الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: من مات وعليه حجٌّ واجبٌ
.
• من مات وعليه حجٌّ واجب؛ وجَبَ أن يُحَجَّ عنه من ماله كاملًا، وهو قول الحسن، وعطاء، وطاوس، وأحمد، والشافعي، والظاهرية، وعزاه ابن حزم للجمهور.
واستدلوا بحديث الباب، وبحديث ابن عباس رضي الله عنهما، عند النسائي (5/ 116 - 117) بإسناد صحيح أنَّ امرأة سألت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن أبيها مات ولم يحجَّ؟ قال:«حُجِّي عن أبيك» ، وبقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:11]، ودين الله أحقُّ بالوفاء.
• وذهب مالك، وأبو حنيفة إلى أنه يسقط عنه؛ إلا أن يوصي به فيخرج من الثلث، ورُوي عن الشعبي، والنخعي؛ لأنه عبادة بدنية، فتسقط بالموت كالصلاة.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب القول الأول، وهو عبادة تدخله النيابة؛ فلم يسقط، بخلاف الصلاة، ورجَّح هذا القول الإمام ابن باز، والإمام العثيمين رحمة الله عليهما.
(1)
مسألة [2]: هل يجوز أن يحج عن الميت حج تطوع
؟
• أما إذا أوصى الميت بذلك فذهب أكثر الفقهاء إلى أنه يحج عنه، وهو مذهب مالك، وأحمد، وأبي حنيفة، والأصح عند الشافعية.
• وعند الشافعية وجهٌ بعدم ذلك.
• وأما إذا لم يوص فلا خلاف عند الشافعية في المنع من ذلك، وكره ذلك مالك، وإن فعل صح ذلك عنده.
• ومذهب أحمد وأبي حنيفة: جواز الإهداء في ثواب جميع العبادات البدنية.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الحج عبادة بدنية ومالية؛ فيجوز فيها النيابة، وإن كان تطوعًا، وكما جاز لو وصى؛ فيجوز إذا لم يوصِّ بذلك، والله أعلم.
(2)
مسألة [3]: من أناب غيره بالحج، فمن أين يحج عنه
؟
• هذه المسألة فيها أقوال:
الأول: من بلده، أو الموضع الذي أيسر فيه، وهو قول الحسن، وأحمد،
(1)
انظر: «المغني» (5/ 38)، «المجموع» (7/ 112)، «المحلَّى» (818)، «فتاوى اللجنة» (11/ 101)، «القِرَى لقاصد أم القرى» (ص 80)، «الشرح الممتع» (7/ 48).
(2)
انظر: «الروضة» (3/ 13)، «المجموع» (7/ 112، 114)، «الحاوي» (4/ 17، و 264، و 279)، «مجموع الفتاوى» (24/ 322).
وإسحاق، ومالك في النذر؛ لأنه يجب على العاجز أو الميت من ذلك المكان؛ فوجب أن يُناب عنه منه.
الثاني: قال عطاء في الناذر: إن لم يكن نوى مكانًا؛ فمن ميقاته، واختاره ابن المنذر.
الثالث: قال الشافعي: يستأجر من يحج عنه من الميقات؛ لأنَّ الإحرام لا يجب من دونه.
قلتُ: وهذا القول هو الصواب -أعني قول الشافعي- ولا يشترط أن يكون من نفس ميقات الميت، بل ينوبه من ميقات البلدة التي يقيم بها النائب، وهو ترجيح الإمام ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (5/ 39)، «الشرح الممتع» (7/ 39 - 40).
700 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ الحِنْثَ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، ثُمَّ أُعْتِقَ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ، وَالمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.
(1)
(1)
الراجح وقفه. أخرجه البيهقي (4/ 325)(5/ 179)، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (3050) وغيره من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس مرفوعًا.
قال البيهقي (5/ 179): تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة، ورواه غيره عن شعبة موقوفًا، وكذلك رواه سفيان الثوري عن الأعمش موقوفًا وهو الصواب. اهـ
قلتُ: وممن رواه عن شعبة موقوفًا عبدالوهاب بن عطاء عند البيهقي (4/ 325)، وابن أبي عدي عند ابن خزيمة (3050)، ثم قال ابن خزيمة: هذا علمي هو الصحيح بلا شك.
قلتُ: وممن رواه عن الأعمش موقوفًا أبومعاوية وهو أثبت الناس في الأعمش كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (4/ 445) فعزو الحافظ المرفوع إلى ابن أبي شيبة يعتبر وهمًا، فلم يخرجه إلا موقوفًا.
ورواه الشافعي في «مسنده» (1/ 283) من طريق أبي السفر عن ابن عباس موقوفًا.
فالصواب أن الحديث موقوف على ابن عباس والله أعلم.
وله شاهد من مراسيل محمد بن كعب القرظي، أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 444) وأبوداود في «المراسيل» (134) ولا يصلح للاستشهاد؛ لأن محمد بن كعب روايته عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- معضلة، والراوي عنه رجل لم يسم. وله شاهد من حديث جابر عند البيهقي (5/ 179)، وفي إسناده حرام ابن عثمان وهو متروك.