الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طرق يُتَّبع ويُذاكر بها، وقد تابع العلاء بن المسيب عاصم بن بهدلة على روايته عن مصعب بن سعد، ثمَّ أسنده من طريقه، ولفظه: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: والأنبياء، ثمَّ الأمثل، فالأمثل، فإن كان الرجل صلب الدين يبتلى الرجل على قدر دينه، فمن ثخن دينه ثخن بلاؤه". وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين". ثمَّ أسند من طرق كثيرة حديث عاصم عن مصعب بن سعد، عن أبيه.
قلت: ولكن رواه ابن حبان في صحيحه (2920) من وجه آخر عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن سعد نحوه. والمسيب هو ابن رافع، لم يسمع من سعد.
وقوله: "الأمثل فالأمثل" أي الأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة. يقال: هذا أمثل من هذا، أي أفضل، وأماثل الناس: خيارهم.
والخلاصة في حديث الباب: أنَّ ابتلاء الأنبياء صلوات الله عليهم ليس لمحو خطاياهم إذ لا خطايا لهم؛ بل لرفع درجاتهم عند الله - عَزَّوَجَلَّ -. انظر معنى هذا عند الطحاوي في مشكله: (5/ 456).
10 - باب مضاعفة أجر النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه الوعك
• عن عبد الله بن مسعود، قال: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعَك، فقلت: يا رسول الله! إنَّك توعَك وَعْكًا شديدًا؟ ! قال: "أَجل! إنِّي أُوعَك كما يوعَك رجلان منكم". فقلتُ: ذلك أنَّ لك أجرين؟ قال: "أَجل! ذلك كذلك، ما من مسلم يُصيبُه أذىً، شوكةٌ فما فوقها إلَّا كفَّر الله بها سيِّئآته كما تحطُّ الشجر ورقها".
متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (5647) ومسلم في البر والصلة (2571) كلاهما من حديث سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سُوَيد، عن عبد الله، فذكره.
• عن أبي سعيد الخدري، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فوضعت يدي عليه، فوجدت حره بين يديَّ فوق اللِّحاف، فقلت: يا رسول الله! ما أشدَّها عليك! قال: "إنَّا كذلك يُضعَّف لنا البلاء، ويُضعَّف لنا الأجر". قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاءً؟ قال: "الأنبياء". قلت: يا رسول الله! ثمَّ من؟ قال: "ثمَّ الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتَّى ما يجد أحدهم إلَّا العباءة يحوبها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء".
حسن: رواه ابن ماجه (4024) عن عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن أبي فُديك، قال: حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.
إسناده حسن من أجل الكلام في هشام بن سعد المدني؛ فقد ضعَّفه ابن معين، والنسائي، ومشَّاه الآخرون، فقال أبو زرعة:"محله الصدق". وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يُحتجُّ به".
وقال العجلي: "جائز الحديث".
قلت: هو من رجال مسلم، من أثبت الناس في زيد بن أسلم، وقد صحَّح هذا الإسناد البوصيري في "زوائده"، إلَّا أنَّه زاد بين الأنبياء والصالحين "العلماء"، وزاد أيضًا: ويبتلى بالقمل حتَّى تقتله". وقال: "صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بهشام بن سعد".
• عن فاطمة، أخت حذيفة، قالت: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نعوده في نساء، فإذا سقاء معلق نحوه، يقطر ماؤه عليه من شدة ما يجد من حرِّ الحمَّى، قلنا: يا رسول الله! لو دعوت الله فشفاك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم".
حسن: رواه الإمام أحمد (27079) والطبراني في "الكبير"(24/ 245) كلاهما من طريق شعبة، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا عبيدة بن حذيفة يحدث عن عمَّته فاطمة، فذكرت الحديث.
ورواه الحاكم (4/ 404) من هذا الوجه، ورجال إسناده ثقات، غير أبي عبيدة بن حذيفة، وهو معروف بكنيته، ولا يسمَّى كما قال أبو حاتم. وقد روي عنه جمع، ووثَّقه ابن حبان، والعجلي، وحسن حديثه الهيثمي في "المجمع"(2/ 292) ولم يُعرف فيه جرح، وأمَّا الحافظ؛ فقال فيه:"مقبول". أي إذا توبع، لكني لم أقف على متابع له غير أنَّه يُحسَّن حديثه لشهرته، وشواهده.
• عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك. فقلنا: أخ أخ، بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله! ما أشدَّ وعكك! فقال:"إنَّا معشر الأنبياء يُضاعف علينا البلاءُ تضعيفًا". قال: قلنا: سبحان الله! قال: "أفعجبتم؟ إنَّ أشدَّ الناس بلاءً الأنبياء والصالحون، الأمثل فالأمثل". قلنا سبحان الله! قال: "أفعجبتم؟ إن كان النبي من الأنبياء ليدرع العباءة من الحاجة، لا يجد غيرها". قلنا: سبحان الله! قال: "أفعجبتم؟ إن كان النبي من الأنبياء ليقتله القمل". قلنا: سبحان الله! قال: "أفعجبتم؟ إن كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرّخاء".
حسن: رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(5) عن عبيدالله بن عمر الجُشمي، وغيره، حدَّثنا يحيى بن سليم الطائفي، حدثنا إسماعيل بن كثير، عن زياد بن أبي زياد -مولي ابن عياش-، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فذكره.
وإسناده حسن، فإنَّ يحيى بن سليم الطائفي وإن كان من رجال الجماعة إلَّا أنَّه مختلف فيه؛ فتكلَّم فيه النسائي، والدارقطني، ووثَّقه ابن معين، وابن سعد، وابن حبان، والعجلي، وغيرهم. وهو حسن الحديث. وبقية رجاله ثقات، وزياد بن أبي زياد -مولي ميسرة المخزومي- المدني،
مولي عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، من رجال مسلم، روي عن مولاه، وعن جماعة من الصحابة، وثَّقه النسائي وغيره، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:"كان عابدًا زاهدًا". وقال مالك: "كان عمر بن عبد العزيز يُكرمه". وقال أيضًا: "كان رجلًا عابدًا معتزلًا لا يزال يكون وحده".
• عن عمر، قال: وضعتُ يدي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: بأبي وأمي ما أجرك! وهو يومئذٍ محموم، فقال:"إن كنَّا يُضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر".
صحيح: رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(241) عن عبد الرحمن بن صالح، حدثنا علي بن ثابت، عن الأوزاعي، عن نافع، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر، فذكر مثله.
ورجاله ثقات، غير علي بن ثابت، وهو الجزري، فقال فيه الحافظ:"صدوق ربما أخطأ، وقد ضعَّفه الأزدي بلا حجة". كذا قال، والصواب أنَّه ثقة؛ لأنَّه وثَّقه ابن معين، وأبو داود، وأبو زرعة، وابن سعد، وقال النسائي:"ليس به بأس". وذكره ابن حبان في الثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أشد الناس بلاءً؟ فقال: "النبيون، ثمَّ الصالحون".
رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(4)، وفيه ليث، وهو ابن أبي سُليم، ضعَّفه جمهور أهل العلم لضعف حفظه واختلاطه في آخر عمره، قال ابن حبان:"اختلط في آخر عمره، فكان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم".
وفي الباب أيضًا عن عائشة مرفوعًا: "إنَّا معشر الأنبياء يُشدُّ علينا الوجع ليكفِّر عنَّا".
رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(9)، عن إبراهيم، (وهو ابن زياد سبلان)، حدَّثني يحيى بن بُكير، حدثنا ابن لهيعة، حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشدَّد عليه إذا مرض، حتَّى لربَّما مكث خمس عشرة لا ينام، وكان يأخذه عرق الكلية، وهو الخاصرة، فقلنا: يا رسول الله! لو دعوتَ الله فيكشف عنك. فقال، فذكرت الحديثَ.
وابن لهيعة فيه كلام مشهور، والحديث ليس من رواية أحد العبادلة عنه.
وفي الباب أيضًا عن عائشة مرفوعًا: "من أُصيب بمصية فليتعز بمصيبته بي؛ فإنَّه لن يُصاب أحد من أمتي بأشد منها".
رواه ابن ماجه (1599)، من حديث موسي بن عبيدة، حدثنا مصعب بن محمد، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن عائشة، فذكرته.
وفيه موسى بن عبيدة الربذي، أهل العلم مطبقون على تضعيفه، وبه ضعَّفه البوصيري في زوائد ابن ماجه.