الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصواب في رواية الليثي بدون ذكر "عائشة"، كما في طبعة الأعظمي المشار إليها آنفًا، وهو كذلك في التمهيد.
وفي الباب دليل على جواز اعتكاف النساء في المسجد؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يمنعهنّ من الاعتكاف في المسجد، بل أذن لعائشة وحفصة رضي الله عنهما في أول الأمر، ثم لما ضربت زينب رضي الله عنها قبّتها منعهن لأجل كثرة القباب حتى لا يضيق المسجد بالمصلين. وانظر للمزيد "المنة الكبرى"(3/ 463).
12 - باب اعتكاف المستحاضة
• عن عائشة، قالت: اعتكف مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم امرأةٌ مستحاضة من أزواجه، فكانت ترى الحمرة والصُّفرة، فربّما وضعنا الطَّسْت تحتها وهي تصلي.
صحيح: رواه البخاري في الاعتكاف (2037) عن قتيبة، حدّثنا يزيد بن زريع، عن خالد (هو الحذّاء)، عن عكرمة، عن عائشة، قالت (فذكرته).
13 - باب هل يُشترط الصوم في الاعتكاف
• عن عائشة، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ترك الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف في العشر الأوّل من شوال.
متفق عليه: رواه البخاري في الاعتكاف (2033) من طريق حماد بن زيد. ومسلم في الاعتكاف (1172: 6) من طريق أبي معاوية - كلاهما عن يحيى بن سعيد (هو الأنصاري)، حدّثتني عمرةُ بنت عبد الرحمن، عن عائشة، قالت (فذكرته في حديث طويل) واللفظ لمسلم، وقد سبق بتمامه. ولم يذكر فيه أنه صام؛ لأنه لو صام لاشتهر أمره.
• عن ابن عمر، أنّ عمر سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: كنتُ نذرتُ في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. قال: "أوفِ بنذرك".
وفي رواية عند البخاري: "فاعتكف ليلة".
متفق عليه: رواه البخاري في الاعتكاف (2032)، ومسلم في الأيمان والنذور (1656) كلاهما من طريق يحيي القطان، عن عبيد الله، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، به، ولفظهما سواء.
والرواية الثانية عند البخاري (2042) من طريق سليمان، عن عبيد الله.
وكذلك رواه أيضًا فليح بن سليمان، عن عبيد الله. ومن طريقه رواه الدارقطني (2354) وقال: إسناده صحيح. فذكر النذر أنه يعتكف ليلة هو المحفوظ.
قال البيهقي (4/ 318): ورواه البخاري (6697) عن محمد بن مقاتل، عن عبد الله بن المبارك.
وكذلك رواه سليمان بن بلال، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة، وعبد الوهاب الثقفي، عن عبيد الله. قالوا فيه:"ليلة".
وكذلك قاله حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع.
وقال جرير بن حازم ومعمر بن أيوب: "يومًا" بدل "ليلة".
وكذلك رواه شعبة، عن عبيد الله. ورواية الجماعة عن عبيد الله أولى. وحماد بن زيد أعرف بأيوب من غيره" انتهي.
إذا ثبت هذا أنه نذر أن يعتكف ليلة، وقد اعتكف ليلة فلا يحتاج إلى الجمع بين اليوم والليلة إلا أن يقال: إنه اعتكف مع الليلة النهار أيضًا.
فيكون اعتكاف النذر في الليل وهو ليس محلا للصوم، ويكون الاعتكاف في النهار تطوعًا، ولم يأت في الأخبار الصحيحة أنه صام في النهار.
وأمّا ما رُوي عنه أنه قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الجعرانة: يا رسول الله، إنّ عليَّ يومًا أعتكفه. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:"اذهب فاعتكفه وصمه". فهو ضعيف.
رواه أبو داود (2474)، والدارقطني (2360) من طرق عن عبد الله بن بديل، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر، فذكره.
قال الدارقطني: تفرّد به بدُيل عن عمرو، وهو ضعيف.
وقال: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: هذا حديث منكر؛ لأنّ الثقات من أصحاب عمرو بن دينار لم يذكروه (يعني: وصمه).
منهم: "ابن جريج، وابن عيينة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد وغيرهم. وابن بديل ضعيف الحديث". ونقله البيهقي (4/ 216 - 217) عن الدارقطني وأقرّه.
وضعّفه أيضًا الحافظ في "الفتح"(4/ 274).
وكذلك لا يصح ما رواه الدارقطني (2365)، والبيهقي (4/ 317) من طريق سعيد بن بشير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنّ عمر بن الخطاب نذر أن يعتكف في الشرك وليصومنّ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه، فأمره أن يفيء بنذره.
قال الدارقطني: هذا الإسناد حسن، تفرّد بهذا اللفظ سعيد بن بشير عن عبد الله بن عمر".
قلت: ليس بحسن؛ فإنّ سعيد بن بشير ضعيف باتفاق أهل العلم.
قال البيهقي: "ذكر الصوم فيه غريب، تفرّد به سعيد بن بشير عن عبيد الله".
وضعّف ابن الجوزي هذا الحديث من أجله، ونقل تضعيفه عن ابن معين وابن نمير والنسائي. وكذلك لا يصح ما رُوي عن عائشة أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا اعتكاف إلّا بصيام".
رواه الدارقطني (2356) وعنه الحاكم (1/ 440) وعنه البيهقي (4/ 317) عن أحمد بن عمير
ابن يوسف في الإجازة، أن محمد بن هاشم حدّثهم، قال: حدّثنا سويد بن عبد العزيز، حدّثنا سفيان بن حسين، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
قال الدارقطني: تفرّد سويد، عن سفيان بن حسين.
وقد قال الإمام أحمد: سويد متروك الحديث.
وقال يحيى: ليس بشيء.
وقال البيهقي: وهذا وهم من سفيان بن حسين، أو من سويد بن عبد العزيز.
وسويد بن عبد العزيز الدمشقي ضعيف بمرة، لا يقبل منه ما تفرد به.
وروي عن عطاء، عن عائشة موقوفًا:"من اعتكف فعليه الصيام" ثم أخرجه.
وسفيان بن حسين في الزهري ضعيف.
قال ابن حبان: "يروي عن الزهري المقلوبات".
وفي الباب أيضًا عن عائشة، قالت:"السنة على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع".
رواه أبو داود (2473) عن وهب بن بقية، أخبرنا خالد، عن عبد الرحمن -يعني ابن إسحاق- عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
قال أبو داود: غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه: "قالت: السنة" قال المنذري: "وأخرج النسائي من حديث يونس بن يزيد، وليس فيه "قالت: السنة" وأخرجه من حديث مالك، وليس فيه أيضًا ذلك" انتهى.
وقال الدارقطني (2363) بعد أن أخرج حديث عائشة من طريق ابن جريج، عن محمد بن شهاب، عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، عن عائشة أنها أخبرتها: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده، وأن السنة للمعتكف
…
إلخ".
قال: يقال: إنّ السنة للمعتكف إلى آخره ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم (يعني به قول عائشة؛ لأن السنة في كلام الصحابة يراد بها المرفوع) وأنه من كلام الزهري، ومن أدرجه في الحديث فقد وهم. وهشام بن سليمان لم يذكره" أعني عن ابن جريج، قال: حدثني الزهري بإسناده.
وهو ما أخرجه الشيخان - البخاري (2026)، ومسلم (1172: 5) كلاهما من حديث الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، فذكرا أول الحديث، وأعرضا عن الزيادة.
وكذلك رواه يونس بن يزيد، ومالك بن أنس مع الليث بن سعد كلهم عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة. فلم يذكروا قولها: "من السنة
…
إلخ".
وهذه الطرق أخرجها البيهقي (4/ 315) وقال في "المعرفة"(6/ 395): "ويشبه أن يكون من قول مَنْ دون عائشة".
وقد أطال الحافظ ابن القيم في دراسة هذا الحديث في "تهذيب السنن"(3/ 343 - 349) ولكن لم يظهر لي ترجحه فإنه في نهاية البحث أعاد كلام الدارقطني بأنه مدرج من كلام الزهري.
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه".
رواه الدارقطني (2355) عن محمد بن إسحاق السوسي من كتابه، حدثنا عبد الله بن محمد بن نصر الرملي، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن أبي سُهيل عمّ مالك بن أنس، عن طاوس، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه الحاكم (1/ 439) وعنه البيهقي (4/ 319) كلاهما من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، بإسناده، مثله.
قال الدارقطني: "رفعه هذا الشيخ، وغيرُه لا يرفعه".
اختلف في قوله: "رفعه هذا الشيخ" هل يقصد به شيخه وهو محمد بن إسحاق السوسي فإنه ثقة، أو شيخ شيخه وهو عبد الله بن محمد بن نصر الرَّملي وهو مجهول.
فجعل البيهقي المراد من هذا الشيخ هو "عبد الله بن محمد بن نصر الرّملي"، وقال:"رواه أبو بكر الحميدي عن عبد العزيز بن محمد بإسناده" وذكر فيه قصة قال فيه طاوس: كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صيامًا إلا أن يجعله على نفسه.
قال البيهقي: هذا هو الصحيح موقوف ورفعه وهم. وكذلك رواه عمرو بن زرارة عن عبد العزيز موقوفًا" انتهى.
فقه الحديث:
يستفاد من أحاديث هذا الباب بأنه ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجب على نفسه؛ لأنّ الاعتكاف والصوم عبادتان مستقلتان لا تلازم بينهما.
والأحاديث الواردة باشتراط الصوم كلّها ضعيفة.
ولذا اختلف أهل العلم في اشتراط الصوم وعدمه:
فذهب الشافعي وأحمد في الرواية المشهورة عنه، أن الصوم فيه مستحب غير واجب. وهو مروي عن علي وابن مسعود وغيرهما من الصحابة.
وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه، إلى اشتراط الصوم في الاعتكاف. وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس كما أخرجه عبد الرزاق، وعن عائشة نحوه. إلا أنه اختلف النقل عن ابن عباس، فقال مرة: هو واجب، وأخرى أنه يجب على من أوجبه على نفسه.
واحتجّ بعض أهل العلم بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يعتكف إلا بصوم.