الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدعاوى، وهو:«البينة على المدعي، واليمين على من أنكر»
(1)
، ثم إذا كان كل منهما مُدَّعيًا ومًدَّعًا عليه؛ فإننا نجري ما قاله الفقهاء في أن يحلف كل واحدٍ منهما على نفي دعوى صاحبه وإثبات دعواه، وإذا وقع التحالف؛ فلكل واحد منهما الفسخ. اهـ المراد.
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: إذا اختلف البائع والمشتري في ثمن السلعة
؟
هذه المسألة لها حالان:
الحال الأولى: أن تكون السلعة باقية لم تستهلك، أو تتلف.
• فذهب الأكثر إلى أنهما يتحالفان ويترادان، فإن لم يحلف أحدهما قضي عليه، وهو قول شريح، وابن سيرين، وحماد، وهو مذهب أحمد، والشافعي، وإسحاق، والثوري، وأبي حنيفة، ومالك في رواية. ويجوز على هذا القول فسخ البيع بدون أيمان؛ إذا رضيا بذلك.
وصورة ذلك: أن يقول البائع: والله ما بعت السلعة إلا بكذا. ويقول المشتري: والله ما اشتريتها إلا بكذا. فإنْ تحالفا؛ فعلى المشتري أن يرد السلعة؛ لأنَّ كليهما مُدَّعٍ ومُدَّعَى عليه.
• وذهب أبو ثور، وزُفر، ومالك في رواية إلى أنَّ القول قول المشتري مع يمينه؛ لأنَّ البائع يدَّعي مبلغًا زائدًا ينكره المشتري، والقول قول المنكر.
(1)
سيأتي تخريجه في «البلوغ» رقم (1407).
• وذهب ابن مسعود
(1)
، والشعبي، وأحمد في رواية إلى أنَّ القول قول البائع بدون يمين، أو يترادان البيع؛ وذلك لظاهر حديث ابن مسعود الذي في الباب.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع» : وهذا القول أقوى؛ لظاهر الحديث. اهـ، وعزاه لشيخ الإسلام في موطن آخر من شرحه. اهـ
• وفي المسألة قول ثالث: وهو أنه إن كان قبل القبض؛ تحالفا، وإن كان بعده فالقول قول المشتري، وهو قول مالك، وأحمد في رواية عنهما.
والصحيح عندي القول الأول، وحديث ابن مسعود مقيد، ومبين بحديث الدعاوى.
الحال الثانية: أن تكون السلعة قد تلفت، ففيه أقوال:
• القول الأول: القول قول المشتري مع يمينه، وهو قول شريح، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد، وقال به الليث، ومالك؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحديث:«والسلعة قائمة» ؛ فمفهومه أنه لا يشرع التحالف عند تلفها، ولأنهما اتفقا على نقل السلعة إلى المشتري، واستحقاق بعض الثمن، واختلفوا في الثمن الزائد، البائع يدعيها، والمشتري ينكرها، والقول قول المنكر.
• القول الثاني: أنهما يتحالفان، ويترادَّان، وهو مذهب الشافعي، ومحمد بن الحسن، وأشهب المالكي، وهو رواية عن مالك، وهو الأشهر عن أحمد، وهو
(1)
ثبت عنه القول بذلك في ضمن طرق الحديث المرفوع.
ظاهر اختيار شيخ الإسلام، قالوا: ويرد المشتري القيمة.
وحجَّة أصحاب هذا القول: أنَّ البائع لم يقر بخروج السلعة عن ملكه إلا بصفة لا يصدقه عليها المشتري، وكذلك المشتري لم يقر بخروج السلعة إلى ملكه إلا بصفة لا يصدقه عليها البائع، والأصل أنَّ السلعة للبائع؛ فلا تخرج عن ملكه إلا بيقينٍ من إقرارً، أو بينة، وإقراره منوط بصفةٍ لا سبيل إلى دفعها؛ لعدم بينة المشتري بدعواه؛ فحصل أنَّ كل واحدٍ منهما مُدَّعٍ، ومُدَّعىً عليه. وقالوا أيضًا: إذا كان التراد قد وجب بالتحالف والسلعة حاضرة؛ فيجب أيضًا بعد هلاكها؛ لأنَّ القيمة تقوم مقامها كسائر ما يفوت في البيوع.
ورجَّح الشيخ ابن عثيمين القول الثاني.
وهو الراجح فيما يظهر لي، والله أعلم.
(1)
تنبيه: إذا كانت السلعة تالفة وقومت على المشتري؛ فيلزمه القيمة عند من قال بذلك، وأكثرهم أطلق ذلك، سواء كانت القيمة أكثر مما ادَّعاه البائع، أو أقل مما ادَّعاه المشتري. وقال بعض أهل العلم: تُقَوَّم عليه، ولا يُعطى أكثر مما ادَّعاه البائع، ولا أقل مما أقر به المشتري، وهذا اختيار جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
(2)
(1)
انظر: «المغني» (6/ 278 - 282)، «التمهيد» (12/ 234 - ) ط/مرتبة، «الشرح الممتع» (8/ 346)(8/ 357)، «الإنصاف» (4/ 439)، «ابن أبي شيبة» (6/ 227)، «عبد الرزاق» (8/ 272)، «البيان» (5/ 358)، «الأوسط» (10/ 351).
(2)
انظر: «الإنصاف» (4/ 439)، «الشرح الممتع» (8/ 350).