الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَوَاهُ: فَإِنْ أَطَلَقَ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، تُجْزِئُهُ الْبَقَرَةُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخَبَرِ. وَالْأُخْرَى، لَا تُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَعْدَمَ الْبَدَنَةَ.
وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ، فَاشْتُرِطَ عَدَمُ الْمُبْدَلِ. وَالْأُولَى أَوْلَى؛ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّ مَا أَجْزَأَ عَنْ سَبْعَةٍ فِي الْهَدَايَا وَدَمِ الْمُتْعَةِ أَجْزَأَ فِي النَّذْرِ بِلَفْظِ الْبَدَنَةِ كَالْجَزُورِ.
مسألة [191]: حكم الاشتراك بالبدن والبقر
؟
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 459): وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ السَّبْعَةُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا، وَسَوَاءٌ أَرَادَ جَمِيعُهُمْ الْقُرْبَةَ، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَأَرَادَ الْبَاقُونَ اللَّحْمَ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ إذَا كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ كُلُّهُمْ، وَلَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يُرِدْ بَعْضُهُمْ الْقُرْبَةَ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ يَرُدُّ قَوْلَ مَالِكٍ.
وَلَنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الْجُزْءَ الْمُجْزِيَ لَا يَنْقُصُ بِإِرَادَةِ الشَّرِيكِ غَيْرَ الْقُرْبَةِ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ جِهَاتُ الْقُرْبِ، فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ الْمُتْعَةَ وَالْآخَرُ الْقِرَانَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَسِمُوا اللَّحْمَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازُ حَقٍّ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا.
مسألة [192]: ما هو سن الهدي المجزئ
؟
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 459): وَمَا لَزِمَ مِنْ الدِّمَاءِ، فَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ غَيْرِهِ. هَذَا فِي غَيْرِ جَزَاءِ الصَّيْدِ، فَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ، فَمِنْهُ جَفْرَةٌ وَعَنَاقٌ وَجَدْيٌ وَصَحِيحٌ وَمَعِيبٌ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ، مِثْلِ هَدْيِ
الْمُتْعَةِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ، وَهُوَ الَّذِي لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالثَّنِيُّ مِنْ غَيْرِهِ وَثَنِيُّ الْمَعْزِ مَا لَهُ سَنَةٌ، وَثَنِيُّ الْبَقَرِ مَا لَهُ سَنَتَانِ، وَثَنِيُّ الْإِبِلِ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ
(1)
، وَالزُّهْرِيُّ: لَا يُجْزِئُ إلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الْكُلِّ، إلَّا الْمَعْزَ.
وَلَنَا عَلَى الزُّهْرِيِّ مَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ بِلَالِ بِنْتِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَجُوزُ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً»
(2)
.
وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ مُجَاشِعٌ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَعَزَّتْ الْغَنَمُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «إنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مَا تُوفِي مِنْهُ الثَّنِيَّةُ» .
(3)
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ
(1)
صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (1/ 380)، ومن طريقه البيهقي (5/ 229) عن نافع، عن ابن عمر، كان يقول: في الضحايا والبدن الثني فما فوقه. وهذا إسنادٌ صحيحٌ.
(2)
ضعيف: أخرجه ابن ماجه (3139)، وأخرجه أيضًا أحمد (6/ 368)، من طريق محمد بن أبي يحيى، عن أمه، عن أم بلال بنت هلال، عن أبيها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره. وإسناده ضعيف؛ لجهالة أم بلال وأم محمد، واختلف الرواة في ذكر (عن أبيها)، فقد رواه بعضهم بدونها، كما في «مسند أحمد» (6/ 398)، و «الآحاد والمثاني» لابن أبي عاصم (3395)، والطبراني في «الكبير» (25/ 397)، وقد ضعفه الألباني في «الضعيفة» (65).
(3)
صحيح: أخرجه ابن ماجه (3140): حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا الثوري، عن عاصم بن كليب به. وإسناده صحيح. وقد أخرجه أبو داود (2799)، والنسائي (7/ 219)، وأحمد (5/ 368)، من طريق عاصم بن كليب، به.