الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
778 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَعَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الجَمَلِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: بيع المياه
.
المياه على أقسام:
القسم الأول: الماء الْمُحاز في قربة، أو خزَّان، فهذا قد تملكه الإنسان، ويجوز له البيع عند عامة أهل العلم؛ لأنه قد تعب في حرزه، وأدخله في ملكه.
واستدلوا عليه بما أخرجه البخاري (1471)، من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه، مرفوعًا:«لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة من حطب، فيبيعها، فيكف بها وجهه؛ خير له من أن يسأل الناس» ، فأجاز بيع الحطب عند أن حازه، والمسلمون شركاء في الماء، والكلأ، والنار. ومثله حديث علي في «الصحيحين»
(2)
أنه جمع إذخرًا ليبيعه من الصَّواغين؛ فيستعين به في وليمة عرسه.
وقد قال ابن قدامة رحمه الله: إن جوازه بلا خلاف.
وقد بيَّن الإمام ابن عثيمين في «شرح البلوغ» (3/ 528) أن عموم الحديث مخصوص بالقياس السابق.
(3)
(1)
أخرجه مسلم برقم (1565).
(2)
أخرجه البخاري برقم (2089)، ومسلم برقم (1979).
(3)
انظر: «المغني» (6/ 146 - 147)«نيل الأوطار» (2400)«زاد المعاد» (5/ 799).
القسم الثاني: الأودية الكبيرة، والأنهار العظيمة، مثل نهر النيل، ودجلة، والفرات مثلًا، فهذه لا يجوز قط امتلاكها، ولا بيع الماء منها؛ لأنَّ الناس شركاء فيها.
قال ابن القيم رحمه الله في «الزاد» (5/ 799) في القسمين الأولين: وليس هذا محل النهي بالضرورة يعني القسم الأول ولا محل النهي أيضًا بيع مياه الأنهار الكبار المشتركة بين الناس؛ فإنَّ هذا لا يمكن منعها والحجر عليها. اهـ
القسم الثالث: الأنهار الصغيرة، والعيون النابعة من المرتفعات، والمياه المنتقعة من الأمطار إذا اجتمعت في أرضٍ مباحة، فهذه المياه يشترك فيها الناس، ولا يجوز بيعها؛ فالأحق بها الأول، يسقي زرعه إلى الكعبين، ثم يرسل الماء إلى جاره، ودليله حديث الزبير:«اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك» ، ودليل بلوغ الماء إلى الكعبين:«اسق حتى يرجع الماء إلى الجدر»
(1)
، وقد قاسوه ببلوغ الكعبين.
القسم الرابع: الآبار، والعيون النابعة من أرضٍ مملوكة.
أما البئر، وأرض العين؛ فهي مملوكة لمالك الأرض، واختلفوا في الماء الذي فيها هل يكون مملوكًا أم لا؟
• فعن أحمد رواية -وهو الأصح في مذهب الشافعية- أنَّ الماء أيضًا مملوك له، وهو قول مالك.
(1)
رواه البخاري (2359)، ومسلم (2357).
• والرواية الأخرى عن أحمد وهو ظاهر مذهب الحنابلة، وقول بعض الشافعية أنَّ الماء ليس بمملوك، ولا يجوز بيعه، وهذا ترجيح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «شرح البلوغ» ؛ لأنَّ جريان الماء ليس من فعل صاحب الأرض، بل من فضل الله عز وجل، وهذا القول هو الصواب، إلا أن صاحب البئر الذي تعب في إصلاحه، وإعداده له أن يأخذ مقابل ذلك، لاسيما إن كان النزع بآلات حديثة مكلفة، والله أعلم.
ويقول أهل العلم: هو أحق بهذا الماء، فيأخذ قدر كفايته، ولا يمنع الفضل منه، وهل يلزم الاستئذان منه؟ فيه خلاف.
ورجَّح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عدم وجوب الاستئذان، وقال: نقول للداخل لا يلزمك أن تستأذن إلا إذا كنت تخشى الفتنة؛ فإن خشي الفتنة من صاحب الأرض، فنقول: لا تدخل حتى تستأذن. اهـ من «شرح البلوغ» (3/ 528).
ورجَّح ابن القيم، والصنعاني أيضًا عدم وجوب الاستئذان؛ إلا أن يكون في بنيان.
(1)
قال أبو عبد الله غفر الله له: وعُلِم مما سبق أنَّ العين هذه، أوهذه البئر إذا كانت لا تكفي لحاجة الإنسان اليومية؛ فيجوز لصاحبها أن يمنع من أتى ليأخذ من الماء؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنما نهى عن بيع فضل الماء، وأين الفضل في هذه
(1)
وانظر: «المغني» (6/ 145 - 146)، «الإنصاف» (4/ 278 - 279)، «الفتح» (2353)، «السبل» (3/ 25)، «زاد المعاد» (5/ 800)، «شرح مسلم» (10/ 229).