الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع الأبواب في ما جاء في زكاة المعادن من الذّهب والفضة وعروض التجارة
1 - باب ما جاء في نصاب الزّكاة في الفضة
• عن أنس، أنّ أبا بكر رضي الله عنه: كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "هذه فريضة الصّدقة، فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين". فذكر الكتاب بطوله وجاء فيه: "وفي الرِّقة ربع العشر، فإن لم تكن إلّا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلّا أن يشاء ربُّها".
صحيح: رواه البخاري في الزكاة (1454) عن محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاريّ، قال: حدثني أبي، قال: حدّثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، أن أنسًا حدّثه، فذكر الكتاب بطوله.
والرِّقة -بكسر الراء، وتخفيف القاف-: الفضة الخالصة، سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة.
وقوله: "فإن لم تكن إلا تسعين ومائة" يوهم أنها إذا زادت على التسعين ومائة قبل بلوغ المائتين أن فيها صدقة. وليس كذلك. وإنما ذكر التسعين لأنه آخر عقد قبل المائة والحساب إذا جاوز الآحاد كان تركيبه بالعقود كالعشرات والمائتين والألوف. فذكر التسعين ليدل على أن لا صدقة فيما نقص المائتين، ويدل عليه:"ليس فيما دون خمس أواق صدقة". انتهى انظر: "الفتح"(3/ 321).
• عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمسة أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة".
متفق عليه: رواه مالك في الزكاة (1) عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أنه سمع أبا سعيد الخدريّ يقول (فذكر الحديث).
ورواه البخاريّ في الزكاة (1447) عن عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك.
ورواه مسلم في الزكاة (979) من وجه آخر عن عمرو بن يحيي، به.
وقوله: "خمسِ ذَوْدٍ" بإضافة ذود إلى خمس، وقد روي أيضًا بتوين خمس، ويكون ذود بدلا منه. والذَّوْد في اللغة: من الثلاثة إلى العشرة، لا واحد له من لفظه، إنما يقال في الواحد: بعير.
وقوله: "خمس ذودٍ" كقوله: خمسة أبعرة، وخمسة جمالٍ، وخمس نوق، ونحوه.
وقوله: "خمس أواقٍ" بالتنوين، وفي رواية:"أواقي" بإثبات الياء، وكلاهما صحيح.
والأُوقية: بضم الهمزة، وتشديد الياء، وجمعها: أوقي -بتشديد الياء وتخفيفها-، وأواقٍ، بحذف الياء. وأجمع أهل الحديث والفقه وأئمّة اللغة على أنّ الأوقيّة الشّرعيّة أربعون درهمًا، وهي أوقية الحجاز.
قال القاضي عياض: ولا يصح أن تكون الأوقيّة والدّراهم مجهولة في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يوجب الزّكاة في أعداد منها، ويقع بها البياعات والأنكحة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
وقوله: "خمسة أوسق" الأوسق جمع وسق، وفيه لغتان: فتح الواو، وهو المشهور وكسرها. وأصلها في اللغة الحمل. والمراد بالوسْق: ستون صاعًا.
• عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ليس فيما دون خمسة أواق من الوَرِق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التّمر صدقة".
صحيح: رواه مسلم في الزكاة (980) من طرق، عن ابن وهب، أخبرني عياض بن عبد الله، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
• عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمس أواق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود صدقة".
صحيح: رواه الإمام أحمد (9221، 9232) من وجهين عن عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا معمر، قال: حدّثني سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر الحديث. وإسناده صحيح.
• عن أبي رافع، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا من بني مخزوم على الصّدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة".
صحيح: رواه الطبراني في "الكبير"(1/ 295) عن الحسين بن إسحاق التّستريّ، ويحيى بن زكريا السّاجيّ، قالا: ثنا موسي بن عبد الرحمن المسروقي، ثنا أبو أسامة، ثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي رافع، عن أبيه، فذكره.
ورجاله ثقات، أبو أسامة هو حماد بن أسامة بن زيد من رجال الجماعة. وابن أبي رافع هو عبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم، كان كاتب عليٍّ، ثقة من رجال الجماعة.
أورده الهيثميّ في "المجمع"(3/ 70) وسكت عليه.
• عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد عفوتُ عن الخيل والرّقيق، فهاتوا صدقة الرّقة من كل أربعين درهمًا درهمًا، وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم".
حسن: رواه أبو داود (1574)، والترمذيّ (620) من حديث أبي عوانة، والنسائيّ (2478)، وابن ماجه (1790)، والإمام أحمد (711، 984) كلّهم من طرق، عن أبي إسحاق، عن عاصم ابن ضمرة -والحارث في بعض طرقه-، كلاهما عن علي فذكره. وصحّحه ابن خزيمة (2284).
وانظر تخريجه كاملًا في باب زكاة الخيل والرّقيق.
• عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"في كلّ خمس ذود سائمة صدقة".
حسن: رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(مجمع البحرين 1353) عن محمد بن جعفر بن سام، ثنا الزبير بن بكار، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن معمر، عن الزهري، قال: حدثني رجل من بني قشير - قال له بهز بن حكيم- عن أبيه، عن جدّه، فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع"(3/ 70) بعد أن عزاه إلى "الأوسط": "رجاله موثقون غير شيخ الطبراني محمد بن جعفر بن سام فإني لم أعرفه".
وقال: "معاوية بن حيدة القشيري له حديث رواه أبو داود غير هذا".
قلت: وهو كما قال، فإن حديثه عند أبي داود يختلف عن هذا سيأتي في باب عقوبة مانع الزكاة في الدنيا.
أما شيخ الطبراني محمد بن جعفر بن سام فقد توبع، رواه الخطيب في تاريخه (8/ 467) عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ، حدّثنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي -إملاء-، حدّثنا الزبير بن بكّار، بإسناده، فذكره مثله.
وإسناده حسن من أجل بهز بن حكيم وأبيه فهما صدوقان، إلا أن الدّارقطني علّله فقال:"يرويه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن معمر، واختلف عنه، حدّث به الزبير بن بكّار، عن عبد المجيد، عن معمر، عن الزّهريّ، عن بهز بن حكيم، ووهم في ذكر الزّهريّ، والصواب عن عبد المجيد، عن معمر، عن بهز بن حكيم، قال: وكذلك رواه محمد بن ميمون الخياط، عن عبد المجيد" انتهى. انظر: "العلل"(7/ 90).
قال الخطيب بعد أن نقل كلام الدارقطني: "وكذلك رواه عبد الله بن المبارك عن معمر، عن بهز" ثم أسنده.
قلت: لا يمنع أن يكون معمر روي عن بهز بن حكيم أحاديث في الزكاة من وجهين: أحدهما: عن الزهري، عنه، كهذا الذي أمامنا.
والثاني: عن بهز بن حكيم بدون واسطة الزهري؛ لحديث أبي داود وغيره في عقوبة مانع الزكاة.
لأنّ الخطيب أثبت أن الزهري روي عن بهز بن حكيم وبين وفاتيهما نحوًا من خمس وثلاثين سنة، فإن الزهري توفي عام (125 هـ)، وبهز بن حكيم توفي عام (160)، فمن الخطأ أن تجعل