الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحكم المشترين بهم، وإن قالوا: ليبع التاجر قليلًا قليلًا، ففيه مشقة على المشتري التاجر، والبائع التاجر.
قال الشوكاني رحمه الله -معلِّقًا على قول صاحب «متن الأزهار» (وكامنٌ يدلُّ فرعُه عليه)، وكان يعدد البيوع الجائزة-: إن كانت هذه الدلالة بحيث تتميز عند البائع والمشتري، ويعرفان كيفيته، وكميته؛ كان ذلك خارجًا عن بيع الغرر المنهي عنه، وإن كانت هذه الدلالة قاصرة؛ فلا يحل حتى يخرج ذلك الكامن من الأرض، ويحصل الاطلاع عليه، ومعرفته بالكُنه، ومن جوَّز ذلك مُسْتَدِلًّا بما جرت عليه عادة الناس فلم يُصِبْ؛ فإنَّ مثل ذلك لا يصلح لتخصيص الأدلة. اهـ
(1)
مسألة [3]: البيع بسعر السوق
.
• فيه خلاف بين أهل العلم: فالجمهور على عدم صحة البيع؛ لأجل الجهالة. قال ابن حزم رحمه الله: لا يصح البيع وكله باطل؛ لأنه بيع غرر، وأكل مالٍ بالباطل؛ لأنه لم يصح فيه التراضي، ولا يكون التراضي إلا بمعلوم المقدار، وقد يرضى لأنه يظن أنه يبلغ ثمنًا مَا، فإذا بلغ أكثر لم يرض المشتري، وإن بلغ أقل لم يرض البائع. اهـ
• ووجهٌ عند الشافعية حكاه الرافعي، ووصفه النووي بأنه وجهٌ شاذٌّ ضعيفٌ، وهو اختيار شيخ الإسلام، وابن القيم على صحة البيع.
(1)
انظر: «مجموع الفتاوى» (29/ 486)، «زاد المعاد» (5/ 820 - )، «رد المحتار» (5/ 53)، «السيل الجرار» (3/ 29)، «الشرح الممتع» (8/ 174)، «المحلى» (1427)، «المغني» (6/ 161)، «الأوسط» (10/ 43).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهو أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، وقد نصَّ أحمد على هذه المسألة ونحوها. اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في «بدائع الفوائد» (4/ 50 - 51): إذا قال: (بعتك هذه السلعة) ولم يُسَمِّ الثَّمَنَ، أجاب أبو الخطاب: لا يصح البيع، وإذا قبض السلعة فهي مضمونة عليه. وجواب شيخنا ابن تيمية صحة البيع بدون تسمية الثمن، فانصرافه إلى ثمن المثل كالنكاح، والإجارة كما في دخول الحمام، ودفع الثوب إلى القصار، والغسال، واللحم إلى الطباخ، ونظائره؛ فالمعاوضة بثمن المثل ثابتة بالنص والإجماع في النكاح، وبالنص في إجارة المرضع في قوله تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:6]، وعمل الناس قديمًا وحديثًا عليه في كثير من عقود الإجارة، وكذلك البيع بما ينقطع به السعر وهو بيع بثمن المثل، وقد نص أحمد على جوازه، وعمل الأمة عليه.
قال: والمحرِّمُون له لا يكادون يخلصون منه؛ فإن الرجل يعامل اللَّحام، والخباز، والبقال، ويأخذ كل يوم ما يحتاج إليه من أحدهم من غير تقدير ثمن المثل الذي ينقطع به، وكذلك جرايات الفقهاء وغيرها، فحاجة الناس إلى هذه المسألة تجري مجرى الضرورة، وما كان هكذا لا يجيء الشرع بالمنع منه البتة، كيف وقد جاء جوازه في العقد الذي الوفاء بموجبه أوكد من غيره من العقود. اهـ
قلتُ: وما رجحه شيخ الإسلام، وابن القيم هو الصحيح، ويشترط أن تكون الأسعار منضبطة، لا مختلفة حتى لا يحصل الغرر، وبالله التوفيق.