الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: الأظهر أنَّ قوله: «وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ» هو كقوله: «نهى عن بيعتين في بيعة» ، وقد تقدم الكلام على بيعتين في بيعة، وأما حمل ذلك على الشرطين الفاسدين، أو المحرمين فهو محمل فاسد؛ لأنَّ الفاسد المحرم لا يجوز، وإن كان شرطًا، وأما حمله على عدم اشتراط أكثر من منفعة؛ فأي فرقٍ بين منفعة، ومنفعتين، وثلاث، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول:«المسلمون على شروطهم؛ إلا شرطًا أحلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالًا»
(1)
.
(2)
مسألة [3]: «وَلا رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ»
.
ذكروا لذلك صورًا:
منها: أن يبيع المشتري السلعة قبل أن يقبضها من البائع، فهي لا تزال في ضمان البائع، وذلك فيما إذا منع البائع المشتري من قبضها.
وأما إذا لم يمنعه؛ فلا تكون من ضمان البائع، بل من ضمان المشتري، ولكن لا يجوز له بيعها؛ لحديث:«نهى أن تُباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم» .
(3)
ومنها: أن يبيع السلعة التي اشتراها من شخص قبل أن يتفرقا من البيع الأول.
(1)
سيأتي تخريجه في «البلوغ» برقم (861).
(2)
انظر: «تهذيب السنن» (5/ 144 - 149)، «المغني» (6/ 321)، «الإنصاف» (4/ 337).
(3)
سيأتي تخريجه برقم (787)، وهو حديث صحيح.
ومنها: أن يبيع المغصوب؛ فهو ليس من ضمانه ضمان الملك وإن كان من ضمانه ضمان غصب.
ومنها: أن يبيع القرض الذي في ذمة فلان لرجل آخر؛ لأنه ليس في ضمانه. وممن منع من ذلك الشعبي، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وابن المنذر. وعلل بعضهم المنع بأنه من الغرر؛ فقد لا يقدر عليه، وهذا القول هو الصحيح، والتعليل بأنه لم يدخل في ضمانه أقوى.
وأجاز ذلك عطاء، والنخعي، وابن سيرين، والحسن، وأيوب، والبتي.
(1)
تنبيه: إذا كان الدين دراهم؛ فلا يجوز شراؤه بدنانير في قولهم جميعًا؛ لأنه يشترط فيه التقابض.
(2)
قال ابن القيم رحمه الله في «تهذيب السنن» (5/ 153 - ): والنهي عن ربح مالم يضمن قد أشكل على بعض الفقهاء علته، وهو من محاسن الشريعة؛ فإنه لم يتم عليه استيلاء، ولم تنقطع علق البائع عنه؛ فهو يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، وإن أقبضه إياه، فإنما يقبضه على إغماض وتأسف على فوت الربح، فنفسه متعلقة به لم ينقطع طمعها منه، وهذا معلوم بالمشاهدة، فمن كمال الشريعة ومحاسنها النهي عن الربح فيه حتى يستقر عليه، ويكون من ضمانه، فييأس البائع من الفسخ، وتنقطع علقه عنه. انتهى المراد.
(1)
«الأوسط» (10/ 47).
(2)
«الإنصاف» (5/ 87) ط/إحياء التراث.