الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنن أبي داود (2378) بإسناد حسن: "كان أنس بن مالك يكتحل وهو صائم".
وعن الأعمش قال: ما رأيت أحدًا من أصحابنا يكره الكحل للصائم. وكان إبراهيم يرخّص أن يكتحل الصائم بالصّبر". رواه أيضًا أبو داود (2379) بإسناد حسن.
قلت: وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور أهل العلم.
وهو اختار شيخ الاسلام ابن تيمية وبه أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية.
قال البغوي في شرح السنة (6/ 297): "وكرهه بعضهم، وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق لما روي عن معبد بن هوذة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد عند النوم وقال: "ليتقه الصّائم، ولا يصح فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء".
14 - باب تخيير المسافر بين الصيام والإفطار
قال الله تعالي: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [سورة البقرة: 184].
قال الله تعالي: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [سورة البقرة: 185].
• عن عائشة: أنّ حمزة بن عمرو الأسلميّ، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أصومُ في السَّفر - وكان كثير الصيام-؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئتَ فصُمْ، وإن شئت فأفطر".
متفق عليه: رواه مالك في الصيام (في رواية أبي مصعب الزهري - 794) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به، فذكرته.
ورواه البخاري في الصوم (1943) عن عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، بإسناده، مثله.
ورواه مسلم في الصوم (1121) من طرق عن الليث وحماد بن زيد وأبي معاوية كلهم عن هشام ابن عروة، بإسناده، مثله.
ورواه مالك في رواية يحيى الليثي عنه (24) عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّ حمزة بن عمرو
الأسلميّ، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" الحديث. ولم يذكر فيه "عن عائشة".
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(22/ 141): "هكذا قال يحيى: مالك، عن هشام، عن أبيه، أنّ حمزة بن عمرو. وقال سائر أصحاب مالك: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - أنّ حمزة بن عمرو
…
والحديث محفوظ عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، كذلك رواه جماعة، عن هشام" اهـ.
قلت: وهو كما قال، وقد سبق ذكر بعضهم في روايات مسلم، ولكن رواه غير هشام بدون ذكر عائشة.
• عن حمزة بن عمرو الأسلميّ، قال: يا رسول الله! أجد بي قوة على الصيام
في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحبَّ أن يصوم فلا جناح عليه".
صحيح: رواه مسلم في الصوم (1121: 107) من طرق عن ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو، فذكره.
قوله: "فمن أخذ بها فحسن" فيه إشارة إلى تفضيل الفطر في السفر على الصيام.
ولحمزة بن عمرو طرق أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحها.
منها ما رواه ابن خزيمة (2153) عن محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، حدّثنا عبدة، عن محمد بن إسحاق، عن عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلميّ قال: كنت أسردُ الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني أصوم ولا أفطر، أفأصوم في السفر؟ قال:"إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر".
قال النسائي في "الكبري"(2604): "هذا مرسل". أي فيه انقطاع بين سليمان بن يسار وبين حمزة بن عمرو؛ لأنه رواه في "المجتبي"(2302) فخالف فيه في الموضعين:
أحدهما: أن ابن إسحاق قال: حدثني عمران بن أبي أنس، فصرَّح بالتحديث.
والثاني: أنه أدخل بين سليمان بن يسار وبين حمزة بن عمرة "أبا مراوح".
وصحَّح المزّي هذا الطريق، فقال في ترجمة (أبي مراوح): الصحيح عن عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن أبي مرواح، عن حمزة، به.
والخلاصة أن هذا الحديث رواه عروة بن الزبير، وأبو مراوح.
فأما عروة بن الزبير فله شيخان:
أحدهما: عائشة رضي الله عنها، فيكون الحديث من مسندها.
والثاني: حمزة بن عمرو، فيكون الحديث من مسنده.
وأما أبو مراوح فليس له طريق غير حمزة بن عمرو، والكل صحيح.
قال ابن عبد البر: "وفي هذا الحديث التخيير للصائم في رمضان إن شاء أن يصوم في سفره، وإن شاء أن يفطر. وهو أمر مجمع عليه من جماعة فقهاء الأمصار، وهو الصحيح في هذا الباب". "التمهيد"(22/ 147).
• عن أنس بن مالك، أنه قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فلم يَعِب الصَّائمُ على المفطر، ولا المفطر على الصَّائم.
متفق عليه: رواه مالك في الصيام (22) عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، فذكره.
ورواه البخاريّ في الصوم (1947) من طريق مالك، به، مثله.
ورواه مسلم في الصيام (1118) من وجه آخر عن حميد الطويل، قال: خرجتُ فصمتُ، فقالوا لي: أعِدْ. قال: فقلت: إن أنسًا أخبرني أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون (فذكره).
قال: فلقيت ابنَ أبي مليكة فأخبرني عن عائشة، رضي الله عنها، بمثله.
• عن ابن عباس قال: لا تعبْ على من صام، ولا على من أفطر، فقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر.
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1112/ 89) عن أبي كريب، حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن طاوس، عن ابن عباس، فذكره.
• عن أبي الدرداء، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حرٍّ شديد، حتّى إن كان أحدُنا ليضعُ يدَه على رأسه من شدّة الحرِّ وما فينا صائمٌ إلّا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.
متفق عليه: رواه البخاري في الصوم (1945)، ومسلم في الصيام (1122) من طريق إسماعيل ابن عبيد الله، عن أمّ الدرداء، عن أبي الدرداء، فذكره. واللفظ لمسلم.
ولفظ البخاري: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم، إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة.
• عن أبي سعيد الخدريّ، قال:"غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضتْ من رمضان، فمنّا من صام، ومنّا من أفطر، فلم يَعِب الصَّائم على الْمُفطر، ولا المفطر على الصَّائم".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1116) من طرق، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.
وأبو نضرة اسمه المنذر بن مالك بن قُطعة العبديّ.
ووقع في رواية له: "لثمانَ عشرة خلتْ".
وفي رواية: "في ثِنْتَي عشْرة".
وفي رواية: "لسبعَ عشرة أو تسع عشرة".
• عن أبي سعيد الخدريّ، وجابر بن عبد الله، قالا:"سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصوم الصَّائمُ ويفطرُ المفطر، فلا يعيبُ بعضُهم على بعض".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1117) من وجوه عن مروان بن معاوية (هو الفزاريّ)، عن عاصم (هو ابن سليمان الأحول)، قال: سمعت أبا نضرة، يحدِّث عن أبي سعيد الخدري، وجابر ابن عبد الله، قالا (فذكراه).
• عن عمران بن حصين، قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يمشي حافيًا وناعلًا، ويشرب قائمًا وقاعدًا، وينفتل عن يمينه وعن يساره، ويصوم في السفر ويفطر.
حسن: رواه البزار -كشف الأستار (993) -، عن الحسين بن يحيى الأرزيّ، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا هارون بن موسى، عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، فذكره.
قال البزار: "وهذا رواه حسين، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. ورواه هارون، عن حسين، عن ابن بريدة، عن عمران.
وهارون ليس به بأس، وزاد:"ويصوم في السفر ويُفطر"، ولا نحفظ هذا عن عمرو بن شعيب.
ولو حفظناه كان هذا الإسناد أحسن من ذلك، وإن كان ذلك هو المعروف" انتهى.
قلت: بل فيه كما الآتي:
• عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافيا وناعلا، ويصوم في السفر ويُفطر، ويشرب قائما وقاعدا، وينصرف عن يمينه وعن شماله.
حسن: رواه أحمد (6679، 6928، 7012) من طرق، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فذكره. وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب.
• عن أنس، قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه أصحابه، فشقَّ عليهم الصوم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ماء فشرب -وهو على راحلته-، والناس ينظرون إليه.
حسن: رواه ابن خزيمة (2039)، والطحاوي (3156) كلاهما من حديث ابن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني حميد، أن بكر بن عبد الله المزني، حدثه قال: سمعت أنس بن مالك يقول (فذكر الحديث).
وإسناده حسن من أجل الكلام في يحيى بن أيوب الغافقي إلا أنه حسن الحديث. كما انه توبع في الأسانيد الآتية.
رواه الإمام أحمد (12269) عن روح بن عبادة، حدّثنا هشام بن حسان، عن حميد الطويل، عن انس بن مالك، فذكره مختصرًا.
ورواه الإمام أحمد أيضًا (13429، 13619)، وأبو يعلى (3806) من أوجه أخرى عن حميد، عن أنس بن مالك.
وحميد هو ابن أبي حميد الطويل رمي بالتدليس، ويقال: إنه لم يسمع من أنس إلا أربعة وعشرين حديثًا، والباقي سمعها من ثابت البناني عنه، وثابت البناني ثقة، ولذا تحمّل الأثقة عنعته، وهنا يحيى بن أيوب الغافقي أقام الإسناد بذكر الواسطة بينهما إن كان حفظه لأنه كان يخطئ.
وفي الباب ما رُوي عن ابن مسعود: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ويفطر، ويصلي ركعتين لا يدعهما يقول: لا يزيد عليهما يعني الفريضة".
رواه الإمام أحمد (3813)، وأبو يعلى (5309)، والبزار - كشف الأستار (992) والطحاوي في شرحه (1/ 333) كلهم من حديث روح بن عبادة، حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن عبد السلام، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، فذكره.
قال البزار: لا نعلمه عن عبد الله (ابن مسعود) إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن عبد السلام إلا ابن أبي عروبة.
وفيه عبد السلام هو ابن أبي الجنوب ضعيف جدًّا من رجال ابن ماجه. ووهم الحافظ الهيثمي في "المجمع"(3/ 158) فقال: "رجال أحمد رجال الصحيح"، ظنا منه أنه عبد السلام بن حرب الملائي من رجال الشيخين كما وهم غيره.
وكان الحافظ ممن ظنَّ أولًا أنه ابن حرب، ثم ظهر له أنه ابن أبي الجنوب كما ذكره في "التعجيل"(657) مستدلًا برواية ابن عدي في "الكامل" في ترجمة عبد السلام بن أبي الجنوب من طريق روح بن عبادة بهذا الإسناد.
وقال بعد تخريجه (أي ابن عدي): "عبد السلام المذكور في هذا الإسناد يقال: هو ابن أبي الجنوب، حدَّث عنه سعيد بن أبي عروبة بهذا الإسناد" انتهى كلام ابن عدي.
ثم قال الحافظ -متعقبًا على الحسيني في قوله: "عبد السلام، عن حماد بن أبي سليمان مجهول"-: "وظهر أنه معروف، ورواية ابن أبي عروبة عنه رواية الأقران، وابن أبي الجنوب ضعيف عندهم. ولم أر له رواية عن حماد بن أبي سليمان" انتهي.
وفي الباب أيضًا ما روي عن سنان بن المحبق الهذلي، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له حمولة تأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركهـ".
رواه أبو داود (2410) عن حامد بن يحيى، ثنا هشام بن القاسم، ح.
وثنا عقبة بن مُكْرم، ثنا أبو قتيبة -المعنى-، قالا: ثنا عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي، حدثني حبيب بن عبد الله، قال: سمعت سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي يحدث، فذكره.
وقال أبو داود (2411): وحدّثنا نصر بن المهاجر، حدّثنا عبد الصمد. يعني ابن عبد الوارث - حدّثنا عبد الصمد بن حبيب، قال: حدثني أبي، عن سنان بن سلمة، عن سلمة بن المحبق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدركه رمضان في السفر" فذكر معناه.
أعلّه المنذري بعبد الصمد بن حيب الأزدي العَدْوي البصريّ، ونقل عن البخاري أنه قال:"لين الحديث". وقال أيضًا: منكر الحديث، ذاهب الحديث، ولم يعدَّه هذا الحديث شيئًا". وضعّفه أيضًا أحمد". وذكر له أبو جعفر العقيلي هذا الحديث: وقال: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا