الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحمد بن رفاعة هو ابن ثعلبة القرظيّ قال فيه الحافظ: "مقبول".
وهو كما قال، فإنه توبع غير أنه زاد فيه: ذكر الصوم، ولعله لذلك استغربه الترمذيّ، فقال:"حسن غريب" ولكنه لم يخطئ لوجود شواهد صحيحة كما مضت، فلعلّ غيره اختصره، أو لم يبلغ إليه ذكر الصّوم بإسناد صحيح.
فقد رواه مالك في حسن الخلق (17) ومن طريقه مسلم في البر والصلة (2565) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء. فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا" إلّا أنه لم يذكر فيه صوم النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه أيضًا مالك (18) ومن طريقه مسلم (2565) عن مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، رفعه مرة قال:"تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكلّ امرئ لا يُشرك بالله شيئًا إلا امرءً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا، اتركوا هذين حتى يصطلحا". وكذلك رواه أيضًا سفيان، عن مسلم بن أبي مريم.
26 - باب الترغيب في صوم يوم السبت والأحد
• عن أمّ سلمة، تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام ويقول: "إنّهما يوما عيد المشركين، فأنا أحبُّ أن أخالفهم".
حسن: رواه أحمد (26750)، والطبراني في الكبير (23/ 283) وصححه ابن خزيمة (2167)، وابن حبان (3616، 3646)، والحاكم (1/ 436) كلّهم من طرق عن عبد الله بن المبارك، قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، قال: حدثنا أبي، عن كريب مولى ابن عباس، عن أمّ سلمة، فذكرته.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن محمد بن عمر بن علي وهو ابن أبي طالب، وأبيه محمد بن عمر فإنهما صدوقان.
27 - باب صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر
• عن معاذة العدوية أنّها سألتْ عائشة زوجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كلِّ شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، فقلت لها: من أيِّ أيام الشّهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أيِّ أيام الشهر يصوم.
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1160) عن شيبان بن فروخ، حدّثنا عبد الوارث، عن يزيد الرِّشْك، قال: حدّثتني معاذة العدوية، فذكرته.
هذا الإطلاق أولى من التقييد لما فيه من التنويع.
وأما التقييد ففيه أربعة أنواع من الصيام وهي الأول: صوم يوم من كل عشرة أيام.
والثاني: صيام البيض: وهي ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة.
والثالث: صوم ثلاثة أيام من غرّة كلّ شهر.
والرابع: صوم اثنين والخمسين من كلّ شهر.
والأحاديث الواردة فيها كلّها صحيحة.
وأما ما رُوي عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس" فالصواب أنه موقوف.
رواه الترمذي في السنن (746)، وفي الشمائل (300) عن محمود بن غيلان، حدّثنا أبو أحمد ومعاوية بن هشام، قالا: حدّثنا سفيان، عن منصور، عن خيثمة، عن عائشة، قالت: فذكرته.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وروى عبد الرحمن بن مهدي هذا الحديث، عن سفيان ولم يرفعه".
قال الحافظ في الفتح (4/ 227): "والموقوف أشبه".
قلت: حديث عبد الرحمن أخرجه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار"(984) عن ابن بشار، حدّثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن منصور، عن خيثمة، قال:"كانت عائشة تصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر كما مضى".
• عن أبي هريرة، قال:"أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وركعتي الضُّحى، وأن أوتِر قبل أن أنام".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصوم (1981)، ومسلم في صلاة المسافرين (721: 85) من طريق عبد الوارث، حدّثنا أبو التياح، حدّثني أبو عثمان النّهدي، عن أبي هريرة.
هكذا أطلقه ثلاثة أيام من كلّ شهر، وجاء مقيّداً بالبيض. والبخاريّ ممن يرى تقييد ذلك لأنه بوّب بقوله: باب صيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة.
• عن أبي هريرة، أنه كان في سفر، فلما نزلوا أرسلوا إليه وهو يصلي ليطعم، فقال للرسول: إني صائم. فلما وضع الطّعام، وكادوا يفرغون جاء، فجعل يأكل. فنظر القوم إلى رسولهم، فقال: ما تنظرون؟ قد أخبرني أنه صائم. فقال أبو هريرة: صدق، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"صوم شهر الصّبر، وثلاثة أيام من كلّ شهر صوم الدّهر".
فقد صُمت ثلاثة أيام من كلّ شهر، وأنا مفطر في تخفيف الله، وصائم في تضعيف الله.
صحيح: رواه النسائي (2408)، وأحمد (7577، 8986، 10663)، وصحّحه ابن حبان (3659)، والبيهقي (4/ 293) كلّهم من أوجه عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي عثمان النّهدي، عن أبي هريرة، فذكره إلا أن البعض لم يذكروا القصة.
وإسناده صحيح. ولكن قال الدارقطني في العلل (6/ 285): وحديث أبي ذر أشبه بالصواب". وهو ما يأتي.
وأما قوله: حديث أبي ذر أشبه بالصواب أي بمقابل هذا الإسناد الذي ساقه من طريق حماد بن سلمة بإسناده، وإلا فأصل حديث أبي هريرة في الصحيحين بغير هذا الإسناد، وهو أصح من حديث أبي ذر، إلا أني لم أقف عليه في "العلل"، فهل فات الدارقطني؟ وقد أشار إليه الترمذي عقب حديث أبي ذر كما يأتي.
• عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ " فقلت: بلى يا رسول الله. قال: "فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًّا، وإنّ لعينك عليك حقًّا، وإنّ لزوجك عليك حقًّا، وإن لزورك عليك حقًّا، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإنّ ذلك صيام الدّهر كلّه" فذكر حديثًا طويلًا.
متفق عليه: رواه البخاري في الصوم (1975)، ومسلم في الصوم (1159: 182) كلاهما من حديث يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فذكره. والسياق للبخاريّ.
• عن أبي الدرداء، قال:"أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشتُ: بصيام ثلاثة أيام من كلّ شهر، وصلاة الضُّحى، وبأن لا أنام حتى أوتر".
صحيح: رواه مسلم في الصلاة (722) من طرق عن ابن أبي فديك، عن الضحّاك بن عثمان، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبي مرة مولى أمّ هانئ، عن أبي الدرداء، فذكره.
• عن أبي ذرّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام من كلّ شهر ثلاثة أيام، فذلك صيام الدّهر".
فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [سورة الأنعام: 160] فاليوم بعشرة أيام.
صحيح: رواه الترمذي (762)، والنسائي (2409)، وابن ماجه (1708)، وأحمد (21301) كلّهم من أوجه عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن أبي ذر، فذكره.
قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح. وقد روى شعبة هذا الحديث عن أبي شِمر وأبي التياح،
عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم".
وأشار ابن خزيمة (3/ 302) إلى خبر أبي عثمان، عن أبي ذر. ولعله أخرجه في كتابه الكبير.
وأورده المنذريّ في الترغيب والترهيب (1579) وعزاه لمن عزوت إليه وأقر بتحسين الترمذي وتصحيح ابن خزيمة له.
وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن ملّ بن عمرو النهدي الكوفي أدرك الجاهلية، وأسلم على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يلقه.
قال أبو الحسن بن البرّاء: ونسخت من كتاب علي بن المديني ولم أسمعه منه: أبو عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مَل. ويقال مُلّ، وأصله كوفي وصار إلى البصرة بعد، وهو من العرب، وقد أدرك الجاهلية، وهاجر إلى المدينة بعد موت أبي بكر ووافق استخلاف عمر، وسمع من عمر، ولم يسمع من أبي ذر".
فقوله: "لم يسمع من أبي ذر" فيه نظر؛ لأنّ أبا ذر عند استخلاف عمر كان بالمدينة، ولم يخرج إلى الرّبذة إلّا في عهد عثمان ومات بها، فلقاءه ممكن، ولذا اعتمد الأئمة على اتصال هذا الإسناد وصحّحوه.
وأمّا ما رواه النسائي (2410) من طريق عبد الله (وهو ابن المبارك)، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن رجل، قال: قال أبو ذر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فذكر الحديث" بلفظ: "من صام ثلاثة أيام من الشّهر فقد تم صوم الشّهر أو فله صوم الشّهر".
فهو وإن دلّ على أن بينهما رجلًا، فلعله سمع أولا من هذا الرجل، وهو بالتأكيد أن يكون صحابيًّا، ثم تيسر له اللقاء والسماع فروى عنه لأنهما كانا بالمدينة.
فلعلّ ابن المديني اعتمد على هذه الرواية فنفى السماع عنه، ولم ينظر إلى الروايات الأخرى. ثم كتاب ابن المديني قد يكون مسودة لم يهذبه، ولذا لم يسمعه أبو الحسن البراء؛ لأني لم أقف على كلام أحد من أهل العلم من نفي سماع أبي عثمان النهدي عن أبي ذر. ولم يوصف أبو عثمان النهدي بالتدليس فيحمل عنعنته على الاتصال.
وأما حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الترمذي فقد مضى في أول الباب.
• عن أبي قتادة الأنصاريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صومُ ثلاثة من كلّ شهر، ورمضان إلى رمضان صوم الدَّهر".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1162) عن محمد بن بشار (بندار)، حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد الزّماني، عن أبي قتادة.
وهو جزء من حديث طويل سيأتي في باب النهي عن صوم الدَّهر.
ورواه ابن خزيمة (2126) عن بندار نفسه بإسناده إلا أنه لم يذكر فيه: "ورمضان إلى رمضان".
فقال ابن خزيمة: "وفي حديث حماد بن زيد: "صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر، ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدَّهر كلّه". كذا قال وهو في رواية شعبة أيضًا، كما سبق.
• عن قرّة بن إياس قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم في صيام ثلاثة أيام من الشّهر: "صوم الدّهر، وإفطاره".
وفي لفظ: "صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر صيام الدّهر وقيامه".
صحيح: رواه الإمام أحمد (15584) عن عفّان، حدّثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث باللفظ الأوّل.
وكذلك رواه أيضًا البزار -كشف الأستار (1059) - من وجهين محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد القطان كلاهما عن شعبة بهذا اللفظ.
وكذلك رواه وكيع عن شعبة. ومن طريقه رواه الإمام أحمد (15594).
ورواه ابن حبان (3652) عن أبي يعلى، حدّثنا عبيدالله بن عمر القواريريّ، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال (فذكره باللفظ الثاني).
فالظّاهر أن الرواة اختلفوا على يحيى بن سعيد أو أنه روي على اللفظين.
وروي عفان ووكيع ومحمد بن جعفر باللفظ الأول.
فقول ابن حبان: "قول وكيع عن شعبة في هذا الخبر "إفطاره" وقول يحيى القطان عن شعبة "وقيامه" وهما جميعًا حافظان متقنان" فيه نظر. لأن يحيى بن سعيد القطان روي باللفظين.
ومعنى قوله: "صيام ثلاثة أيام من الشهر صوم الدّهر" لأنّ الحسنة بعشر أمثالها.
وقوله: "وإفطاره" أي إفطار الدّهر فإنه بصوم ثلاثة أيام واستمتاعه بقية الأيام بالإفطار فكأنه استمتع الدهر كله بالإفطار.
• عن أبي العلاء بن الشّخِّير، قال: كنتُ مع مُطرِّف في سوق الإبل، فجاءه أعرابيٌّ معه قطعةُ أديمٍ، أو جِرابٌ، فقال: من يقرأ أو فيكم من يقرأ؟ قلت: نعم، فأخذتُه فإذا فيه:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد رسول الله، لبني زُهير بن أقَيْش -حيٍّ من عُكْل- أنّهم إن شهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسولُ الله، وفارقوا المشركين، وأقرُّوا بالخُمْس في غنائمهم، وسهْم النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصفيِّه، فإنّهم آمِنون بأمان الله ورسوله".
فقال له بعضُ القوم: هل سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا تحدِّثناه؟ قال: نعم. قالوا: فحدِّثنا يرحمُك الله، قال: سمعته يقول: "من سرَّه أن يذهب كثيرٌ من وَحَر
صدّره فليصُمْ شهرَ الصَّبْر، وثلاثةَ أيام من كلّ شهر". فقال له القوم أو بعضهم: أأنتَ سمعتَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألا أُراكم تتّهموني أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! .
وقال إسماعيل مرة: تخافون - والله! لا أحدّثنكم حديثًا سائر اليوم. ثم انطلق.
صحيح: رواه الإمام أحمد (20737) عن إسماعيل، حدّثنا الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير، قال (فذكر الحديث بطوله).
والجريري هو سعيد بن إياس مختلط إلا أن إسماعيل وهو ابن علية كان سماعه منه قبل الاختلاط. وقد تابعه عليه غيره، كما أن الجريري لم ينفرد به.
واسم الأعرابي هو النّمر بن تولب بن زهير العكلي.
وقصة هذا الرجل ذكرها كل من ابن قانع في "معجم الصحابة"(3/ 165 - 166)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(4937)، والنسائي (4146) من طرق، عن الجريريّ، مختصرًا.
كما رواه أيضًا أبو داود (2999)، والإمام أحمد (23070) كلاهما من حديث قرة بن خالد، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن الأعرابي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "صوم الصبر، وثلاثة أيام من كلّ شهر يذهبن وَحَر الصَّدر".
ولفظ أبي داود: قال: "كنا بالمربد، فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر. فقلنا: كأنّك من أهل البادية؟ فقال: أجل، قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك. فناولناها، فقرأناها فإذا فيها: "من محمد رسول الله إلى بني زهير .... ". ذكره مختصرًا وليس فيه ذكر الصوم.
وهذا إسناده صحيح. وقرة بن خالد السدوسيّ ثقة ضابط، وهو متابع قوي للجريري.
وقوله: "وَحَر الصدر" بفتحتين، هو الغِلُّ.
• عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم رجل يصوم الدّهر. قال: "وددتُ أنه يطعم الدهر". قالوا: فثلثيه. قال: "أكثر". قالوا: "فنصفه". قال: "أكثر". قال: "ألا أخبركم بما يُذهب وَحَر الصّدر، صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر".
صحيح: رواه النسائي (2385، 2386) من وجهين عن سفيان وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش، عن أبي عمار، عن عمرو بن شرحيل، عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكره.
وإسناده صحيح. وأبو عمار هو عريب بن حميد الهمداني الدُّهني، ثقة.
• عن معاوية بن قرة المزني، قال: أتيت المدينة زمن الأقط والسمن والأعراب يأتون بالبرقان فيبيعونها فإذا أنا برجل طامح بصره ينظر إلى الناس فظننت أنه غريب، فدنوت منه فسلمتُ عليه فردّ عليَّ وقال لي: من أهل هذه أنت؟ قلت: نعم
فجلست معه فقلت: ممن أنت؟ فقال: من هلال واسمي كهمس -أو قال لي: من بني سلول واسمي كهمس- ثم قال: ألا أحدثك حديثا شهدته من عمر بن الخطاب؟ فقلت: بلى قال: بينما نحن جلوس عنده إذ جاءت امرأة فجلست إليه فقالت: يا أمير المؤمنين! إنّ زوجي قد كثر شرُّه وقلَّ خيره، فقال لها عمر رضي الله عنه: ومن زوجك؟ قالت: أبو سلمة قال: إنّ ذاك الرجل رجل له صحبة، وإنه لرجل صدق، ثم قال عمر لرجل عنده جالس: أليس كذلك؟ فقال: يا أمير المؤمنين! لا نعرفه إلا بما قلت، فقال عمر لرجل: قم فادعه لي، وقامت المرأة حين أرسل إلى زوجها فقعدت خلف عمر فلم يلبث أن جاءا معًا حتى جلسا بين يدي عمر فقال عمر: ما تقول في هذه الجالسة خلفي؟ قال: ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه امرأتك قال: وتقول ماذا؟ قال: تزعم أنّه قد قلَّ خيرُك وكثر شرُّك! قال: بئس ما قالتْ يا أمير المؤمنين! إنها لمن صالح نسائها، أكثرهن كسوة، وأكثرهن رفاهية، ولكن فَحْلها بكيء، قال عمر: ما تقولين؟ قالت: صدق. فقام إليها عمر بالدّرة فتناولها بها ثم قال: أي عدوة نفسها! أكلت ماله، وأفنيت شبابه، ثم أنشأت تخبرين بما ليس فيه! فقالت: يا أمير المؤمنين! لا تعجل، فوالله لا أجلس هذا المجلس أبدا، ثم أمر لها بثلاثة أثواب فقال: خذي لما صنعتُ بك. وإياك أن تشتكين هذا الشيخ، كأني أنظر إليها قامت ومعها الثياب ثم أقبل على زوجها فقال: لا يحملنك ما رأيتني صنعت بها أن تسيء إليها، انصرفا، فقال الرجل: ما كنت لأفعل ثم قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خير أمتي القرن الذي أنا منه، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم ينشأ قوم تسبق أيمانُهم شهادتَهم يشهدون من غير أن يُستشهدوا، لهم لغط في أسواقهم".
قال: قال لي كهمس: أفتخاف أن يكون هؤلاء من أولئك؟ . ثم قال لي كهمس: إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي، ثم غبت عنه حولا، ثم أتيته فقلت: يا رسول الله! كأنّك تُنكرني؟ فقال: "أجل". فقلت: يا رسول الله! ما أفطرت منذ فارقتك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ومن أمرك أن تعذِّب نفسك، صم يوما من الشهر"، فقلت: زدني قال: "فصم يومين"، حتى قال:"فصم ثلاثة أيام من الشهر".
حسن: رواه أبو داود الطيالسيّ (32) ومن طريقه ابن قانع في "معجمه"(930)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(2460).