الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [3]: هل عليه فدية إذا لبس السراويل
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 120): وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِمَا عِنْدَ ذَلِكَ، فِي قَوْلِ مَنْ سَمَّيْنَا، إلَّا مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ قَالَا: عَلَى كُلِّ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ الْفِدْيَةُ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ. اهـ
قلتُ: وهذا يدل على أنَّ مالكًا، وأبا حنيفة يريان منع المحرم من لبس السراويل مطلقًا كما تقدم، ولذلك ألزماه بالفدية إذا احتاج إليه.
والصواب هو مذهب الجمهور بأنه ليس عليه فدية؛ لحديث ابن عباس المتقدم، وهو صريحٌ في الإباحة، ظاهرٌ في إسقاط الفدية؛ لأنه أمر بلبسه ولم يذكر فدية، وحديث ابن عمر مخصوصٌ بحديث ابن عباس، وجابر.
مسألة [4]: إذا لبس السراويل فهل عليه فتقها حتى تصير كالإزار
؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (1841): والأصح عند الشافعية، والأكثر جواز لبس السراويل بغير فتق، كقول أحمد، واشترط الفتق محمد بن الحسن، وإمام الحرمين وطائفة. اهـ
والصواب ما ذهب إليه أحمد، وأكثر الشافعية؛ لعدم وجود دليل على اشتراط الفتق، والله أعلم.
مسألة [5]: إذا لبس الخفين، فهل يلزمه أن يقطعهما من أسفل الكعبين
؟
دلَّ حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي في الباب على أنه يقطعهما، وليس للقطع ذِكْرٌ
في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في «الصحيحين» ، وفي حديث جابر في «مسلم» ، وقد تقدما.
قال النووي رحمه الله في «شرح مسلم» (8/ 74 - 75): وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، فَقَالَ أَحْمَد: يَجُوز لُبْس الْخُفَّيْنِ بِحَالِهِمَا، وَلَا يَجِب قَطْعهمَا؛ لِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس، وَجَابِر. وَكَانَ أَصْحَابه يَزْعُمُونَ نَسْخ حَدِيث اِبْن عُمَر الْمُصَرِّح بِقَطْعِهِمَا، وَزَعَمُوا أَنَّ قَطْعهمَا إِضَاعَة مَال.
وَقَالَ مَالِك، وَأَبُو حَنِيفَة، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء: لَا يَجُوز لُبْسهمَا إِلَّا بَعْد قَطْعهمَا أَسْفَل مِنْ الْكَعْبَيْنِ؛ لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر، قَالُوا: وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس وَجَابِر مُطْلَقَانِ، فَيَجِب حَمْلهمَا عَلَى الْمَقْطُوعَيْنِ، لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر؛ فَإِنَّ الْمُطْلَق يُحْمَل عَلَى الْمُقَيَّد، وَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة.
وَقَوْلهمْ: إِنَّهُ إِضَاعَة مَال لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِضَاعَة إِنَّمَا تَكُون فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ الشَّرْع بِهِ فَلَيْسَ بِإِضَاعَةٍ، بَلْ حَقّ يَجِب الْإِذْعَان لَهُ، وَاَللهُ أَعْلَم. اهـ
قلتُ: وقال بقول أحمد: عطاء، وعكرمة، وسعيد القداح، وهوقريب؛ لأنَّ حديث ابن عباس، وجابر كان بعرفات، ولو كان واجبًا؛ لبيَّنه للناس، وحديث ابن عمر كان في المدينة في مسجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما جاء في بعض ألفاظه.
والعمل بقول الجمهور أحوط؛ خروجًا من الخلاف، والله أعلم.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (5/ 121 - 122).