الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - كتاب الزكاة
جموع الأبواب في وجوب الزكاة والترغيب في أدائها والترهيب من منعها
1 - باب فرض الزّكاة
قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البقرة: 43].
• عن ابن عباس، عن معاذ بن جبل، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعُهم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله. فإنْ هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم خمس صلوات في كلّ يوم وليلة. فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمْهم أنّ الله افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردُّ في فقرائهم. فإن هم أطاعوا لذلك، فإيّاكَ وكرائمَ أموالهم. واتّقِ دعوةَ المظلوم فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب".
متفق عليه: رواه البخاريُّ في الزّكاة (1458)، ، ومسلم في الإيمان (19) كلاهما من طريق يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس، فذكر الحديث. واللّفظ لمسلم.
قوله: "كرائم أموالهم" الكرائم: جمع كريمة، وهي الجامعة للكمال الممكن في حقّها، من غزارة لبن، وجمال صورة، أو كثرة لحم أو صوف.
• عن أبي أيوب أنّ أعرابيًّا عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفر، فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، ثم قال: يا رسول الله! أو يا محمد! أخبرني بما يقرّبني من الجنّة وما يباعدني من النّار. قال: فكفَّ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم نظر في أصحابه، ثم قال:"لقد وفِّقَ أو هُدي". قال: "كيف قلتَ؟ ". قال: فأعاد. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصل الرّحم. دعِ النّاقة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1396)، ومسلم في الإيمان (13) كلاهما من طريق عمرو بن عثمان، حدثنا موسى به نحة، قال: حدّثني أبو أيوب، فذكره.
واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه إلّا أنه قال في إسناده: عن ابن عثمان بن عبد الله بن موهب.
• عن أبي هريرة، أنّ أعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ، دلّني على عمل إذا عملتُه دخلتُ الجنّة. قال:"تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصّلاة المكتوبة، وتؤدّي الزّكاة المفروضة، وتصوم رمضان". قال: والذي نفسي بيده! لا أزيد على هذا شيئًا أبدًا، ولا أنقص منه. فلمّا ولّى قال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1397)، ومسلم في الإيمان (14) كلاهما من طريق عفّان بن مسلم، حدّثنا وُهيب، عن يحيى بن سعيد بن حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، فذكر الحديث، واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه.
• عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله". قال: والله! لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاه حق المال، والله! تو متعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.
فقال عمر: فوالله! ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الاعتصام بالكتاب والسنة (7284)، ومسلم في الإيمان (20: 32) كلاهما عن قتية بن سعيد، حدّثنا ليث، عن عقيل، عن الزّهريّ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، فذكره.
قال البخاريّ عقبه: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَعبد الله عن اللَّيْثِ "عَنَاقًا" وَهُوَ أَصَحُّ.
قلت: ابن بكير هو يحيى بن عبد الله بن بكير، ورواية عن اللّيث، في استتابة المرتدين (6924). وعبد الله هو أبو صالح المصريّ كاتب اللّيث.
وقول البخاريّ: "وهو أصحّ" يعني من رواية "عِقَالًا".
والعَناق: بفتح العين والنون جميعًا هي الأنثى من ولد المعز لم تبلغ سنة.
• عن أبي جمرة قال كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر فقال: إن وفد عبد القيس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم: "من الوفد أو من القوم؟ ". قالوا: ربيعة، قال:"مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا الندامى". قال: فقالوا: يا رسول الله! إنا نأتيك من شقة بعيدة، وإن بيننا وبين هذا الحي من كفار مضر وإنَّا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام فمرنا بأمرٍ فصل نخبر به من وراءنا ندخل به الجنة. قال: فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع. قال: أمرهم بالإيمان بالله وحده، وقال:"هل تدرون ما الإيمان بالله؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمسًا من المغنم، ونهاهم عن الدباء، والحنتم والمزفَّت".
قال شعبة: وربما قال: النَّقير. قال شعبة: وما قال: المُقَيَّرِ. وقال: "احفظوه وأخبروا به من ورائكم".
وقال أبو بكر في روايته: "من وراءكم". وليس في روايته: المقيَّر.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1398)، وفي المغازي (4368)، ومسلم في الإيمان (17: 24) كلاهما من طريق أبي جمرة، به، فذكره. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه.
وفي رواية عند البخاريّ: عن أبي جمرة، قلت لابن عباس رضي الله عنهما: "إنّ لي جرّة يتبذ لي نبيذ فأشربه حلوًا في جرٍّ، إن أكثرتُ منه فجالست القوم فأطلتُ الجلوس خشيتُ أن أفتضح؟ فقال: قدم وفد عبد القيس (فذكره).
• عن أنس قال: كنا نتمنّى أن يأتي الأعرابيُّ العاقل فيسأل النّبيَّ صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فبينا نحن كذلك إذ أتاه أعرابيٌّ فجثا بين يدي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال (فذكر الحديث) وجاء فيه: إنّ رسولك زعم لنا أنّك تزعم أن علينا في أموالنا الزّكاة؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "صدق". فقال الأعرابيّ: والذي بعثك بالحقّ! لا أدع منهن شيئًا، ولا أجاوزهنّ، ثم وثب. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:"إنْ صدق الأعرابيُّ دخل الجنّة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (63)، ومسلم في الإيمان (12) كلاهما من طريق سليمان ابن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، فذكره بطوله كما مضى في كتاب الإيمان.
• عن أبي سعيد الخدريّ، أنّ أعرابيًّا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهجرة، فقال:"ويحك إنّ شأنها شديد، فهل لك من إبل تؤدي صدقتها؟ ". قال: نعم. قال: "فاعمل من وراء البحار، فإنّ الله لن يترك من عملك شيئًا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (1452)، ومسلم في الإمارة (1865) كلاهما من طريق
الوليد بن مسلم، حَدَّثَنَا الأوزاعيّ، حَدَّثَنِي ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكره.
وقوله: "لن يترك" بكسر التاء معناه: لن ينقصك من ثواب أعمالك شيئًا.
• عن بَهْزَ بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ " يَا نَبِىَّ اللَّهِ! مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِهِنَّ لأَصَابِعِ يَدَيْهِ أَنْ لا آتِيَكَ وَلا آتِىَ دِينَكَ، وَإِنِّى كُنْتُ امْرَأً لا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلَاّ مَا عَلَّمَنِى اللَّهُ عز وجل وَرَسُولُهُ، وَإِنِّى أَسْأَلُكَ بِوَحْىِ اللَّهِ بِمَا بَعَثَكَ رَبُّكَ إِلَيْنَا؟ قَالَ "بِالإِسْلامِ" قُلْتُ وَمَا آيَاتُ الإِسْلامِ؟ قَالَ: "أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ إِلَى اللَّهِ، وَتَخَلَّيْتُ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ".
حسن: رواه النسائي (2436) عن محمد بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا معتمر، قال: سمعت بهز بن حكيم، به، فذكره.
وإسناده حسن من أجل بهز بن حكيم فهو صدوق، ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (20037)، وابن ماجة (2536) مختصرًا.
وقوله: "تخليتُ". يعني من الترك.
وقوله: "أن لا أتيك" أي دينك كارهًا له.
• عن أبي أمامة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجّة الوداع [وهو على الجدعاء، واضع رجله في غرز الرّحْل يتطاول] فقال: "اتقوا الله ربَّكم، وصلُّوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدُّوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنّة ربَّكم".
صحيح: رواه الترمذيّ (616) عن موسى بن عبد الرحمن الكنديّ الكوفيّ، حَدَّثَنَا زيد بن الحباب، أخبرنا معاوية بن صالح، حَدَّثَنِي سليم بن عامر، قال: سمعت أبا أمامة، فذكره.
فقلت لأبي أمامة: منذ كم سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث؟ قال: سمعته وأنا ابن ثلاثين سنة.
وإسناده صحيح. قال الترمذيّ: "حسن صحيح"، وصحّحه أيضًا ابن حبَّان (4563)، والحاكم (1/ 9)، وهو في مسند الإمام أحمد (22161) كلّهم من طريق معاوية بن صالح، قال: أخبرني سليم بن عامر، فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولا نعرف له علّة، ولم يخرجاه، وقد احتج البخاريّ ومسلم بأحاديث سليم بن عامر، وسائر رواته متفق عليهم".
وقول: "ذا أمركم"، وفي رواية:"وأطيعوا أمراءكم".
• عن علقمة بن ناجية الخزاعي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لهم عام المريسيع حين أسلموا: "إن من تمام إسلامكم أن تؤدوا زكاة أموالكم".
حسن: رواه الطبرانيّ في "الكبير"(8/ 18) والبزّار. - "كشف الأستار"(876) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2334) من حديث يعقوب بن حميد، ثنا عيسى بن الحضرمي بن كلثوم بن علقمة بن ناجية بن الحارث الخزاعيّ، عن جده كلثوم، عن أبيه، فذكره.
إِلَّا أن البزّار لم يسم شيخه، فقال: حَدَّثَنَا بعض أصحابنا، عن عيسي بن الحضرمي بن كلثوم، عن علقمة بن ناجية الخزاعيّ، عن جده، عن أبيه علقمة فذكره، وقال:"لا نعلم روي علقمة إِلَّا هذا".
وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(1863): "علقمة بن ناجية له حديث واحد مخرجه عن ولده".
وإسناده حسن من أجل الكلام في يعقوب بن حميد بن كاسب المدنيّ، قال البخاريّ:"لم يزل خيرًا، هو في الأصل صدوق". وتكلم فيه غيره. غير أنه حسن الحديث إذا لم يأت في حديثه ما يُغرب لأنه كان كثير الحديث، كثير الغرائب كما قال ابن عدي.
وفي الباب ما رُوي عن أبي الدّرداء أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أخلصوا عبادة ربّكم، وصلوا خمسكم، وأدّوا زكاة أموالكم، وصوموا شهركم، وحجّوا بيت ربِّكم، تدخلوا جنّة ربّكم)). فهو ضعيف.
رواه الطَّبرانيّ في "مسند الشَّامين"(659) عن أحمد بن مسعود المقدسيّ، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا صدقة بن عبد الله، عن الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مرند، عن أبي الدّرداء، أنَّ رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما عصمة هذا الأمر وعراه ووثاقه؟ قال: فعقد بيمينه فقال: (فذكره).
وعنه رواه أبو نعيم في "الحلية"(5/ 166) وقال: "غريب من حديث يزيد، تفرّد به عنه الوضين".
قلت: وإسناده ضعيف من أجل صدقة بن عبد الله وهو أبو معاوية الدّمشقيّ ضعَّفه النّسائيّ وغيره. وفي "التقريب": "ضعيف".
وأمّا الوضين الذي تفرّد به فهو الوضين بن عطاء بن كنانة الخزاعيّ الدّمشقيّ مختلف فيه فوثقه أحمد وابن معين، وضعّفه ابن سعد والجوزجاني. وقال ابن عدي:"ما أرى بأحاديثه بأسًا".
وأمّا ما رُوي عن فاطمة بنت قيس قالت: سألت أو سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الزكاة فقال: "إنَّ في المال لحقًّا سوى الزّكاة". ثمّ تلا هذه الآية التي في البقرة: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} الآية [سورة البقرة: 177] فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (659، 660) من وجهين عن شريك، عن أبي حمزة، عن عامر الشّعبيّ، عن فاطمة بنت قيس، فذكرته.
قال الترمذيّ: "هذا حديث إسناده ليس بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور يُضعّف. وروي بيان وإسماعيل بن سالم، عن الشّعبي هذا الحديث قوله. وهذا أصح" انتهى.
وفي الإسناد أيضًا شريك وهو عبد الله النخعي سيء الحفظ. وقال النوويّ في "الخلاصة"(3837): "هذا حديث منكر".