الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
797 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: غَلَا السِّعْرُ بِالمَدِيْنَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ غَلَا السِّعْرُ، فَسَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ اللهَ هُوَ المُسَعِّرُ، القَابِضُ، البَاسِطُ، الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلقَى اللهَ تَعَالَى وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» . رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم التَّسْعير
.
التَّسْعير: هو تقدير السلطان، أو نائبه سعرًا لما تكون الحاجة إليه عامة، وإلزام الناس البيع بما قدَّره.
قال ابن القيم رحمه الله في «الطرق الحكمية» (ص 255): ولا يجوز عند أحد من العلماء أن يقول لهم: لا تبيعوا إلا بكذا وكذا؛ ربحتم أو خسرتم. من غير أن ينظر إلى ما يشترون به، ولا أن يقول لهم فيما قد اشتروه: ولا تبيعوه إلا بكذا وكذا. مما هو مثل الثمن، أو أقل. اهـ
وهل يجوز التسعير بجعل شيء من الربح، كأن يكون ثمن السلعة عليه ألف ريال، فيقدِّر له البيع بألف ومائتين، لا يزيد على ذلك؟
(1)
صحيح. أخرجه أحمد (3/ 286)، وأبوداود (3451)، والترمذي (1314)، وابن ماجه (2200)، وابن حبان (4935)، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وجاء عن أبي هريرة عند أحمد (2/ 337) وغيره وإسناده حسن.
• فيه خلاف: فذهب جمهور العلماء إلى عدم الجواز في مثل هذه الصورة، بل منعوا التسعير مطلقًا، واستدلوا على ذلك بحديث الباب، مع قوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29]، وقالوا: إن البائع إذا أُجبر على ألا يبيع سلعته إلا بكذا؛ فإنَّ ذلك يؤدي إلى أكل ماله بالباطل، وهذا القول رجَّحه الصنعاني، والشوكاني.
• وذهب الليث، وربيعة، ويحيى بن سعيد، ومالك في رواية إلى جواز التسعير؛ لأنه إذا لم يسعر فربما يؤدي إلى الإضرار بالمشتري.
• وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمة الله عليهما إلى جواز التسعير في بعض الحالات، وذلك مثل أن يكون غلاء الأسعار بسبب من التجار أنفسهم، كالاحتكار، وما أشبهه. وقالا في حديث الباب: هي قضية معينة ليست لفظًا عامًّا، وليس فيها أنَّ أحدًا امتنع من بيعٍ يجب عليه، أو عملٍ يجب عليه، وما أشبه ذلك، وقد ذكر ابن القيم صورًا أخرى لجواز التسعير في «الطرق الحكمية» (ص 245 - ).
وهذا القول اختاره الإمام ابن عثيمين، والإمام محمد بن إبراهيم، والإمام ابن باز رحمة الله عليهم.
والخلاصة: أنَّ التسعير لا يجوز إلا في حدود ضَيِّقَة، وهي أنه إذا حصل تواطؤٌ من البائعين والسِّلع متوفرة، فتعمدوا إخفاء السِّلع وعدم بيعها إلا بأسعار مرتفعة، وكذلك إذا تلاعب بعض التجار في بعض السلع التي يؤثر احتكارها، أو