الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التبرع التي يكون الغرض منها التعاون لا التجارة، ولكن لا تُقَرُّ بعض النقابات على فعلها من إيداع الأموال في البنوك الربوية، وكذلك إلزام المساهمين معها بدفع الأقساط الثابتة.
وهذه الشركات إذا انتهى عملها في مجالها؛ فإنها ترد للمساهمين معها أقساطهم، كلٌّ بحسب مساهمته؛ فعلى هذا أين العلة التي حرمت من أجلها الشركات التجارية؟
(1)
مسألة [10]: جمعية الموظفين
.
صورتها: يساهم جماعةٌ من الناس بدفع أقساط ثابتة، على أنَّ هذه الأموال على رأس فترة معينة تكون لأحد أفراد الجماعة، ثم الذي يليه بالدور، حتى تمر على آخر فرد منهم، وسمِّيت بـ (جمعية الموظفين) مع أنها قد تكون بين أشخاص غير موظفين؛ بناءً على الغالب في التعامل بها؛ حيث إن غالب من يشترك فيها هم من الموظفين الذين يستلمون رواتب في نهاية كل شهر، وفيها خلاف:
• الشيخ الفوزان على عدم الجواز، وقال: هو قرضٌ جرَّ منفعة، فهو يقرضه بشرط أن يقرضه، وقال: فيه مخاطرة، فربما بعضهم يُعزَل عن وظيفته، أو يموت؛ فلا يستطيع الوفاء، فتضيع حقوق الآخرين.
• الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني، والشيخ مقبل رحمهم الله على الجواز، وهو الراجح إن شاء الله؛ لأنَّ هذا من باب الإقراض واشتراط
(1)
وانظر: «توضيح الأحكام» (4/ 279)«فقه النوازل» (3/ 281 - ).
القضاء؛ ولأن هذه المعاملة لا تنقص المقترض شيئًا من ماله؛ ولأن فيها تعاونًا على البر والتقوى وسدًّا لحاجة الناس وإعانة لهم على البعد عن المعاملات المحرمة.
والجواب عن أدلة من منع:
أنَّ قوله: (يقرضه بشرط أن يقرضه) ليس بمسلم، بل هو يقرضه بشرط أن يقضيه، وهذا لا محظور فيه، وكذلك من يأخذها في المرة الثانية يعتبر مقترضًا ممن يأخذها بعده ومستوفيًا لقرضه من الشخص الذي أخذها قبله، وهكذا من بعده؛ عدا آخرهم فهو إنما يستوفي ما أقرضه لجميع المشاركين في الجمعية.
وقوله: (قرض جرَّمنفعة)، فقد قال ابن القيم رحمه الله كما في «تهذيب السنن» (5/ 153): والمنفعة التي تجر إلى الربا في القرض هي التي تخص المقرض، كسكنى دار المقترض، وركوب دوابه، واستعماله، وقبول هديته؛ فإنه لا مصلحة له في ذلك، بخلاف هذه المسائل -يعني مسألة السفتجة، وسيأتي ذكرها إن شاء الله فيما بعد تحت حديث (848)؛ فإن المنفعة مشتركة بينهما، وهما متعاونان عليها، فهي من جنس التعاون والمشاركة. اهـ
وعلى هذا فيقال: (كل قرض جرَّ منفعةً، زائدة، متمحضة، مشروطة للمقرض على المقترض، أو في حكم المشروطة؛ فإنَّ هذه المنفعة ربا).
وقوله: (فيه مخاطرة)، فيجاب عنه بأنَّ الاحتمال المذكور وارد على جميع
العقود، ولكن في حالة الموت يُقضى المقرضون من تركته، وبالله التوفيق.
(1)
تنبيه: المسألة في (جمعية الموظفين) مفروضة فيما إذا لم يحصل شروط، وأما إذا حصلت شروط؛ فحكمها ينبني على تلك الشروط، وهناك شرطان ينتشر ذكرها في هذه الجمعيات:
الأول: أن يشترط على جميع الراغبين في المشاركة الاستمرار فيها حتى تستكمل دورة كاملة.
وحقيقة هذه الصورة: (اشتراط الإقراض من طرف آخر)؛ لئلا ينقص المقدار الذي يستقرضه كل واحد منهم؛ فكأن كل واحد من المشتركين يقول: (لن أقرض زيدًا وخالدًا إلا بشرط أن يقرضني بكر وعمرو)، وهذه الصورة جوَّزها الإمام العثيمين رحمه الله؛ لأنَّ المنفعة التي تجعل القرض ربا هي ما كانت متمحضة ومشروطة للمقرض على المقترض، أو في حكم المشروطة، كما تقدم في كلام ابن القيم رحمه الله، ولا يشترط أن تتمحض المنفعة للمقترض، بل لو انتفع المقرض من ذلك منفعة مساوية، أو أدنى من منفعة المقترض؛ فإنَّ ذلك جائز كما في مسألة (السفتجة).
الثاني: أن يشترط على جميع الراغبين الاستمرار في دورة ثانية، وثالثة.
وهذه الصورة لا تجوز؛ لأنَّ الإنسان يقع في مسألة (أقرضك بشرط أن تقرضني)؛ فهي منفعة متمحضة للمقرض جرَّها القرض؛ فهي ربا.
(2)
(1)
انظر: كتاب «المنفعة في القرض» لعبدالله العمراني (ص 605 - 635).
(2)
انظر: كتاب «المنفعة في القرض» لعبدالله العمراني (ص 634 - 637)«مجلة البحوث الإسلامية» (27/ 349).