الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: ومن هذه الأحاديث: حديث ابن مسعود في «الصحيحين»
(1)
أنه جعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ورمى من بطن الوادي، وقال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» (1750): الأفضل الرمي من بطن الوادي، ومن حيث رماها جاز بالإجماع. اهـ
مسألة [150]: حكم الهدي على المتمتع والقارن
.
قوله: «ثم انصرف إلى المنحر، فنحر» .
في هذا الحديث بيان أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أهدى، وهذا الهدي واجبٌ في حق المتمتع؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: أي: إذا تمكنتم من أداء المناسك، فمن كان منكم مُتَمتِّعًا بالعُمرة إلى الحج، وهو يشمل من أحرم بهما، أو أحرم بالعمرة أولًا، فلما فرغ منها أحرم بالحج، وهذا هو التمتع الخاص، وهو المعروف في كلام الفقهاء، والتمتع العام يشمل القسمين، كما دلت عليه الأحاديثُ الصحاح؛ فإنَّ من الرُّواة من يقولُ: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخر يقول: قَرَن. ولا خلاف أنّه ساق الهدي. اهـ
قلتُ: يشير الحافظ ابن كثير رحمه الله إلى أنَّ الهدي واجبٌ على المتمتع، والقارن،
(1)
أخرجه البخاري برقم (1750)، ومسلم برقم (1296).
فأما المتمتع فقد أجمع العلماء على أنه يجب عليه دمٌ؛ للآية المتقدمة، نقل الإجماع ابن المنذر، والنووي، وابن قدامة وغيرهم.
• وأما القارن: فذهب أكثر العلماء إلى أنه يجب عليه الهدي أيضًا؛ لأنه يطلق عليه (متمتع)، وقد أطلق جماعةٌ من الصحابة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه تمتع، ومن المعلوم أنه كان قارنًا، واستدلوا بفعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقوله:«خذوا عني مناسككم» .
• وذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى أنَّ الهدي لا يجب على القارن، وإنما هو مستحبٌّ، وهو قول شُريح، وداود الظاهري، وابنه، وابن حزم، ورُوي عن طاوس، وقالوا: لم يثبت دليلٌ على أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر من قرن بالهدي، واستدل ابن حزم أيضًا بحديث عائشة أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمرها أن تدخل الحج على العمرة، وصارت قارنة، ولم يأمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عائشة رضي الله عنها أن تُهدي، بل في «الصحيح»
(1)
أنها قالت: ولم يكن في ذلك هدي، ولا صوم، ولا صدقة. وجاء من قول عروة أيضًا.
قال أبو عبد الله غفر الله له: وهذا القول أقرب، والله أعلم؛ لأنَّ الآية:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الظاهر أن المقصود منها التمتع الخاص المعروف عند الفقهاء؛ لقوله في الآية: {بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ، فظاهرها أنَّ العمرة منفصلة، ثم يحل، ثم يحج، وأما القارن؛ فإن عمرته مع حجته، ولا يصح أن يقال فيها (إلى الحج).
(1)
أخرجه البخاري برقم (1786)، ومسلم برقم (1211)(115).