ورواه أحمد (793)، وأبو يعلى (525) كلاهما من حديث حُديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي حذيفة، عن علي، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله. إلا أن أبا يعلي قال فيه:"كأنه شق جفنة".
وهذا إسناد ضعيف من أجل حُديج بن معاوية فإنه سيء الحفظ؛ ولعلّ هذا من وهمه أن يروي عن أبي إسحاق، وجعل الحديث من مسند علي، وقد روي شعبة وغيره عن أبي إسحاق وجعل الصحابي غير مسمى. ورواية شعبة أشبه بالصواب.
وقد يكون الوهم من أبي إسحاق نفسه فإن شعبة روى عنه قبل الاختلاط، ولعل حديج بن معاوية روى عنه بعد الاختلاط. وقد سئل الدارقطني عن حديث شعبة فقال:"هو المحفوظ".
انظر: العلل (5/ 186). وأبو حذيفة اسمه سلمة بن صهيب.
وأما قول أبي إسحاق: إنما يكون القمر كذلك صبيحة ليلة ثلاث وعشرين، فقد سبق القول لأبي الحسن الفارسي بأنها ليلة سبع وعشرين.
• عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر، قال:"ليلة القدر، ليلة سبع وعشرين".
صحيح: رواه أبو داود (1386) عن عبيد الله بن معاذ، ثنا أبي، أخبرنا شعبة، عن قتادة، أنه سمع مطرفًا، عن معاوية بن أبي سفيان، فذكره.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي (4/ 302)، وصحّحه ابن حبان (3680). وإسناده صحيح.
• عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان متحريها، فليتحرها ليلة سبع وعشرين". وقال: "تحروها ليلة سبع وعشرين" يعني ليلة القدر.
صحيح: رواه الإمام أحمد (4808) عن يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، فذكره. وإسناده صحيح. ورواه أبو داود الطيالسي (2000) عن شعبة نحوه.
ورواه مالك، ومن طريقه مسلم (1165: 206) عن عبد الله بن دينار، ولفظه:"تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر" كما سيأتي.
ويبدو هذا هو الصحيح، كما رواه أحمد (6474)، قال عبد الله: قرأت على أبي هذا الحديث، وسمعته سماعًا، قال: حدّثنا الأسود بن عامر، حدثنا شعبة، قال: عبد الله بن دينار، أخبرني قال: سمعت ابن عمر يحدث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر قال: "من كان متحريها، فليتحرّها في ليلة سبع وعشرين".
قال شعبة: وذكر لي رجل ثقة عن سفيان أنه كان يقول: إنما قال: "من كان متحريها فليتحرها
في السبع البواقي". قال شعبة: فلا أدري ذا أو ذا؟ شعبة شك.
قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: الرجل الثقة: يحيى بن سعيد القطان.
• عن ابن عباس، أنّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، إنّ أبي شيخ كبير عليل يشقّ عليه القيام، فأْمرني بليلة لعلّ الله يوفقني فيها ليلة القدر. قال:"عليك بالسابعة".
صحيح: رواه أحمد (2149) عن معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن عبد الله بن عباس، فذكره.
ومن طريقه رواه الطبراني في الكبير (11/ 311)، والبيهقي (4/ 313). وإسناده صحيح.
قال الهيثمي في "المجمع"(3/ 176): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح"، ولم يعزه إلى الطبراني وهو رواه من طريق أحمد.
وقوله: "عليك بالسّابعة". أي بعد مضي سبع بعد العشرين.
• عن عبد الله بن عباس، قال: كان عمر يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا. قال: فدعاهم، فسألهم عن ليلة القدر، فقال: أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في العشر الأواخر". أي ليلة ترونها؟ فقال بعضهم: ليلة إحدى، وقال بعضهم: ليلة ثلاث، وقال آخر: خمس، وأنا ساكت. قال: فقال: ما لك لا تتكلّم؟ قال: قلت: إن أذنت لي يا أمير المؤمنين! تكلّمت؟ قال: فقال: ما أرسلتُ إليك إلا لتتكلّم. قال: فقلت: أحدّثكم برأيي؟ قال: عن ذلك نسألك. قال: فقلت: السبع. رأيتُ الله عز وجل ذكر سبع سماوات، ومن الأرض سبعًا، وخلق الإنسان من سبع، ونبت الأرض سبع. قال: فقال: هذا أخبرتني ما أعلم، أرأيت مالا أعلم ما هو قولك: نبت الأرض من سبع؟ قال: فقلت: إن الله يقول: {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [سورة عبس: 26 - 31]. والأب: نبت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس. قال: فقال عمر: أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه بعد، إني والله! ما أرى القول إلا كما قلت. وقال: قد كنتُ أمرتُك أن لا تكلم حتى يتكلموا، وإني آمرك أن تتكلم معهم.
حسن: رواه الإمام أحمد (85)، والبزار (210)، وأبو يعلى (165)، وصححه ابن خزيمة (2172)، والحاكم (1/ 437 - 438) كلهم من حديث عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره. والسياق لابن خزيمة.