الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
789 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّجْشِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: تعريف النجش، وحكمه
.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (النَّجْش) بِفَتْحِ النُّونِ، وَسُكُون الْجِيمِ بَعْدَهَا مُعْجَمَة، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: تَنْفِيرُ الصَّيْد وَاسْتِثَارَتُهُ مِنْ مَكَانِهِ؛ لِيُصَادَ، يُقَالُ: نَجَشْتُ الصَّيْد أَنْجُشُهُ بِالضَّمِّ نَجْشًا. وَفِي الشَّرْعِ: الزِّيَادَة فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيَقَع غَيْرُهُ فِيهَا، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاجِشَ يُثِيرُ الرَّغْبَةَ فِي السِّلْعَةِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْإِثْمِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ؛ فَيَخْتَصُّ بِذَلِكَ النَّاجِشُ، وَقَدْ يَخْتَصُّ بِهِ الْبَائِعُ، كَمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ اِشْتَرَى سِلْعَة بِأَكْثَر مِمَّا اِشْتَرَاهَا بِهِ؛ لِيَغُرّ غَيْره بِذَلِكَ. انتهى المراد.
حكمه: حرامٌ بالإجماع، نقله ابن بطال كما في «الفتح» (2142)، وابن عبد البر كما في «التمهيد» (12/ 290).
مسألة [2]: ما حكم البيع إذا حصل فيه نجش
؟
• من أهل العلم من قال ببطلان البيع، وهو مذهب الظاهرية، ورواية عن مالك، ورواية عن أحمد؛ لأنَّ النهي يقتضي الفساد، وهو اختيار البخاري، وعزاه ابن المنذر إلى طائفة من أهل الحديث.
(1)
أخرجه البخاري (2142)، ومسلم (1516).
• وذهب أكثر أهل العلم -كما ذكر ابن قدامة- إلى صحة البيع، وهو قول أحمد، وظاهر مذهب الحنابلة عليه، وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي؛ وذلك لأنَّ النهي عائدٌ إلى النجش، لا إلى أصل البيع، واختار هذا القول الإمام ابن عثيمين.
وقال الحافظ رحمه الله: والمشهور عن المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار، وهو وجهٌ للشافعية. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: القول الثاني هو الأقرب.
ولكن إذا حصل غبن للمشتري غير يسير؛ فله الخيار، وهو قول الحنابلة، وخصَّ ذلك بعض الشافعية فيما إذا كان النجش بعلم البائع.
(1)
تنبيه: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (2142): وَقَدْ اِتَّفَقَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَفْسِير النَّجْش فِي الشَّرْعِ بِمَا تَقَدَّمَ، وَقَيَّد اِبْن عَبْد الْبَرّ، وَابْن الْعَرَبِيِّ، وَابْن حَزْم التَّحْرِيم بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة فَوْقَ ثَمَن الْمِثْل.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا رَأَى سِلْعَةَ رَجُلٍ تُبَاعُ بِدُونِ قِيمَتِهَا، فَزَادَ فِيهَا؛ لِتَنْتَهِيَ إِلَى قِيمَتِهَا؛ لَمْ يَكُنْ نَاجِشًا عَاصِيًا، بَلْ يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ بِنِيَّتِهِ.
وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إِذْ لَمْ تَتَعَيَّنْ النَّصِيحَة فِي أَنْ يُوهِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ الشِّرَاء وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِهِ، بَلْ غَرَضُهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى
(1)
وانظر: «المغني» (6/ 305)، «الفتح» (2142)، «التمهيد» (12/ 290 - 291).
مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاء أَكْثَرَ مِمَّا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ، فَلِلَّذِي يُرِيدُ النَّصِيحَة مَنْدُوحَة عَنْ ذَلِكَ أَنْ يُعْلِمَ الْبَائِع بِأَنَّ قِيمَةَ سِلْعَتِك أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ هُوَ بِاخْتِيَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. انتهى المراد.
وقد اختار الصنعاني، والشوكاني قول الأكثر، وتابعوا الحافظَ على ما ذكر.