الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [7]: من لم يكن على طريقه ميقات من المواقيت المذكورة
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 63): وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ؛ فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ حَتَّى يَكُونَ إحْرَامُهُ بِحَذْوِ الْمِيقَاتِ الَّذِي هُوَ إلَى طَرِيقِهِ أَقْرَبُ؛ لِمَا رَوَيْنَا أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَالُوا لِعُمَرَ: إنَّ قَرْنًا جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا. فَقَالَ: اُنْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَوَقَّتَ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ وَالتَّقْدِيرِ، فَإِذَا اشْتَبَهَ دَخَلَهُ الِاجْتِهَادُ، كَالْقِبْلَةِ. اهـ
قال ابن قدامة رحمه الله (5/ 63): فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَذْوَ الْمِيقَاتِ الْمُقَارِبِ لِطَرِيقِهِ؛ احْتَاطَ فَأَحْرَمَ مِنْ بُعْدٍ، بِحَيْثُ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ إلَّا مُحْرِمًا .... ، وانظر بقية كلامه.
مسألة [8]: الإحرام قبل الميقات
.
• في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: الأفضل الإحرام من الميقات، ويكره قبله، وهو قول الحسن، وعطاء، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وقولٌ للشافعي، واستدلوا بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الأفضل، وعلَّق البخاري في «صحيحه»
(1)
أثرًا عن عثمان، فقال: وكره عثمان أن يحرم من خراسان، أو كرمان. وهو أثرٌ حسن
(2)
وكان إنكارًا لعبدالله بن عامر عند أن أحرم من خراسان.
(1)
انظر [كتاب الحج باب: 33].
(2)
له طرقٌ يُحسَّن بمجموعها عند سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبدالرزاق كما في «التغليق» (3/ 61)، وكذلك عند البيهقي في «الكبرى» (5/ 31).
وجاء عن عمران بن حصين أنه أحرم من البصرة، فغضب عمر، وقال: يتسامع الناس أنَّ رجلًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أحرم من مصره
(1)
، وهو من طريق: الحسن، عن عمران، ولم يسمع منه، ولم يدرك عمر.
القول الثاني: الأفضل أن يحرم من بلده، وهو قول أبي حنيفة، وقولٌ للشافعي، وكان علقمة والأسود وعبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم.
واحتجوا بحديث أم سلمة مرفوعًا: «من أهلَّ بحجٍّ، أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة» ، وهو حديث ضعيفٌ، أخرجه أبو داود (1741)، وابن ماجه (3002)، وفي إسناده:(حُكَيمة)، وهي مجهولة.
وصحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أحرم من بيت المقدس، أخرجه الشافعي كما في «المسند» (1/ 294)، والبيهقي (5/ 30)، وفي حديث الصبي بن معبد أنه أحرم من العذيب، ثم قال عمر: هُدِيت لسنة نبيك -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
(2)
وجاء عن علي رضي الله عنه في تفسير {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] إتمامها: أن تحرم بها من دويرة أهلك.
وجاء أن رجلًا سأل عمر بن الخطاب عن تمام العمرة، فقال: ائت عليًّا فسله.
(1)
أخرجه مسدد كما في «المطالب العالية» (2/ 18)، والبيهقي (5/ 31)، وابن حزم (7/ 77).
(2)
تقدم تخريجه تحت حديث (693).
فسأل عليًّا، فقال: تمامها أن تنشئها من بلدك. فعاد إلى عمر، فقال: هو كما قال. وهو من طريق: عبدالرحمن بن أذينه عن أبيه، أنه سأل عمرَ فذكره. أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 223).
القول الثالث: عدم جواز الإحرام قبل الميقات، وهو قول الظاهرية، وظاهر تبويب البخاري، فقد بوَّب في «صحيحه»:[باب إهلال أهل المدينة من ذي الحليفة ولا يهلون قبل ذي الحليفة]. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وهو قول داود، وإسحاق. «الفتح» (1522).
واستدلوا بحديث ابن عمر في «الصحيحين» أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة
…
» الحديث.
فقوله: «يهل» خبرٌ مرادٌ به الأمر، والأمر يقتضي الوجوب، وفي رواية للبخاري عن ابن عمر: فرضها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأهل نجد قرنًا، ولأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة. ولمسلم رواية: أمر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أهل المدينة .... الحديث.
قال أبو عبد الله غفر الله له: وهذا القول الثالث هو الصواب؛ لدلالة الأدلة عليه، وأما تفسير علي رضي الله عنه لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} من دويرة أهلك، فقد أخرجه ابن جرير (3/ 329 - 330)، وابن أبي حاتم (1/ 333)، والحاكم (2/ 276)، والبيهقي (5/ 30)، وفي إسناده: عبدالله بن سلمة المرادي، وهو ضعيف، وأما أثره مع عمر ففي إسناده: أذينة والد عبد الرحمن، وهو مجهول، تفرد