الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصّحيح".
قلت: لأنّ المترجمين ترجموها باسم "جهذمة" لا باسم "ليلى".
وفي الباب ما روي عن جابر بن عبد الله، قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يواصل من النحر إلى السَّحر.
رواه الطبراني في "الأوسط"(3768) عن علي بن عبد العزيز، حدّثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، قال: حدّثنا شريك بن عبد الله، عن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، فذكره. وفيه شريك بن عبد الله هو النخعي كثير الخطأ.
وكذلك لا يصح عن جابر مرفوعا: "لا وصال في الصيام" رواه أبو داود الطيالسي (1873) عن خارجة بن مصعب، عن حرام بن عثمان، عن أبي عتيق، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
وفيه خارجة بن مصعب وشيخه حرام بن عثمان ضعيفان جدا.
ورواه أيضًا (1874) عن اليمان أبي حذيفة، عن أبي عبس، عن جابر مثله، واليمان أبو حذيفة ضعف بالاتفاق، وأبو عبس لا يعرف.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن علي بن أبي طالب قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواصل إلى السَّحر".
رواه أحمد (700)، والطبراني في الكبير (1/ 68)، وابن أبي شيبة (3/ 82 - 83)، وعبد بن حميد (85) كلّهم من طريق إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن علي، عن علي بن أبي طالب، فذكره.
ومحمد بن علي هو ابن أبي طالب المعروف بابن الحنفية، وكنيته أبو القاسم، ويقال أيضًا: أبو عبد الرحمن كما في "منتخب عبد بن حميد".
وإسناده ضعيف من أجل عبد الأعلى وهو ابن عامر الثعلبي ضعفه جمهور أهل العلم.
وأما الهيثمي، فقال في "المجمع" (3/ 158):"رجاله رجال الصحيح"، وهذا وهم منه، فإن الثعلبي من رجال السنن فقط.
وقد استدل بمجموع هذه الأحاديث على أنّ الوصال من خصائص النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو ممنوع لغيره،
للعلّة التي بيّنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهي أن الله تبارك وتعالى يطعمه ويسقيه حقيقة، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها أحد. ولأهل العلم تفاسير أخرى غير أن ما ذكرته هو أقربها إلى الصواب.
7 - باب النهي عن صيام يوم الجمعة منفردًا
• عن محمد بن عباد بن جعفر، قال: سألت جابر بن عبد الله -وهو يطوف بالبيت-: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة؟ فقال: نعم وربِّ هذا البيت.
متفق عليه: رواه مسلم في الصيام (1143) عن عمرو الناقد، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الحميد بن جبير، عن محمد بن عباد بن جعفر، فذكره.
ورواه أيضًا من طريق عبد الرزاق وهو في "مصنفه"(7808) عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الحميد بن جبير بن شيبة، بإسناده، فذكره عبد الرزاق مثله إلا أنه قال فيه: أسمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام يوم الجمعة؟ .
وأما مسلم فلم يسق لفظ الحديث، وإنما أحال على ما سبق.
ورواه البخاري في الصوم (1984) عن أبي عاصم، عن ابن جريج، ولم يذكر قصة الطواف.
وقال البخاريّ: زاد غير أبي عاصم: "أن ينفرد بصوم".
• وعن أبي هريرة، قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصومُ أحدكم يوم الجمعة إلّا يومًا قبله أو بعده".
متفق عليه: رواه البخاري في الصوم (1985)، ومسلم في الصيام (1144: 147) كلاهما من طريق الأعمش، حدّثنا أبو صالح، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصُّوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلّا أن يكون في صوْمٍ يصومُه أحدُكم".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1144: 148) عن أبي كريب، حدّثنا حسين (يعني الجعفي)، عن زائدة، عن هشام (هو ابن حسّان القردوسيّ)، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره.
• وعن أبي هريرة، قال -وهو يطوف بالبيت-: وربِّ الكعبة، ما أنا نهيتُ عن صيام يوم الجمعة، محمد صلى الله عليه وسلم وربّ الكعبة - نهي عنها.
صحيح: رواه الإمام أحمد (7288)، وعبد الرزاق (7807) وعنه أحمد أيضًا (7839)، وصحّحه ابن خزيمة (2157)، وابن حبان (3609) كلّهم من طريق عمرو بن دينار، أخبرني يحيى ابن جعدة، أنه سمع عبد الله بن عمرو القاري، قال: سمعت أبا هريرة، يقول (فذكر الحديث).
ثم يقول عمرو (يعني ابن دينار): "إذا أفرد". ومنهم من زاد: "من أصبح جنبًا فلا يصوم".
وإسناده حسن؛ فإنّ عبد الله بن عمرو وهو ابن عبد القاري، وهو من رجال مسلم، ولكن لم يوثقه غير ابن حبان كما في بعض نسخ "الثقات"؛ ولذا قال فيه الحافظ:"مقبول" أي إذا توبع، وقد توبع.
تابعه محمد بن جعفر المخزومي، قال: لقي أبا هريرة رجلٌ -وهو يطوف بالبيت-، فقال: يا أبا هريرة، أنتَ نهيتَ النّاس عن صوم الجمعة؟ قال: لا، وربَّ الكعبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عنه.
رواه أحمد (9097) عن يونس، حدّثنا المستور -يعني ابن عباد-، حدّثنا محمد بن جعفر المخزومي، فذكره.
وهذا إسناد صحيح، محمد بن جعفر منسوب إلى جده، وهو محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة
المخزومي من رجال الجماعة.
والمستور -ويقال: المستورد- ابن عباد الهنائي، ثقة أخرج له النسائي.
وعبد الله بن عمرو القاري أخطأ البعض، فسمّاه عبد الرحمن بن عمرو القاري، والصواب ما أثبتناه.
• عن جويرية بنت الحارث، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: أصُمْتِ أمسِ؟ قالت: لا. قال: تريدين أن تصومي غدًا؟ قالت: لا. قال: "فأفطري".
وقال حمّاد بن الجعد سمع قتادة حدثني أبو أيوب: أن جويرية حدَّثته فأمرها، فأفطرتْ.
صحيح: رواه البخاريّ في الصوم (1986) من طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن جويرية بنت الحارث، فذكرته.
قوله: "وقال حماد بن الجعد
…
إلخ".
قال الحافظ: "وصله أبو القاسم البغوي في "جمع حديث هدبة بن خالد" قال: حدّثنا هدية، حدّثنا حماد بن الجعد، سئل قتادة عن صيام النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: حدثني أبو أيوب، فذكره.
وقال في آخره: "فأمرها فأفطرت". وحمّاد بن الجعد فيه لين.
• عن عبد الله بن عمرو: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمة في يوم الجمعة. فقال لها: "أصمتِ أمس؟ ". فقالت: لا. قال: أتريدين أن تصومي غدًا؟ ". فقالت: لا. قال: "فأفطري إذًا".
صحيح: رواه أحمد (6771) عن محمد بن جعفر، حدّثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث، فذكر الحديث.
وسعيد هو ابن أبي عروبة، وقد اختلط في آخره. ومحمد بن جعفر ممن سمع منه بعد الاختلاط، ولكنه لم ينفرد، بل رواه عدد عن سعيد بن أبي عروبة.
منهم: عبدة بن سليمان عنه. ومن طريقه رواه ابن خزيمة (2162)، وابن حبان (3611).
ومنهم: خالد بن الحارث عنه. ومن طريقه رواه أيضًا ابن خزيمة (2162).
ومنهم: بشر بن المفضل عنه. ومن طريقه رواه النسائي في "الكبرى"(2753).
ومنهم: ابن عدي وعبد الأعلى عنه. ومن طريقهما أخرجه أيضًا ابن خزيمة (2164).
ومن هؤلاء من سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط، فمتابعة بعضهم لبعض يدل على أنه لم يختلط في هذا الحديث.
ولكن يرى الحافظ ابن حجر أنّ طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب. وهو المراغي الأزدي -، عن جويرية محفوظ لمتابعة همام وحماد بن سلمة، عن قتادة بخلاف حديث سعيد بن أبي عروبة، عن
قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية، فذكره.
ثم قال: ويحتمل أن تكون طريق سعيد محفوظة أيضًا، فإنّ معمرًا رواه عن قتادة، عن سعيد بن المسبب أيضًا. لكن أرسله. انظر:"الفتح"(4/ 234).
قلت: هذا المرسل رواه عبد الرزاق (7804)، وزيادة الثقة مقبولة، وإنّ قتادة كثير الرواية، فلعله روي مرة هكذا وأخرى هكذا، وكلّه صحيح.
• عن بشير بن الخصاصية أنه سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصوم يوم الجمعة، ولا أكلِّم ذلك اليوم أحدًا؟ . فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:"لا تصم يوم الجمعة إلّا في أيام هو أحدها، أو في شهر. وأما أن لا تكلّم أحدًا، فلعمري لأن تكلِّم بمعروف، وتنهى عن منكر خير من أن تسكت".
صحيح: رواه الإمام أحمد (21954)، والطبراني في "الكبير"(2/ 31)، وعبد بن حميد (428)، والبيهقي (10/ 75 - 76) كلّهم من طريق عبيد الله بن إياد بن لقيط، قال: سمعت إياد بن لقيط يقول: سمعت ليلى امرأة بشير تقول: أخبرني بشير، فذكره.
وإسناده صحيح. وامرأة بشير صحابية كان اسمها جهدمة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلى، وقد مضى لها حديث في النهي عن صوم الوصال.
وفي الباب ما رُوي عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا يوم الجمعة وحده".
رواه أحمد (2615) عن عتّاب بن زياد، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله ابن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
والحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ضعيف باتفاق أهل العلم.
روي عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا الدرداء لا تختص ليلة الجمعة بقيام دون الليالي، ولا يوم الجمعة بصيام دون الأيام".
رواه أحمد (27507)، والنسائي في "الكبري"(2752)، وابن أبي شيبة (3/ 45) كلّهم من حديث عاصم الأحول، عن محمد بن سيرين، عن أبي الدرداء، فذكره.
إلا أن محمد بن سيرين لم يسمع من أبي الدرداء؛ لأنه ولد لسنتين بقينا من خلافة عثمان، وتوفي أبو الدرداء في آخر خلافة عثمان، ثم هو كان في البصرة وأبو الدرداء كان في الشام كما قال أبو حاتم. قال بهذه الأحاديث جمهور أهل العلم بأن تخصيص يوم الجمعة للصوم مكروه. وقال مالك: لا يكره.
وفي "الموطأ" في باب جامع الصيام، قال يحيي: سمعتُ مالكًا يقول: لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه، ومن يُقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه".