الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [73]: حكم السَّعي بين الصفا والمروة
.
• في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أنه ركنٌ من أركان الحج والعمرة، وهو قول عائشة رضي الله عنها كما في «الصحيحين»
(1)
، وهو مذهب الشافعي، ومالك، وأحمد في رواية، وإسحاق، وأبي ثور، وداود، ورُوي عن مجاهد، والنخعي.
واستدلوا على ذلك بأمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- به كما في «الصحيحين»
(2)
عن ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه:«ومن لم يهد؛ فليطف بالبيت، وبالصفا، والمروة، ثم ليقصر» ، ومثله عن جابر في «الصحيحين»
(3)
، وكذلك عن أبي موسى عند أن قدم من اليمن، قال له النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«فطُف بالبيت، وبالصفا، والمروة، ثم حل»
(4)
، واستدلوا بحديث:«اسعوا؛ فإن الله كتب عليكم السَّعيَ»
(5)
، واستدلوا بفعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مع قوله:«خذوا عني مناسككم» .
الثاني: أنه واجبٌ وليس بركنٍ، وتركه يُجْبَرُ بدم، وهو قول الحسن، وقتادة، والثوري، وأبي يوسف، ومحمد، وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد، وحُكي عن
(1)
انظر: «البخاري» رقم (1643)، ومسلم رقم (1277).
(2)
أخرجه البخاري برقم (1691)، ومسلم برقم (1227).
(3)
أخرجه البخاري برقم (1568)، ومسلم برقم (1216)(143).
(4)
أخرجه البخاري برقم (1559)، ومسلم برقم (1221).
(5)
أخرجه أحمد (6/ 421 - 422)، من حديث حبيبة بنت أبي تجراه، وفي إسناده: عبدالله بن مؤمل، وهو ضعيف، وقد اضطرب في إسناد الحديث، وله طريق أخرى عند الدارقطني (2/ 255) بإسناد حسن؛ فالحديث حسن.
عطاء، واختاره ابن قدامة، واستدلوا بالأدلة المتقدمة.
الثالث: أنه سنة وليس بواجب، وهو قول ابن سيرين، وحُكي عن عطاء، وميمون بن مهران، ومجاهد، وصحَّ عن أنس، وابن عباس، وابن الزبير، وجاء عن أُبي بن كعب، وابن مسعود أنهما قرأا الآية:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِ ألَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، وفي كلا الأثرين ضعفٌ.
ولكن صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها كذلك، وهذا القول رواية عن أحمد، واستدلوا بالآية:{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
قال أبو عبد الله غفر الله له: القول الأول هو الصواب، وهو ترجيح الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليهما؛ للأدلة المذكورة، والواجب في العبادة شرطٌ في صحتها؛ إلا ما خصَّه الدليل.
وقد أجمعوا على أنَّ الطواف بالبيت ركنٌ -إلا خلافٌ شاذ- والدليل على ذلك أمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- به في الأدلة المتقدمة، فكما دلت تلك الأدلة على أن الطواف بالبيت ركنٌ؛ فكذلك الطواف بين الصفا والمروة ركنٌ، ومن فرَّقَ فعليه البرهان.
وأما القراءة: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ؛ فهي خلاف القراءة المتواترة، والقراءة المتواترة:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
والمقصود منها كما بينت عائشة رضي الله عنها: إباحة التطوف خلافًا لما ظنَّه بعض الصحابة من أنَّ التطوف بينهما من عمل الجاهلية. واسْتُفِيد أنه ركنٌ من أدلةٍ