الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الرابع: الذبح، والإطعام، والصوم كلها حيث شاء، وهو قول إبراهيم، ومجاهد في رواية، ومالك، وعزاه الحافظ لأكثر التابعين، وهذا القول هو الصحيح، واختاره ابن جرير؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يأمر كعب بن عجرة أن يجعل شيئًا من ذلك في الحرم، والآية مطلقة أيضًا، فمن قيَّد؛ فعليه الدليل، والله أعلم.
ثم وجدت أثرًا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنَّ ولده الحسين اشتكى رأسه وهو محرم، فأمر علي به، فحلق، ثم نحر بدنة. أخرجه ابن جرير في [آية:196] من سورة البقرة، ومالك (1/ 388)، والبيهقي (5/ 218) بإسناد صحيح، قال ابن حزم: ولا نعلم لهما من الصحابة مخالفًا.
(1)
مسألة [11]: تقليم الأظفار
.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 388): قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِ أَظْفَارِهِ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِأَخْذِهَا فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادٍ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ بِفِدْيَةٍ. اهـ المراد.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله (7/ 133): إن صحَّ هذا الإجماع؛ فلا عذر في مخالفته، بل يتبع، وإن لم يصح؛ فإنه يبحث في تقليم الأظفار كما بحثنا في حلق بقية الشعر. اهـ
وقال: وتقليم الأظفار لم يرد فيه نصٌّ قرآني، ولا نبوي، لكنهم قاسوه على حلق
(1)
انظر: «تفسير القرطبي» (2/ 385)، «المحلى» (7/ 213)، «الفتح» (1818)«تفسير ابن جرير» .
الشعر بجامع الترفُّه، وإذا كان داود ينازع في حلق بقية الشعر الذي بالجسم في إلحاقها بالرأس؛ فهنا من باب أولى، ولهذا ذكر في «الفروع» أنه يتوجه احتمال أن لا يكون من المحظورات بناءً على القول بأن بقية الشعر ليس من المحظورات. اهـ
قلتُ: وذكر ابن حزم في «المحلى» (7/ 246) أثرًا صحيحًا عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو في «المصنف» لابن أبي شيبة (4/ 203)، أنه قال في المحرم ينكسر ظفره: إذا آذاك؛ فارم به عنك.
ثم قال ابن حزم رحمه الله (7/ 248): وهو قول عكرمة، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وحماد بن أبي سليمان، ليس منهم أحدٌ جعل في ذلك شيئًا. اهـ
قلتُ: يعني أنهم لم يوجبوا الفدية، ولكن الآثار عنهم فيمن انكسر ظفره فآذاه، كما في «المصنف» (4/ 203)، والصحيح: أنه ليس عليه فدية؛ لعدم وجود نص، أو إجماع على ذلك، والله أعلم.
والأخذ بالإجماع الذي ذكره ابن المنذر أولى، ويدل عليه ما تقدم ذكره في الآية:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، فقد فسَّر جمع من الصحابة والتابعين قضاء التفث بإزالة شعر الإبط، وقص الشارب، وقص الأظفار، وحلق العانة، ونحو ذلك.
(1)
(1)
وانظر: «المغني» (5/ 388)، «المحلى» (891)، «الشرح الممتع» (7/ 132 - ).