الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج أيضًا عن جابر رضي الله عنه، أنه لم ير بها بأسًا، وقال: ليس فيها هدي. وهو من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر به.
وإسناده ضعيف؛ لأن ابن جريج، وأبا الزبير مدلسان، ولم يصرحا بالسماع.
وأسند ابن أبي شيبة (13182) عن ابن عمر بإسنادٍ صحيحٍ، أنه سئل عن العمرة بعد الحج، فقال: إن أناسا يفعلون ذلك، ولأن أعتمر في غير ذي الحجة، أحب إلي من أن أعتمر في ذي الحجة. وأسند عن عطاء وطاوس ومجاهد كراهة ذلك.
(1)
قال أبو عبد الله غفر الله له: لم يفعل ذلك الصحابة في عهده عليه الصلاة والسلام؛ سوى عائشة لما شكت من رجوع الناس بنسكين، ورجوعها بنسك؛ فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالأقرب أنه مشروع.
والأفضل في العمرة أن تكون بسفر خاص بها، وأما تكرار العمرة من التنعيم في كل يوم، أو في كل يومين، أو في كل أسبوع؛ فهذا العمل ليس منه السنة، ولم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه.
مسألة [7]: هل وجوب الحج على الفور، أم على التراخي
؟
• في المسألة قولان:
الاول: أنَّ وجوبه على الفور في عامِهِ الذي استطاع فيه الحج، وهذا مذهب أحمد، ومالك، وأبي يوسف، والمزني، والحنفية، والظاهرية.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
(1)
«مصنف ابن أبي شيبة» (4/ 306).
سَبِيلًا} [آل عمران:97]، والأمر يقتضي الفور؛ مالم يقترن بقرينة تدلُّ على التراخي على الأصح في علم الأصول.
وبقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من أراد الحج فليتعجَّل» ، وهو حديث حسن بطريقيه، أخرجه أحمد (1/ 214، 225)، وأبو داود (1732)، وابن ماجه (2883)، والدارمي (1784)، والحاكم (1/ 448)، والبيهقي (4/ 339 - ) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَلِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ، كَالصِّيَامِ، وَلِأَنَّ وُجُوبَهُ بِصِفَةِ التَّوَسُّعِ يُخْرِجُهُ عَنْ رُتْبَةِ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى غَيْرِ غَايَةٍ وَلَا يَأْثَمُ بِالمَوْتِ قَبْلَ فِعْلِهِ؛ لِكَوْنِهِ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ وَلَيْسَ عَلَى المَوْتِ أَمَارَةٌ يَقْدِرُ بَعْدَهَا عَلَى فِعْلِهِ. اهـ
الثاني: أنَّ وجوبه موسعٌ وله تأخيره، وهو قول الشافعي وأصحابه، والأوزاعي، والثوري، ومحمد بن الحسن، وهو قول بعض الحنابلة. واستدلوا على ذلك بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حجَّ في السنة العاشرة، وقالوا: وجوب الحج كان في السنة السادسة؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196]، وهذه الآية نزلت في السنة السادسة؛ لأنها نزلت في كعب بن عجرة يوم الحديبية، وكذلك حج بالناس في السنة التاسعة أبو بكر رضي الله عنه.
قال أبو عبد الله غفر الله له: القول الأول أقرب، والله أعلم.
وقد أجاب الإمام ابن عثيمين رحمه الله على أدلتهم فقال: وأما الاستدلال بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فغير صحيح؛ لأنَّ هذا ليس أمرًا بهما ابتداءً، ولكنه
أمرٌ بالإتمام بهما، وفرق بين الابتداء والإتمام، وأما فرض الحج فالصواب أنه في السنة التاسعة، ولم يفرضه الله تعالى قبل ذلك؛ لأنَّ فرضه قبل ذلك ينافي الحكمة، وذلك أنَّ قريشًا منعت الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من العمرة، فمن الممكن والمتوقع أن تمنعه من الحج، ومكة قبل الفتح بلاد كفر، ولكن تحررت من الكفر بعد الفتح، وصار إيجاب الحج على الناس موافقًا للحكمة، والدليل على أنَّ الحج فُرِض في السنة التاسعة أنَّ آية وجوب الحج في صدر سورة آل عمران، وصدر هذه السورة نزلت عام الوفود. اهـ
ثم ذكر أن سبب تأخيره عن السنة التاسعة أنَّ الوفود كثرت عليه في تلك السنة؛ ولذلك تُسَمَّى السنة التاسعة: عام الوفود، ولا شك أنَّ استقبال المسلمين الذين جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ ليتفقهوا في دينهم أمرٌ مهم، بل قد نقول: إنه واجبٌ على الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ ليبلغ الناس.
ثم ذكر من الأسباب أيضًا: احتمال أنه أرد تطهير البيت من المشركين والعرايا في ذلك العام الذي حج فيه أبو بكر.
قال ابن قدامة رحمه الله: ويحتمل أنه أخره بأمر الله تعالى؛ لتكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، ويصادف وقفته الجمعة، ويكمل الله دينه. اهـ.
(1)
(1)
انظر: «المجموع» (7/ 103)، «المغني» (5/ 36 - 37)، «المحلَّى» (911)، «الشرح الممتع» (7/ 17 - 18)، «القِرَى لقاصد أم القُرى» (ص 63 - )، «شرح المناسك من شرح العمدة لشيخ الإسلام» (1/ 198 - ).
695 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ:«الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وَالرَّاجِحُ إرْسَالُهُ.
(1)
696 -
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
(2)
(1)
ضعيف، والراجح إرساله. أخرجه الدارقطني (2/ 216)، والحاكم (1/ 442)، من طريق يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس به.
قال البيهقي بعد أن ذكر هذه الرواية: ولا أراه إلا وهما ثم ساق بإسناده الصحيح عن جعفر بن عون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرسلًا. ثم قال: هذا هو المحفوظ عن قتادة عن الحسن عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرسلًا، كذلك رواه يونس بن عبيد عن الحسن.
قلتُ: ويؤيد الإرسال أن أبا بكر القطيعي أخرج الحديث عن عبدالأعلى بن عبدالأعلى عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرسلًا، كما في «الإرواء» (4/ 161). وعبدالأعلى سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط.
وقال ابن عبدالهادي في «التنقيح كما في «الإرواء» (4/ 160 - 161): والصواب عن قتادة عن الحسن مرسلًا، وأما رفعه عن أنس فهو وهم هكذا قال شيخنا. اهـ قال الألباني: وهو ابن تيمية أو الحافظ المزي، والأول أقرب.
قلتُ: وقد توبع سعيد بن أبي عروبة، تابعه حماد بن سلمة عند الحاكم (1/ 442)، ولكن الراوي عن حماد هو أبو قتادة عبدالله بن واقد الحراني، وهو متروك؛ فلا عبرة بهذه المتابعة.
وبهذا البيان يتبين أن حديث أنس الراجح إرساله، وقد رجح ذلك الإمام الألباني رحمه الله.
وقد جاء الحديث عن جابر بن عبدالله عند الدارقطني (2/ 215)، وفي إسناده: محمد بن عبدالله بن عبيد بن عمير الليثي وهو متروك.
وجاء من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص عند الدارقطني (2/ 215) أيضًا، وفي إسناده محمد بن عبيدالله العرزمي وهو متروك، وتابعه ابنُ لهيعة وهو ضعيف.
وجاء من حديث عائشة رضي الله عنها، وليس بمحفوظ، علَّقه الدارقطني (2/ 216)، وفي إسناده: عتاب بن أعين، وهو الذي وهم فيه. وجاء من حديث ابن عمر وهو الذي سيأتي. انظر:«نصب الراية» (3/ 8)، و «التلخيص» (2/ 423)، و «الإرواء» (988).
(2)
ضعيف جدًّا. أخرجه الترمذي (813)، وفي إسناده إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك.