الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي حنيفة: يُشترط في الاشتراك أن يكونوا كلهم متقربين بالهدي، وعن زفر مثله بزيادة أن تكون أسبابهم واحدة، وعن داود، وبعض المالكية: يجوز في هدي التطوع دون الواجب، وعن مالك: لا يجوز مطلقًا.
قلتُ: والصواب هو قول الجمهور؛ لحديث جابر في «صحيح مسلم» (1318): خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة.
(1)
قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» (1688): واتفق من قال بالاشتراك على أنه لا يكون في أكثر من سبعة إلا إحدى الروايتين عن سعيد بن المسيب، فقال: تجزئ عن عشرة. وبه قال إسحاق بن راهويه، وابن خزيمة من الشافعية. اهـ
مسألة [159]: إشعار الهدي
.
الإشعار: هو الإعلام، والمقصود به هاهنا أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل دمٌ، ثم يسلته؛ فيكون ذلك علامة على كونه هديًا.
والإشعار يكون في الإبل، والبقر، ولا تُشعر الغنم؛ لأنها ضعيفة لا تتحمل، ولأنَّ الشعر يغطي مكان الإشعار، وقد قال بجواز الإشعار جمهور السلف والخلف؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في «صحيح مسلم» (1243): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلَّى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته، فأشعرها في صحفة سنامها الأيمن، وسلت الدم، وقلَّدها نعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء
(1)
انظر: «الفتح» (1688).
أهلَّ بالحج.
وفي «البخاري» (1694)، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية من المدينة مع بضع عشرة مائة من أصحابه، حتى إذا كان بذي الحليفة قلَّد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي، وأشعره، وأحرم بالعمرة.
وأنكر النخعي، وأبو حنيفة الإشعار، وقال أبو حنيفة: بدعة؛ لأنَّ فيه مُثلةً، وتعذيبًا للحيوان. وقد أنكر عليهم أهل العلم في ذلك؛ لصحة الأحاديث الواردة في ذلك.
(1)
فائدة: قال الإمام الترمذي رحمه الله في «السنن» عقب الحديث (906): والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، يرون الإشعار، وهو قول الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. سمعت يوسف بن عيسى يقول: سمعت وكيعًا يقول حين روى هذا الحديث، فقال: لا تنظروا إلى قول أهل الرأي في هذا؛ فإن الإشعار سنة، وقولهم بدعة.
وسمعت أبا السائب يقول: كنا عند وكيع، فقال لرجل عنده ممن ينظر في الرأي: أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول أبو حنيفة هو مثلة؟ قال الرجل: فإنه قد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: الإشعار مثلة.
قال: فرأيت وكيعا غضب غضبًا شديدًا، وقال: أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتقول: قال إبراهيم. ما أحقك بأن تحبس، ثم لا تخرج حتى تنزع عن
(1)
انظر: «الفتح» (1699)، «المجموع» (8/ 358)، «المغني» (5/ 455)، «البيان» (4/ 411).