الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
776 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: نَهَى عُمَرُ عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ فَقَالَ: لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا مَا بَدَا لَهُ، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ وَالبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: رَفَعَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَوَهِمَ.
(1)
777 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَنَا أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ، لَا يَرَى
(2)
بِذَلِكَ بَأْسًا. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(3)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: حكم بيع أمهات الأولاد
.
• ذهب أكثر أهل العلم إلى تحريم بيع أمهات الأولاد، وصحَّ المنع من ذلك
(1)
الراجح وقفه. أخرجه مالك (2/ 776)، والبيهقي (10/ 342 - 343)، وإسناده صحيح موقوفًا. قال البيهقي: وغلط فيه بعض الرواة فرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهو وهم لا يحل ذكره.
قلتُ: المرفوع أخرجه الدارقطني (4/ 134، 135)، من طريق: يونس بن محمد المؤدب، عن عبدالعزيز بن مسلم القسملي، ومن طريق: عبدالله بن جعفر، كلاهما عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، به مرفوعًا، وقد خالف يونسَ شيبانُ بن فروخ، فرواه عن القسملي موقوفًا، وخالف عبدَالله ابن جعفر مالكُ، وإسماعيلُ بن جعفر وغيرُهما، فرووه عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، به، موقوفًا.
قال الدارقطني رحمه الله في «العلل» (3083): وهو الصواب. اهـ، يعني وقفه على عمر.
(2)
في (ب): (نرى) وهو كذلك في أكثر مصادر الحديث.
(3)
صحيح. أخرجه النسائي في «الكبرى» (5039)(5040)، وابن ماجه (2517)، والدارقطني (4/ 135)، وابن حبان (4323)، كلهم من طريق ابن جريج، أخبرني أبوالزبير، أنه سمع جابر بن عبدالله يقول
…
فذكره. وإسناده صحيح على شرط مسلم.
عن عمر، وعثمان، وجاء عن عائشة رضي الله عنهم.
واستدلوا على ذلك بحديث عمر الذي في الباب، وقد جاء مرفوعًا، ولا يصح، واستدلوا بحديث ابن عباس مرفوعًا:«أيما أمة ولدت من سيدها؛ فهي حرَّةٌ عن دبر منه» ، أخرجه أحمد (1/ 303)، وابن ماجه (2515)، والدارقطني (4/ 131) وغيرهم، وفي إسناده: الحسين بن عبد الله الهاشمي، شديد الضعف.
واستدلوا بحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال في سريته أم إبراهيم: «أعتقها ولدها» أخرجه ابن ماجه (2516)، والدارقطني (4/ 131 - 132)، والحاكم (2/ 19)، وهو حديث ضعيفٌ أيضًا، في إسناده أيضًا الحسين بن عبد الله، وهو شديد الضعف، وفي بعض طرقه أيضًا: أبو بكر بن أبي سبرة مُتَّهَمٌ بالوضع، وأُعِلَّ بالوقف على عمر. كما في «الكبرى» للبيهقي (10/ 346 - 347)، وَقَدِ ادُّعِي الإجماع على عدم جواز بيع أمهات الأولاد، ولا يصح الإجماع، والخلاف مشهور.
• فقد ذهب قتادة، وداود، والمزني، والظاهرية إلى الجواز، وصحَّ جواز ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن الزبير رضي الله عنهم.
واستدل القائلون بالجواز بحديث جابر الذي في الباب، وبحديث أبي سعيد عند أحمد (11164) بلفظ:«كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، وفي إسناده: زيد بن الحواري العمي، وهو ضعيف، ولكنه صحيح بشاهده الذي قبله عن جابر رضي الله عنه.
وقد أجاب الجمهور عن حديث جابر بالنسخ، ومنهم من قال: ليس فيه أنَّ
النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اطلع على ذلك.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب -والله أعلم- هو جواز بيعها؛ لصحة حديث جابر، وليس لمن منع من ذلك حديث صحيح صريح.
وقد استدل الجمهور أيضًا بحديث أبي سعيد الخدري في «الصحيحين»
(1)
: أنهم أصابوا سبيًا، فرغبوا في بيعها، وأصابتهم العزوبة، فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن العزل.
فقالوا: يستنبط من الحديث أنها إذا حملت وصارت أم ولد؛ فلا يجوز له بيعها، ولذلك تحرَّج الصحابة من ذلك، وسألوا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن العزل.
وهذا ليس بصريح في التحريم، بل غاية ما يستفاد منه أنَّ الصحابة تحرَّجوا من حملها؛ لأنه لا يريد بيعها وهي حامل منه، وربما أيضًا سيتأخر حتى تضع ويكبر ولدها، ثم يبيعها، وفي التأخر مشقة عليه، ولو سُلِّمَ للجمهور استنباطهم؛ لكان يدل على أنهم كانوا يكرهون بيعها، فلا يدل على أنهم كانوا يرون تحريم ذلك.
تنبيه: جواز بيع أمهات الأولاد مقيد بما إذا لم يفرق بينها وبين ولدها كما سيأتي تقرير ذلك تحت حديث أبي أيوب رضي الله عنه، برقم (795).
(2)
(1)
رواه البخاري برقم (2219)، ومسلم برقم (1438).
(2)
انظر: «المغني» (14/ 585 - )، «النيل» (2614)، «مصنف عبدالرزاق» (7/ 287 - )، «سنن ابن منصور» (2/ 60 - )«المجموع» (9/ 243)«سنن البيهقي» (10/ 345)«البدر المنير» (9/ 753 - ).