الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الحافظ في "النكت الظراف"(8/ 148): "والحديث مرسل".
وأمّا قول الهيثميّ في "المجمع": "رواه الطبرانيّ في الكبير والأوسط، ورجاله موثقون" فهو اعتمادًا على ابن حبَّان، فإنه ذكر قيسًا أبا عُمارة في "الثّقات".
2 - باب استحباب عيادة المريض
• عن البراء قال: أمرنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع: أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعيّ، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السّلام، وتشميت العاطس، ونهانا عن آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقَسِّي، والاستبرق.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1239) عن أبي الوليد، حَدَّثَنَا شعبة، عن الأشعث قال: سمعتُ معاوية بن سويد بن مُقرّن، عن البراء فذكره.
ورواه مسلم من أوجه أخرى (2066) عن أشعث، قال: حَدَّثَنِي معاوية بن سُويد قال: دخلتُ على البراء بن عازب فسمعتُه يقول: فذكر الحديث وفيه "إفشاء السّلام" بدلًا من "رد السّلام".
ورواه أيضًا من طريق شعبة كما رواه البخاريّ إِلَّا أن فيه "نهانا عن خاتم الذّهب أو حَلْقة الذّهب".
• عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السّلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1240)، ومسلم في كتاب السّلام (2162) كلاهما من حديث ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة قال: فذكره.
ورواه مسلم من طريق آخر عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة وفيه "حق المسلم على المسلم ست" والسادس "وإذا استنصحك فانصح له" وفيه بدلًا من رد السّلام "إذا لقيته فسلم عليه".
ورواه البخاريّ في "الأدب المفرد"(519) من وجه ثالث من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة وفيه "ثلاث كلهن حق على كل مسلم" فذكر من الثلاثة:"عيادة المريض، وشهود الجنازة، وتشميت العاطس إذا حمد الله عز وجل".
ولكن رواه ابن ماجه (1435) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر فيه الخمس مثل حديث الزهري. وهذا أصح لموافقته للزهري. فلعل عمر بن أبي سلمة اختصره.
• وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن تبع منكم اليومَ جِنازة؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ "
قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في امرئ إِلَّا دخل الجنّة".
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (1028) عن محمد بن أبي عمر المكيّ، حَدَّثَنَا مروان بن معاوية الفزاريّ، عن يزيد (وهو ابن كيسان) عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة فذكره.
• وعن أبي هريرة قال: دخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كيف أصبحت يا رسول الله؟ قال: "صالحًا بخير من رجل لم يُصبح صائمًا، ولم يعد مريضًا، ولم يتبع جنازة".
حسن: رواه الطبرانيّ في "الأوسط"(7333) عن محمد بن أبان الأصبهانيّ، ثنا أبو حفص عمرو بن عليّ، ثنا أبو داود الطيالسيّ، نا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
قال الهيثميّ في "مجمع الزوائد"(3/ 183): "وفيه عمر بن أبي سلمة، وثَّقه ابن حبَّان وجماعة، وضعَّفه آخرون، وقد تقدّم حديث ابن عباس في عيادة المريض". انتهى.
قلت: عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري مختلف فيه، فضَعَّفه النسائيّ والجوزجانيّ، ومشَّاه الآخرون، والخلاصة فيه أنه حسن الحديث كما قال ابن عدي.
• عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوُّا العاني".
صحيح: رواه البخاريّ في المرضى (5649) عن قُتَيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى الأشعري فذكره.
• عن أبي سعيد الخدريّ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"عودوا المريض، وامشُوا مع الجنائز تذكركم الآخرة".
حسن: رواه الإمام أحمد (11180) والبزّار "كشف الأستار"(821) كلاهما من طريق يحيى ابن سعيد، عن المثنى بن سعيد، حَدَّثَنَا قتادة، عن أبي عبسي الأسواريّ، عن أبي سعيد فذكره.
ورواه البخاريّ في "الأدب المفرد"(518) من وجه آخر عن قتادة.
وأورده الهيثميّ في "المجمع"(3/ 29) وقال: "رواه أحمد والبزّار، ورجاله ثقات".
قلت: وهو كما قال إِلَّا أن أبا عيسى الأُسواري تكلم فيه عليّ بن المديني فقال: مجهول، ولكن قال الطبرانيّ: بصري ثقة، وقال البزّار: بصري مشهور، وروى له مسلم متابعة، وذكره ابن حبَّان في الثّقات، وأخرج حديثه هذا في صحيحه (2955) وقد روى عنه جمع، منهم ثابت البنانيّ، وقتادة، وعاصم الأحول وغيرهم، فمثله يحسن حديثه، وأمّا قول عليّ بن المديني فيحمل على أنه أراد به عدم الشهرة، والله أعلم.
• عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للمسلم على المسلم أربع خِلال:
يُشمتُه إذا عطس، ويُجيبه إذا دعاه، ويشهده إذا مات، ويعوده إذا مرض".
حسن: رواه ابن ماجه (1434) عن أبي بشر بكر بن خلف ومحمد بن بشار قالا: حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، قال: حَدَّثَنَا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن حكيم بن أفلح، عن أبي مسعود فذكره.
وفي الإسناد حكيم بن أفلح لم يرو عنه سوى جعفر، ولم يوثقه أحد غير أن ابن حبَّان ذكره في الثّقات كما في "التهذيب" ولم أقف على ترجمته في "الثقات" المطبوعة، ومن طريقه أخرجه في صحيحه (240) وأخرجه أيضًا الحاكم (4/ 264) وأحمد (22342) وقال الحاكم:"صحيح على شرط الشّيخين"، وهذا وهم منه؛ فإن حكيم بن أفلح لم يخرج له صاحبا الصَّحيح، وإنما أخرج له البخاريّ في "الأدب المفرد"(923).
قال الحافظ في ترجمته في "التهذيب": "قرأت بخط الذّهبيّ تفرّد عنه جعفر، وذكره ابن حبَّان في "الثقات" وروى ابن مندة في الصّحابة من طريق محمد بن عجلان، عن حكيم البصريّ، عن أبي مسعود حديثًا فيحتمل أن يكون هو هذا".
قلت: وعلى هذا فإن حكيم بن أفلح خرج من كونه مجهولًا، فيكون إسناده حسنًا.
وأمّا ما رُوي عن عليّ مرفوعًا: "للمسلم على المسلم ست بالمعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويُجيبه إذا دعاه، ويُشَمِّتُه إذا عطس، ويعودُه إذا مرض، ويتبع جِنازتَه إذا مات، ويحب له ما يحب لنفسه" فإسناده ضعيف.
رواه الترمذيّ (2736) وابن ماجه (1433)، وأحمد (763) كلّهم من طريق أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ فذكره.
والحارث هو الأعور ضعيف جدًّا، بل وقد كذَّبه بعض أهل العلم.
وزاد الأمر السابع: "وينصح له بالغيب" مع أنه قال في أول الحديث مثل ما مضى. فزيادة الأمر السابع يعود إلى ضعف الحارث الأعور، فلعله روي مرة كما مضى وأخرى كما في مسند الإمام أحمد.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عباس: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عاد رجلًا، فقال:"ما تشتهي؟ " قال: أشتهي خبز برٍ. قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده خبز بُرّ فليبعث إلى أخيه" قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتهي مريض أحدكم شيئًا فليُطْعِمه". رواه ابن ماجه (1439) عن الحسن بن عليّ الخلال، قال: حَدَّثَنَا صفوان بن هُبَيْرة، قال: حَدَّثَنَا أبو مَكينٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
هذا الحديث أخرجه العقلي في "الضعفاء"(2/ 212) في ترجمة صفوان بن هُبَيْرة المخدَّج وقال: "ولا يتابع على حديثه، ولا يُعرف إِلَّا به، بصري" ثمّ ذكر الحديث.
وقال في ترجمة نوح بن ربيعة أبي مَكين (4/ 305 - 306): "ولا يتابع على حديثه، ولا يعرف إِلَّا به" ثمّ ساق له الحديث المذكور. وكذلك فعل الذّهبيّ في "الميزان" فقال في ترجمة نوح بن ربيعة: "وثَّقه غير واحد، وله حديث غريب. قال العقيلي: لا يتابع عليه" ثمّ ساق له الحديث المذكور.
ثمّ قال في ترجمة "صفوان بن هُبَيْرة" عن أبي مَكين بخبر منكر، قال العقيلي:"لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إِلَّا به".
فظهر من هذا أن الحديث منكر من رواية صفوان بن هبيرة عن شيخه أبي مَكين، وإن كان أبو مَكين مختلف فيه، فوثَّقه الأئمة الإمام أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو داود، وقال فيه البخاريّ:"منكر الحديث".
وهذا يرد على قول البوصيري في زوائد ابن ماجه: بأنه إسناد حسن.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أنس بن مالك قال: دخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على مريض يعودُه، فقال:"أتشتهي شيئًا؟ ، أتشتهي كعكًا؟ " قال: نعم. فطلبوا له.
رواه ابن ماجه (1440) عن سفيان بن وكيع، قال: حَدَّثَنَا أبو يحيى الحِمَّانيّ، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشيّ، عن أنس بن مالك، قال فذكره.
وفيه يزيد بن أبان وهو الرقاشي ضعيف، وكان شعبة شديدًا في الطعن فيه، وبه ضعَّفه البوصيري في زوائد ابن ماجه.
وفيه أيضًا شيخ ابن ماجه وهو سفيان بن وكيع بن الجرَّاح مختلف فيه.
قال فيه الحافظ: "صدوق، إِلَّا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عمر بن الخطّاب قال: قال لي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك، فإن دُعاءَه كدعاء الملائكة".
رواه ابن ماجه (1441) عن جعفر بن مسافر، قال: حَدَّثَنِي كثير بن هشام، قال: حَدَّثَنَا جعفر ابن بُرْقان، عن ميمون بن مهران، عن عمر بن الخطّاب، فذكره.
وفيه علتان:
الأوّلى: الانقطاع، فإن ميمون بن مهران لم يدرك عمر بن الخطّاب.
والثانية: ما قاله الحافظ في ترجمة جعفر بن مسافر في "التهذيب"(3/ 107): "وقفت له على حديث معلول أخرجه ابن ماجه عنه عن كثير بن هشام، عن جعفر بن برنان، عن ميمون بن مهران، عن عمر في الأمر بطلب الدعاء من المريض. قال النوويّ في الأذكار: صحيح أو حسن، لكن ميمونًا لم يدرك عمر، فمشي على ظاهر السند، وعلتُه أن الحسن بن عرفة رواه عن كثير، فأدخل بينه وبين جعفر رجلًا ضعيفًا جدًّا، وهو عيسي بن إبراهيم الهاشميّ، كذلك أخرجه ابن السُنِّي (557) والبيهقي من طريق الحسن، فكأن جعفرًا كان يدلس تدليس التسوية، إِلَّا أني وجدت في نسختي من ابن ماجه تصريح كثير بتحديث جعفر له، فلعل كثيرًا عنعنه، فرواه جعفر عنه بالتصريح لاعتقاده أن الصيغتين سواء من غير المدلس، لكن ما وقفت على كلام أحد وصفه بالتدليس. فإن